لا يزال مصير الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي البالغ 63 عامًا مجهولًا بعد تعرض طائرة كانت تقله ومسؤولين آخرين لحادث وسط أحوال جوية سيئة في منطقة جبلية نائية.
رئيسي الذي بدأ مسيرته السياسية في السنوات التي أعقبت الثورة الإسلامية عام 1979 والمعروف عنه قربه من المرشد الأعلى علي خامنئي، تولّى السلطة بعد فوزه في انتخابات عام 2021.
إبراهيم رئيسي ثامن رؤساء إيران
ومنذ صعوده إلى سدة الرئاسة كثامن رؤساء إيران، تعززت حظوظ رئيسي الذي ينحدر من مدينة مشهد الواقعة شمال شرق إيران لتولي منصب المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية فيما بعد، كونه أحد أعضاء مجلس خبراء القيادة المسؤول عن اختيار "المرشد".
ولد رئيسي في مدينة مشهد في نوفمبر/ تشرين الثاني 1960، وبدأ بتولي مناصب عامة في سن مبكرة؛ حيث عُين بعد وفاة مؤسّس الجمهوريّة الإسلاميّة روح الله الخميني عام 1989، مدّعيًا عامًا للعاصمة طهران، وكان عمره 29 سنة فقط.
تم تعيينه من قبل خامنئي في 2016 على رأس المؤسسة الخيرية "أستان قدس رضوي" المكلفة بتسيير شؤون ضريح الإمام رضا (ثامن خليفة للرسول محمد حسب المذهب الشيعي).
وترأس إبراهيم رئيسي المؤسسة لمدة ثلاث سنوات، الأمر الذي منحه قوة سياسية كبيرة ونفوذًا كبيرًا في أروقة الدولة الإيرانية، فيما حظي بدعم من قبل غالبية السياسيين والعسكريين الذين يسيرون البلاد.
وبعدما بقي لثلاث سنوات في هذا المنصب، عينه خامنئي رئيسًا للسلطة القضائية الإيرانية في مارس/ آذار 2019 وهو منصب حساس وكلفه بـ"مكافحة الفساد".
وغداة تعيينه في هذا المنصب، شرع إبراهيم رئيسي في محاكمة مسؤولين إيرانيين كبار وقضاة بتهمة "الفساد".
وفي يونيو/ حزيران 2021 أعلنت اللجنة الانتخابية، فوز إبراهيم رئيسي بـ61,95% من الأصوات في الانتخابات الرئاسية.
وعلى الرغم من أنه من الوجوه البارزة للتيار المحافظ، ومن علاقته بالحرس الثوري الإيراني وكذلك بالعديد من النواب داخل البرلمان الحالي - حيث طالب أكثر من 200 نائب برلماني بترشيحه للانتخابات - أعلن رئيسي في بيان رسمي عن ترشحه بشكل مستقل، قائلًا: "مع احترامي لجميع المرشحين والجماعات السياسية، سأتقدم (للانتخابات) بشكل مستقل".
وباتت السلطات الثلاث في الجمهورية الإسلامية، أي التنفيذية والتشريعية والقضائية، بيد التيار المحافظ المتشدد منذ فوز إبراهيم رئيسي في الانتخابات الرئاسية.
إبراهيم رئيسي و"محاربة الفساد"
وجعل إبراهيم رئيسي محاربة الفساد قضيته الأساسية وأحد شعارات حملته الانتخابية. أكثر من ذلك، فقد قدم نفسه على أنه "عدو الفساد والأرستقراطية وعدم الكفاءة". كما وعد حينها في حال أصبح رئيسًا لإيران بمكافحة "الفقر".
ويحظى إيراهيم رئيسي بصلاحيات تنفيذية ويشكل الحكومة، لكن الكلمة الفصل في السياسات العامة تعود إلى المرشد.
وعند فوز رئيسي بالرئاسة، طوى صفحة عهد حسن روحاني الذي بدأ في 2013 وتخلّله انفتاح نسبي على الغرب توّج بإبرام اتفاق عام 2015 بين طهران والقوى الكبرى بشأن برنامج إيران النووي، بعد أعوام من التوتر.
وكان رئيسي خسر انتخابات 2017 أمام روحاني، رغم نيله 38% من الأصوات.
وفي الانتخابات الرئاسية عامي 2017 و2021، كان اسم رئيسي الأبرز من بين المرشحين للوصول إلى رئاسة الجمهورية.
أحد طلاب خامنئي
وكان رئيسي أحد طلاب خامنئي، في إحدى المدارس الدينية بمدينة مشهد، وقد عمل بوحي الدروس الدينية والفقهية لخامنئي.
ووفق سيرته الذاتية الرسمية، قام رئيسي، الذي يعرف بردائه الديني ونظارتيه الرفيعتين ولحيته المشذّبة التي غزاها الشيب، بتدريس مواد فقهية ودينية في الحوزات العلمية اعتبارًا من عام 2018، خصوصًا في مدينة مشهد المقدسة، مسقط رأسه.
يوصف إبراهيم رئيسي بأبرز أقطاب التيار المحافظ في إيران، وقد انتقد مرات عدة التعويل على من يصفهم بالأعداء لرفع العقوبات عن إيران وتحسين الواقع الاقتصادي فيها في إشارة إلى دول غربية، وطالب رئيسي مرارًا بالتركيز على الجهود المحلية للحد من آثار العقوبات الغربية.
وإبان تعيينه رئيسًا للسلطة القضائية عام ألفين وتسعة عشر، فرضت عليه واشنطن عقوبات إثر اتهامه بالمسؤولية عن إعدام معتقلين سياسيين في الثمانينيات وقمع اضطرابات عام ألفين وتسعة.
عهد جديد مع السعودية وقصف إسرائيل
وعلى مستوى السياسة الخارجية، فتحت إيران عهدًا جديدًا مع السعودية بعد قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين عام 2016.
وشكلت القمة العربية الإسلامية المشتركة غير العادية في الرياض، فرصة للقاء ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، في 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023 وذلك للمرة الأولى منذ توصل البلدين لاتفاق تقارب وصف بـ "التاريخي" بوساطة صينية في مارس/ آذار من العام ذاته.
كما سجل في فترة حكم رئيسي شن إيران ولأول مرة هجومًا غير مسبوق بالمسيّرات والصواريخ على إسرائيل ليل 13-14 أبريل/نيسان الفائت.
وجاءت الضربة الإيرانية ردًا على تدمير القنصلية الإيرانية في سوريا في مطلع إبريل/ نيسان 2024، بضربة إسرائيلية بقلب دمشق، قُتل فيها سبعة عناصر في الحرس الثوري بينهم ضابطان رفيعان.
كما زار رئيسي في 3 مايو/ أيار 2023 العاصمة السورية دمشق، في زيارة رسمية هي الأولى لرئيس إيراني لهذا البلد منذ عام 2010.