السبت 14 Sep / September 2024

أثار مخاوف من ضرب حرية التعبير.. لمَ يهاجم سعيّد مواقع التواصل الاجتماعي؟

أثار مخاوف من ضرب حرية التعبير.. لمَ يهاجم سعيّد مواقع التواصل الاجتماعي؟

شارك القصة

"للخبر بقية" يناقش المشهد التونسي على وقع الهجوم الذي شنه سعيد على مواقع التواصل الاجتماعي وتلويحه بورقة الحجب (الصورة: الرئاسة التونسية)
يرى نشطاء أن انزعاج سعيّد من شبكات التواصل تفجّر عقب نشر صور اعتبرها مفبركة لواقع المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء، بعد طردهم من صفاقس.

هاجم الرئيس التونسي قيس سعيد بشراسة منصات التواصل الاجتماعي، معتبرًا أنها لم تعد كذلك.

ورأى أن هذه المنصات قد تحوّلت إلى أدوات لهتك الأعراض، والتحريض على القتل، وأداة لقذف مسؤولي الدولة، على حد وصفه، متهمًا ما أسماها بدوائر معروفة في الداخل والخارج بضرب الأمن القومي. 

وأشار إلى موقف الاتحاد الأوروبي الحازم والمعلن في الفترة الأخيرة من أي منشور إلكتروني يدعو إلى الكراهية أو العصيان أو العنف بحجب شبكة التواصل الاجتماعي، مع تحميل الجهة المعنية المساءلة القانونية.

"خنْق للفضاء العام الرسمي"

وبحسب نشطاء ومتابعين، فإن انزعاج الرئيس التونسي من شبكات التواصل الاجتماعي تفجّر عقب نشر صور اعتبرها مفبركة لواقع المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء، بعد طردهم من مدينة صفاقس.

وكان هذا الأمر أثار حملة إعلامية جرت معها منظمات حقوقية واتهامات للسلطات بمخالفة المعايير الدولية والإنسانية.

وقد أثار موقف سعيد الجديد المخاوف من التوجّه نحو معركة أخرى في سياق التضييق على الحريات؛ وهي مخاوف تتعزز في نفوس معارضيه الذي يقولون إنه خنْق للفضاء العام الرسمي من أحزاب ومنظمات مجتمع مدني ونقابات وإعلام.

ويعتبر نشطاء أن الرجل على ما يبدو يتجه بالفعل إلى حجب الفضاء الإلكتروني، وهو المعروف بتحسّسه تجاه وسائل التواصل الاجتماعي والفضاءات البديلة. 

وتجلى ذلك سابقًا حينما أقدم على حل البرلمان عقب عقد أعضائه جلسة افتراضية، بعدما تعذر اجتماعهم في قاعة المجلس.

"الحديث عن مواقع تحاول التشويه حقيقة"

تعليقًا على المشهد، يلفت القيادي في حركة الشعب محمد بوشنيبة، إلى أنه من حيث المبدأ لا خلاف حول مسألة حرية التعبير، موضحًا أن الحركة تعتبر أن التعبير حر، وهو مكفول بالدستور لكل مواطن ومواطنة.

ويذكر في حديثه إلى "العربي" من تونس، بالدور الفعّال الذي لعبته مواقع التواصل الاجتماعي في الثورة التونسية، حيث كانت تلك المواقع وسيلة لنقل المعلومة وكشف الحقائق التي كان نظام بن علي يحاول طمسها وإخفاءها.

لكن بوشنيبة يرى أن الحديث عن مواقع تحاول التشويه هو حقيقة، مقدمًا على سبيل المثال ما تعرضت له الحركة من جانب مواقع تحاول تزييف الحقائق "قوّلت" قيادات الحركة كلامًا أثبتت بعض المواقع المختصة في التثّبت من الأخبار المغلوطة أنه كاذب وغير صحيح.

وحول ملف المهاجرين، يتحدث عن نفاق دولي حقيقيًا يمارس على تونس ويحاول التضييق عليها بسبب هذا الملف.

وبينما يؤكد أن لكل إنسان الحق في أن يعيش بسلام وأن يتنقل بسلام، يعتبر أن "الدول التي ترفع صوتها بالنفير بحقوق الإنسان مات أناس كثر على سواحلها وأُغرقت سفن كثيرة.. ولم تحرك المنظمات الدولية ساكنًا". ويضيف: "باعتبار أن الموضوع يتعلق بتونس، فإن المسألة تصبح إنسانية وكارثية".

"لا نية لدى سعيد بمكافحة التضليل"

بدورها، تلفت مؤسسة "منصة فالصو" للتحقق من الأخبار زينة الماجري، إلى أن أغلب المحتوى الذي وصل المنصة، لا سيما بعد أزمة مهاجري جنوب الصحراء في صفاقس، صحيح.

وتعود في حديثها إلى "العربي" من تونس، إلى "بداية الأزمة في فبراير/ شباط 2023 عندما تبنى رئيس الجمهورية نظرية الاستبدال الكبير أو الاستيطان، وتغيير التركيبة الديمغرافية، بناء على تقرير قام به حزب مكوّن من ثلاثة أشخاص فقط لا خلفية علمية ولا سياسية ولا حزبية لهم"، على حد وصفها.

وتوضح أن أحد مؤسّسي الحزب قال للمنصة بشأن المعلومات، التي استند إليها التقرير الذي تم إرساله إلى سعيد في ديسمبر/ كانون الأول 2022، أنها من الإنترنت وفيسبوك.

وتقول إن رئيس الجمهورية نفسه تبنى خطاب بروباغندا وخطابًا زائفًا ومضللًا تم تسويقه له إما عبر قيادات وتقارير أمنية، أو أنه اختار تصديق تلك التقارير المبنية على مغالطات بخصوص وضعية أفارقة جنوب الصحراء في تونس.

إلى ذلك، تعتبر مؤسسة منصة "فالصو" أن سعيد لو كانت لديه نية لمكافحة التضليل والأخبار الزائفة والمحتوى السلبي على مواقع التواصل الاجتماعي لرأينا أن تأثير المرسوم رقم 54 في الاتجاهين: باتجاه مناصريه كما معارضيه.

وتتدارك بالإشارة إلى أن ما تشهده تونس هو أن المرسوم 54، لا سيما في الفصل 24 المتعلق بالأخبار الزائفة، موجه حصرًا ضد معارضيه.

وتؤكد أن لا نية لدى قيس سعيد بمكافحة التضليل، لأنه هو نفسه وماكينة الصفحات والمجموعات الفيسبوكية خدمته لسنوات، وكان لها الفضل الأول في صعوده كرئيس عام 2019.  

"تعامل انتهازي مع منصات التواصل"

من جانبه، يتحدث نقيب الصحافيين التونسيين محمد ياسين الجلاصي عن تعامل انتهازي من قبل السلطة وكل الحكومات مع منصات التواصل الاجتماعي، ولا سيما منصة فيسبوك الأكثر انتشارًا في شمال إفريقيا على الأقل.

ويذكر في إطلالته عبر "العربي" من تونس، بأن السلطة دائمًا ما تستعمل هذه المنصات من أجل الترويج لخطاباتها ومواقفها، وكذلك مهاجمة خصومها وكل من ينتقدها، فيما تضيق ذرعًا بكل نقد وفضح لممارساتها، أو لبعض الممارسات الموجودة حقيقة على الأرض.

ويقول: حتى لو سلمنا بصحة كلام رئيس الجمهورية بوجود صور مفبركة لمهاجرين أفارقة جنوب الصحراء في تونس، لا تكمن المشكلة في هذا الأمر، بل في وجود تعاط سلبي وعنصري مع المهاجرين في تونس. 

ويشير نقيب الصحافيين التونسيين إلى تعرّض العشرات من المهاجرين للإهانة والطرد والضرب وحملات التهجير والتحريض والعنف، وهو أمر لا يمكن لأحد إنكاره أو وصفه بالمفبرك أو التضليل، وفق ما يشدد.

وبينما يسأل: "ما معنى فرض رقابة على محتويات فيسبوك أو منصات التواصل الاجتماعي؟"، يردف بالقول إن الأمر يعني مباشرة الحجب. ويتحدث عن نزوع نحو التضييق.

تابع القراءة
المصادر:
العربي
تغطية خاصة
Close