تنتظر طهران قرار واشنطن السياسي لحسم مصير المفاوضات النووية، فيما يواصل المسؤولون الإيرانيون ترتيب البيت الداخلي خلف الأبواب الموصدة.
فالبرلمان الذي ألزم حكومة الرئيس السابق حسن روحاني بالمضي قدمًا ببرنامج إيران النووي في فبراير/ شباط من العام الماضي، أعطى الفريق المفاوض لحكومة إبراهيم رئيسي الصلاحيات الكاملة في عملية التفاوض، من دون حاجة للبرلمان للمصادقة على ما يمكن أن يُتفق عليه في فيينا.
أجواء إيجابية
وتسود أجواء إيجابية حذرة في إيران. وقال مستشار الوفد الإيراني لفيينا محمد مرندي في حديث لـ"العربي": "حتى الآن الأجواء إيجابية لكن يجب أن نصبر". وأشار إلى "قلق إيران بشأن ثلاث قضايا، ولا سيما الضمانات التي يجب أن تصعّب الأمر على أميركا".
ويقابل الانتظار السياسي ترقب اقتصادي، حيث يصعب بيع العملات الأجنبية وشراؤها، فالسوق تترقب نتائج المفاوضات التي حسّنت أخبارها الإيجابية الريال الإيراني أمام الدولار الأميركي.
ويشير أستاذ العلوم السياسية في جامعة طهران حسين رويران إلى أن العالم الغربي بحاجة إلى إعادة التوازن إلى سوق النفط. ويقول لـ"العربي": "إن هذا لا يتم إلّا من خلال الاتفاق النووي مع إيران.
وعلى الصعيد الإعلامي، وبرغم سعي الحكومة الإيرانية لإبعاد المفاوضات النووية عن دائرة الضوء والمضي في سياسة إبطال أثر العقوبات، باتفاقيات إستراتيجية مع قوى عالمية وتعزيز العلاقات مع الجوار، إلا أن الاتفاق النووي عاد ليتصدر الأخبار في البلاد مجددًا.
"أجواء إيجابية"
وفي هذا الإطار، يرى الكاتب الصحافي محمد سطوحي أن هناك إحساسًا بأن الأمور اقتربت من الحل، وذلك بسبب عدم وجود بديل آخر، ولا يمكن أبدًا القبول بفشل المفاوضات النووية، لأن ذلك سيضع الطرفين أمام خيارات صعبة، لا يريد أي منهما الدخول فيها بخاصة مع احتمالية المواجهة العسكرية.
وفي حديث لـ"العربي" من نيويورك، يلفت سطوحي إلى أن هناك أجواء إيجابية وتفاؤلًا بإمكانية الوصول إلى اتفاق، وذلك ينبع من أن الجانب الإيراني أسقط مطلبيه الأساسيين اللذين كانا يعوقان التواصل إلى اتفاق حسبما يُقال في واشنطن، وهما إسقاط الحرس الثوري من قائمة المنظمات الإرهابية، ومسألة الضمانات بألا تخرج أي حكومة أميركية مقبلة من الاتفاق الجديد كما فعلت إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب.
ويشير سطوحي إلى أن هناك مطالب إيرانية أخرى جديدة وهي إيقاف التحقيقات من جانب الوكالة الدولية للطاقة الذرية في أي خروقات كانت تراها خلال السنوات الماضية، وعدم تعرض طهران لأضرار في حال خروج الولايات المتحدة أو أي دولة عن الاتفاق فيما بعد.
ويضيف الكاتب الصحافي أن الأجواء في واشنطن أيضًا إيجابية، لأن المطالب الإيرانية ليست نهائية وحادة، وأن هناك مجالًا للأخذ والرد، كما أن هناك حلولًا وسطًا، بالنسبة للمطالب الإيرانية المتعلقة بإنهاء التفتيشات الخاصة بالوكالة الذرية.
ويوضح سطوحي أن الإدارة الأميركية منذ تولي جو بايدن سدة الحكم، ترى أن الاتفاق النووي ضروري للغاية والتوصل إليه هو البديل الوحيد المطروح والمقبول لتفادي أي صدامات عسكرية.
الاقتراح الأوروبي
وكان الاتحاد الأوروبي، منسّق مفاوضات إحياء الاتفاق الذي انسحبت الولايات المتحدة أحاديًا منه قبل أربعة أعوام، قدّم الأسبوع الماضي اقتراح تسوية "نهائيًا"، داعيًا طهران وواشنطن اللتين تتفاوضان بشكل غير مباشر، للرد عليه أملًا بتتويج مباحثات بدأت قبل عام ونصف عام.
وأفادت وكالة الأنباء الرسمية "إرنا" فجر الثلاثاء أن طهران قدمت "ردها خطيًا على النص المقترح من قبل الاتحاد الأوروبي"، معتبرة أنه "سيتم التوصل إلى اتفاق إذا كان الرد الأميركي يتسم بالواقعية والمرونة".
وأكد كل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة أن الردّ يخضع للتقويم.
وأتاح اتفاق عام 2015 بين طهران وست قوى دولية كبرى، رفع عقوبات عن الجمهورية الإسلامية لقاء خفض أنشطتها النووية وضمان سلمية برنامجها. إلا أن الولايات المتحدة انسحبت أحاديًا منه خلال عهد رئيسها السابق دونالد ترمب، معيدة فرض عقوبات قاسية على إيران التي ردت ببدء التراجع تدريجًا عن غالبية التزاماتها.