يحقق القضاء في باريس في مسؤولية شركة أسلحة فرنسية بشبهة ضلوعها في جرائم حرب، خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في يوليو/ تموز من عام 2014.
ورفع الدعوى ضد الشركة ضحايا قصف أسفر في 17 يوليو من ذلك العام عن استشهاد ثلاثة أطفال وإصابة اثنين بجروح.
فعصر ذلك اليوم، كان خمسة أطفال من عائلة شحيبر يقدّمون الطعام لطيور الحمام على سطح منزلهم في حي الصبرة شمالي غزة، عندما أصابهم صاروخ.
على الأثر، استشهدت فلة (8 أعوام) ووسيم (9 أعوام) وجهاد (13 عامًا)، فيما أُصيب ابنا العم عدي البالغ (16 عامًا) وباسل (9 أعوام) ونُقلا إلى المستشفى في حالة خطرة.
وذكر محامي عائلة شحيبر الفرنسي جوزيف برهام، أن منزلها أُصيب خلال وقف لإطلاق النار في حي لم يسبق أن "استهدف بقصف" لأنه لا يضم "أي هدف عسكري". وبينما أكد أن ما حصل "جريمة حرب"، رفض فرضية "الخطأ".
"عتاد حرب"
وقد عُثر في أنقاض المبنى على قطعة سوداء اسطوانية الشكل تحمل عبارة "أوروفاراد-باريس-فرنسا"، التي مُحيت جزئيًا.
وبحسب وكالة "فرانس برس"، تفيد التحاليل بأن الأمر يتعلق بجهاز استشعار من صنع الشركة الفرنسية "أوروفاراد"، التي اشترتها في العام 2015 شركة صناعة الأسلحة "إكسيليا تكنولوجيز" وبيعت بعد ذلك إلى شركة رافاييل الإسرائيلية.
وتُعتبر هذه القطعة "عتاد حرب"، على ما جاء في وثائق اطلعت عليها الوكالة، استُخدمت في توجيه أجنحة الصواريخ المحشوة كريات فولاذ التي صمّمتها هذه الشركة.
في العامين 2016 و2017، رُفعت شكويان ضد "إكسيليا". وفُتح بعد ذلك تحقيق قضائي في فرنسا مطلع 2018 بشبهة التواطؤ في ارتكاب جرائم حرب من خلال هجوم متعمد على مدنيين والقتل العمد وغير العمد.
ويرى برهام أنه للمرة الأولى تطرح أمام القضاء الفرنسي مسألة توصيف ممارسات الجيش الإسرائيلي "في غزة والضفة الغربية" و"مسؤولية" شركات صناعة الأسلحة.
وقد طالب المحامي بوقف الإفلات من العقاب الذي يستفيد منه تجار الأسلحة، وتطبيق معاهدة الاتجار بالأسلحة التي تنصّ على منع الصادرات أو إعادة النظر بالتراخيص، عندما يتعلّق الأمر بدول يشتبه بارتكابها جرائم حرب.
بدورها، أشارت محامية "إكسيليا" فاليري مونوز-بونس إلى أنه "بعد سبع سنوات على مباشرة هذا الملف لم يصدر أي اتهام للشركة"، قائلة إن التحقيق الأول الذي "تعاونت معه الشركة بالكامل" حُفظ "لعدم توافر عناصر كافية بحصول مخالفة".
"سنتمكن من المطالبة بحقنا"
إلى ذلك، قال عدي شحيبر، الذي حضر إلى فرنسا رفقة والديه وعمّه وابن عمه باسل لتستمع إليهم القاضية المكلفة التحقيق: "عندما تبلّغت أن بإمكاننا المجيء إلى فرنسا لم أنم طوال الليل، لأني كنت سعيدًا جدًا إذ سنتمكن من المطالبة بحقنا".
وأضاف: "أصبت عندما كنت في السادسة عشرة وأبلغ اليوم الخامسة والعشرين، لقد ذهبت كل هذه السنوات هدرًا".
بدوره، علّق باسل الذي أُصيب إصابة بالغة في الجمجمة بالقول: "طلبنا المجيء إلى فرنسا في إطار هذه القضية لأننا نريد حلًا وعلاجًا. في غزة نفتقر إلى كل شيء ولا يزال في جسمي شظايا القذيفة".
وفي صيف عام 2014، شنّ الاحتلال الإسرائيلي تحت اسم "الجرف الصامد" عملية عسكرية على قطاع غزة استمرت 51 يومًا وأسفرت عن 2322 شهيدًا و11 ألف جريح.
وبين 8 يوليو و26 أغسطس/ آب 2014 تعرّض القطاع الفلسطيني المحاصر، الذي يُعرف بأنه أكثر المناطق كثافة من حيث السكان في العالم، لعدوان عسكري إسرائيلي جوي وبري، ارتكبت خلاله إسرائيل مجازر بحق 144 عائلة.
وما كان في حينه ثالث حرب على قطاع غزة تشنها إسرائيل منذ انسحابها منه عام 2005، تبعه المزيد من جرائم الاحتلال في الأعوام التالية.