يحتل قطاع التعليم في لبنان المرتبة العاشرة عالميًا في تقرير التنافسية الصادر عن منتدى الاقتصاد العالمي، لكن العديد من المعلمين فروا من البلاد مع تفاقم أزمتها المالية، فيما تهاجر العائلات التي ترغب في تعليم أبنائها في ظروف أفضل.
وقد طرأت تحديات جديدة على القطاع التعليمي تتعلق بارتفاع الأقساط نتيجة استيراد المدارس للمستلزمات الدراسية من خارج البلاد تزامنًا مع انهيار الليرة أمام الدولار الأميركي.
وتتمثل صعوبات جسيمة بعدم قدرة الطلاب والمعلمين على الوصول إلى المدارس نتيجة الأزمة المستفحلة في قطاع المحروقات وارتفاع أسعارها بشكل جنوني.
حال عمر منصور كحال غالبية العائلات اللبنانية التي باتت تسلك الطرق مشيًا على الأقدام لصعوبة الحصول على وسيلة نقل أو على وقود لتعبئة من يملك وسيلة نقل، وبات يعود من عمله مشيًا لإعادة ابنته من مدرستها أيضًا عبر السير على الأقدام.
التوك التوك بدل الباص
أزمة أخرى تعيشها عائلة أخرى، والدة أحد أطفال الروضة تتخوف من عدم إكمال عام طفلها الدراسي بسبب طلب باص النقل يوميًا أربعين ألف ليرة لبناني وهي التي كانت تدفع له شهريًا مئة ألف ليرة فقط.
وتروي أن القسط أصبح 9 ملايين بعد أن كان مليونين ونصف المليون وهو رقم لا تقدر على تأمينه.
وفي منطقة أخرى يستعين بعض أهالي التلامذة بسائق التوك التوك الذي انتشر مؤخرًا في لبنان نتيجة أزمة المحروقات.
بعد سنتين يعود الطلاب والتلامذة إلى المدرسة بعدما غابوا عنها نحو سنتين بسبب انتشار وباء كورونا.
ويطالب الأهالي بأن تكون العودة إلى المدارس مقرونة بحلول عاجلة تتعلق بمعالجة مشكلاتهم اللوجستية والمالية، محذرين من تجاهلها لما لها من تداعيات تؤثر على التعليم في بلد حاز مكانة عليا في الركب العالمي التربوي.
"إبادة ترتكب بحق القطاع"
وأكدت رئيسة لجنة الأساتذة المتعاقدين في التعليم الرسمي نسرين شاهين عدم إعلان أي مسؤول معني في السلطة المتمثلة بالحكومة الجديدة عن أي خطة او رؤيا لإنقاذ القطاع التعليمي.
وأشارت شاهين في حديث إلى العربي من بيروت إلى أن نحو 30% فقط من المدارس الخاصة فتحت أبوابها أمام التلامذة والطلاب الذين يتحدرون من أُسر ميسورة فيما تتخبط آلاف العائلات الفقيرة، لافتة إلى أن 70% من المدارس الخاصة الأخرى لم تبدأ بعد، ومحذرة من عدم البدء بتسجيل التلامذة والطلاب في المدارس الرسمية.
وأوضحت شاهين أن السلطة هي المسؤولة الأساس عمّا وصفته بالمجزرة بحق القطاع التعليمي عبر تهميش المدرسة الرسمية والتركيز على المدارس الخاصة المحسوبة بمعظمها أيضًا على الطوائف المحكومة من الأحزاب والداخلة في منظومة المحاصصة بين الأطراف الحاكمة.
واتهمت شاهين السلطة بتهديد مستقبل مليون لبناني وهو عدد الطلاب الموزعين على المدارس في لبنان واصفة ما يحدث بأنه "إبادة للقطاع التعليمي"، وأكدت أن أهالي الطلاب والمعلمين لن يستطيعوا الذهاب إلى المدارس لأن رواتبهم لا تعادل 50 دولارًا وهو مبلغ لا يشتري لهم أكثر من صفيحتي بنزين.