يترقب العراق يوم الأربعاء المقبل إعلان تحالف سياسي جديد وعقد جلسة للبرلمان بهدف التصويت على استقالة رئيس المجلس محمد الحلبوسي أو تجديد التصويت له.
وقد يخرج الحلبوسي من باب البرلمان مستقيلًا ليعود إليه رئيسًا بأصوات تحالف "إدارة الدولة" الجديد الذي يضم الإطار التنسيقي والحزبين الكرديين "الديمقراطي" والاتحاد الوطني" إلى جانب تحالف العزم وتحالف سيادة وكتلة "بابليون" المسيحية.
الحزب الديمقراطي الكردستاني وصف خطوة الحلبوسي بتقديم استقالته بـ"الذكاء السياسي" عبر حصد أصوات من لم يصوتوا له في السابق وليضيف لرصيده أصوات الجسم السياسي الجديد.
ومن أوراق التحالف الجديد المسربة قبل إعلان ولادته رسميًا، وثيقة الاتفاق السياسي لاستئناف عقد جلسات مجلس النواب واختيار رئيسين للجمهورية والوزراء وتأليف حكومة وفق مبدأ التوافق.
الوثيقة لا تغفل عن بنود تخص قانون العفو العام وحقوق المحافظات المصدرة للنفط وقانون النفط والغاز ورغبة الكتل السنية بإخراج الجيش والحشد الشعبي من مراكز المدن وتعديل قانون الانتخابات التشريعية لإجرائها بعد عام من التعديل.
هذا الاتفاق السياسي متكامل الأضلاع باستثناء أنه ينأى بنفسه عن تمثيل التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر.
وتقول أطراف في الإطار التنسيقي: إن باب تحالف "إدارة الدولة" مفتوح أمام التيار. معتبرة أن الأخير هو من قرر اعتزال العمل السياسي، وترى أن الإطار حاول فتح فجوة في جدار الانسداد مع الصدريين بتلميحه إلى إمكانية التراجع عن ترشيح محمد شياع السوداني لرئاسة الحكومة.
لكن التيار الصدري يرى فيما يجري لعبة من الإطار التنسيقي لتشكيل كتلة برلمانية تفوق أعضاءه من حيث العدد، ويتمسك بأنه الكتلة النيابية الأكبر وفق نتائج الانتخابات والتمثيل الشعبي وأنه المخول بمنطق الغالبية تسمية الرئاسات.
في غضون ذلك، ستكون العاصمة بغداد ومحافظات الجنوب والوسط على موعد السبت المقبل مع تظاهرات دعي إليها إحياء لذكرى حراك تشرين في ظل توجس من القوى الأمنية من إمكان استثمار التيار الصدري لهذه اللحظة في تغذية التظاهرات من دون أن يكون أنصاره في واجهة أحداثها.
"خروج من الاتفاق مع التيار الصدري"
وفي هذا الإطار، يوافق رئيس مركز بغداد للدراسات مناف الموسوي على تصنيف استقالة الحلبوسي بـ"الذكاء السياسي" من خلال فرض عملية التجديد له على الشركاء السياسيين.
ولفت في حديث إلى "العربي" من بغداد إلى أن الحلبوسي يريد أن يكون التصويت واضحًا له وبالتالي وضوح في عملية إعادة تجديد الثقة به.
ورأى أن الحلبوسي بخطوته هذه ضرب أكثر من عصفور بحجر واحد، حيث وجه رسالة إلى الخصوم السياسيين الُسُنة وأثبت أنه الزعيم الأوحد لدى المكون السني.
واعتبر أن ما قام به الحلبوسي قد يكون أيضًا خروجًا "بشكل مهذب" من الاتفاق مع التيار الصدري ومنعًا للحرج أمام هذا التيار لناحية انعقاد الجلسة وما يليه.
"خطوة ذكية"
بدوره، يؤكد الأكاديمي والباحث السياسي فاضل البدراني أن خطوة استقالة الحلبوسي اتخذت بطريقة ذكية وبالتوقيت المناسب.
وقال في حديث إلى "العربي" من بغداد: "إذا كان الحلبوسي في الفترة الماضية يعد شريكًا للتيار الصدري وخصمًا للإطار التنسيقي، فإن الصورة تحولت اليوم باتجاه تحالف جديد للمضي بتشكيل الحكومة".
وأشار إلى أن الحلبوسي أراد أن يؤكد للتيار الصدري أنه شريك وباق معه، وأن عملية دخوله إلى التحالف الجديد هي بهدف إتمام "استحقاقات الواقع" التي فرضت عليه.
كما أن رئيس مجلس النواب أراد بحسب البدراني أن يثبت للإطار التنسيقي أنه قوي على عكس ما كانت تتحدث به بعض الآراء الأخرى.
ترجيح رفض استقالة الحلبوسي
النائب السابق عن الحزب الديمقراطي الكردستاني عبد السلام برواري أكد أنه يعارض وجهة النظر التي تقول: إن خطوة الحلبوسي كانت مفاجئة وإنه لم يستشر أحدًا قبل الإقدام عليها.
ورأى في حديث إلى "العربي" من أربيل أن الحلبوسي بحث خطوته مع الإطار التنسيقي أو أنه يبني على عقلانية من قبل هذا الفريق، معتبرًا أن فرضية قبول "الإطار" للاستقالة قد تدل على قصر نظر.
برواري الذي شدد على أن الحلبوسي هو الأكثر تأثيرًا لدى المكون السني، وصف خطوة رئيس مجلس النواب بـ "الذكية جدًا".
وتوقع رفض استقالة الحلبوسي من قبل المجلس في جلسة يوم الأربعاء النيابية.