تعود أزمة سد النهضة إلى الواجهة من جديد، حيث اتهمت القاهرة أديس أبابا مجددًا بالمماطلة في التوصل إلى إطار قانوني ملزم بشأم ملء وتشغيل السد.
وقال وزير الخارجية المصري سامح شكري، إن بلاده تتمسك بضبط النفس، مشيرًا إلى أن ذلك "لن يكون على حساب حق الشعب المصري في الحياة والوجود".
وأكّد شكري، الذي سبق أن أجرى مباحثات مع نظيره الأميركي أنتوني بلينكن حول هذه الأزمة خلال زيارة هذا الأخير إلى القاهرة، أن التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم بشأن ملء وتشغيل السد ضرورة لا غنى عنها.
مساندة سودانية لمصر
أمّا السودان، وهو الطرف الثالث في الأزمة، فيتوافق مع الدعوات المصرية حيث تطالب الدولتان بجدول زمني متفق عليه قانونيًا وفنيًا لعملية الملء والتشغيل، إضافة إلى التشارك حول بيانات السد.
على الضفة المقابلة، تتمسك إثيوبيا بالرفض، فهي ترى أن السد الذي بدأت تشييده قبل أكثر من عقد لا يستهدف الإضرار بأحد.
وتحمل مستجدات الأعمال في السد الكثير، حيث تستعد إثيوبيا للملء الرابع. كما كشفت الأقمار الصناعية عن فتح بوابتي التصريف وتوقف التوربينين عن العمل مع استمرار عبور المياه على الممر تمهيدًا لبدء الأعمال الخراسانية وزيادة ارتفاع جانبي السد.
أمّا عن حجم التخزين، فقد سبق أن أعلنت إثيوبيا الصيف الماضي عن اكتمال الملء الثالث للسد بحجم 22 مليار متر مكعب. وقبلها بعام، كانت قد أنهت الملء الثاني البالغ وقتها 3 مليارات متر مكعب، فيما بلغ التخزين الأول في يوليو/ تموز 2020 5 مليارات متر مكعب.
مسار المفاوضات الشاق
مرّت المفاوضات المتعلقة بسد النهضة بين مصر وإثيوبيا والسودان بمراحل عديدة خلال السنوات العشر الماضية. فقد اتفقت إثيوبيا ومصر على استئناف المفاوضات في يونيو/ حزيران 2014.
وأعلن عن تعثّر هذه المفاوضات، التي شارك فيها السودان، في سبتمبر/ أيلول 2019. وفي يونيو/ حزيران 2020، أعلن الاتحاد الإفريقي رعايته لتلك المفاوضات.
وبعد أشهر قليلة، في نوفمبر/ تشرين الثاني، أعلن عن فشل المفاوضات بشأن سد النهضة بين الدول الثلاث. ثم أعلن وزير خارجية مصر تعثر المفاوضات من جديد في ديسمبر/ كانون الأول 2020.
وفي يوليو/ تموز 2021 عقد مجلس الأمن جلسة لبحث الأزمة بناء على طلب مصري. لكن المفاوضات الثلاثية الفنية فشلت مجددًا في أبريل/ نيسان الماضي.
تهديد الأمن المائي
وفي هذا الإطار، يعتبر رئيس وحدة الدراسات العربية بمركز الأهرام محمد عز العرب أن تصريحات الوزير المصري الأخيرة تشير إلى استمرار التأكيد على إدراك مصر أن تهديد الأمن المائي يواجه دول ومجتمعات القرن الإفريقي وهي أكثر مناطق العالم جفافًا وتصحرًا.
وقال في حديث إلى "العربي" من القاهرة: "إن الوزير يقصد الطرف الإثيوبي الذي يحاول الإضرار بالأمن المائي"، مؤكدًا أن على الدول الثلاث مراعاة المصالح المشتركة.
ولفت عز العرب إلى أن الجانب الإثيوبي يحاول أن يبسط سيطرته على القاهرة والخرطوم.
من جهته، أشار محرر الشؤون الإقليمية في موقع "نايلوتيك بوست" عبد الشكور عبد الصمد إلى أن تصريحات الوزير المصري الأخيرة لا تحمل جديدًا وقد كررت في عدة محافل دولية.
وقال في حديث إلى "العربي"، من أديس أبابا: "هي تصريحات للاستهلاك الإعلامي ولا تعكس الواقع".
واعتبر أن "إثيوبيا قدمت كل ما يلزم وإن الطرف المصري هو الذي يماطل". ورأى أن مصر تسعى لتحرم الجميع من مياه النيل، فيما تطالب إثيوبيا بالتعاون والشراكة لإحياء اتفاقية عنتيبي التي تعطي الحق للجميع بالاستفادة الواقعية من حوض النيل وفق القانون الدولي.