تتفاقم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية في لبنان، توازيًا مع الجمود السياسيّ المستمرّ، على وقع العجز عن تأليف حكومة جديدة منذ نحو عشرة أشهر، عقب استقالة الحكومة الحاليّة بُعيد انفجار مرفأ بيروت المروّع في أغسطس/ آب الماضي.
آخر تجلّيات الأزمة تمثّلت في محطات الوقود حيث بات مشهد طوابير المواطنين والمركبات أمامها، جزءًا لا يتجزأ من تفاصيل الحياة اليومية في مختلف المحافظات اللبنانية.
وفي جديد هذا الملفّ، أعلن ممثل موزعي المحروقات في لبنان فادي أبو شقرا أنّ محطات الوقود في البلاد تتجه إلى الإقفال خلال أيام قليلة، بعد نفاد كمية المشتقات لديها.
وأوضح أبو شقرا، في تصريحات له اليوم الأربعاء، أن لبنان يشهد تراجعًا حادًا في استيراد المشتقات النفطية، لعدم وفرة السيولة بالنقد الأجنبي.
وناشد أبو شقرا عبر "العربي" الرؤساء الثلاثة التحرّك للضغط على المصرف المركزي للإسراع في فتح الاعتمادات المالية.
وأكّد أنّ الاتصالات متواصلة مع المعنيين، والموضوع لا يحتمل التأجيل.
وتشترط شركات توريد الوقود منذ أشهر، تحويل قيمة الشحنات سلفًا قبل تفريغ حمولتها في آبار تقع قرب الموانئ.
من جهتها، نفت مستشارة الإعلام في وزارة الطاقة أي علاقة لوزير الطاقة بالموضوع. وقالت المديرة العامّة للنفط في الوزارة أورور فغالي لـ "العربي" إنّ دور المديرية ينحصر في تحديد حاجات السوق للمحروقات وتبيان القدرة الاستيعابية للتخزين لدى الشركات، لافتة الى أنها قدّمت الدراسات للمعنيين في هذا الشأن.
وأشارت إلى أنّ موضوع فتح الاعتمادات يعود إلى وزارة المالية والمصرف المركزي.
دعم المصرف المركزي
ويدعم مصرف لبنان المركزي 85% من تكلفة استيراد المحروقات، من خلال تغطيته الفارق بين سعر صرف الدولار الرسمي (1515 ليرة) والسوق الموازية (14 الف ليرة حاليًا).
وعام 2020، بلغت تكلفة الدعم لاستيراد البنزين 963 مليون دولار، والديزل 1.075 مليار دولار وفق بيانات رسمية، في وقت يعاني فيه البنك المركزي من انخفاض متسارع في احتياطي العملات الأجنبية.
ويستهلك لبنان يوميًا 12 مليون ليتر من المحروقات، وتحوي كل باخرة استيراد 40 مليون ليتر من تلك المواد.
الدعم النفطي بين بغداد وطهران
من جهته، أعلن الناطق باسم الحكومة العراقية وزير الثقافة حسن ناظم، في مؤتمر صحافي عقد في بغداد، مصادقة الحكومة العراقية على دعم لبنان بالنفط الخام، وزيادة الكمية من 500 ألف طن إلى مليون طن.
وكان الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله قد كشف أمس الثلاثاء أنّ حزبه سيعمل على استيراد البنزين من إيران، إذا ما بقيت الدولة عاجزة عن حل هذه الأزمة، داعيًا إياها لاتخاذ قرار جريء لشراء الوقود من طهران.
دعم فرنسي للجيش
ولم تؤثّر هذه الأزمة الاقتصادية التي يعيشها لبنان، على المستويين الاجتماعي والمعيشي للمواطنين فقط، بل دقّ الجيش اللبناني ناقوس الخطر، بعد تردي الأوضاع المعيشية لعناصره.
وأعلنت وزارة القوات المسلحة الفرنسية أمس الثلاثاء أن باريس ستستضيف اجتماعًا دوليًا عبر الإنترنت في 17 يونيو/ حزيران لحشد الدعم للجيش اللبناني، الذي يسعى لاجتياز أزمة اقتصادية تضعه على شفا الانهيار.
وأشارت الوزارة إلى أنّ "الهدف هو لفت الانتباه إلى وضع القوات المسلحة اللبنانية، التي يواجه أفرادها ظروفًا معيشية متدهورة، وربما لم يعد بمقدورهم تنفيذ مهامهم بالكامل، وهو الأمر الضروري لاستقرار البلاد".
وأضافت أنها ستستضيف الاجتماع مع الأمم المتحدة وإيطاليا، بهدف التشجيع على جمع التبرعات لصالح الجيش اللبناني.
ونقلت وكالة "رويترز" عن مصدرَين دبلوماسيَّين قولهما: إن الاجتماع سيلتمس الدعم من دول تعرض الغذاء والمواد الطبية وقطع الغيار للعتاد العسكري، غير أنه لا يستهدف تقديم الأسلحة وغيرها من العتاد.