أعادت الاحتجاجات التي شهدتها العاصمة تونس وعدة مدن أخرى خلال الأيام القليلة الماضية، والتي تزامنت مع ذكرى مرور عشر سنوات على الثورة التونسية، التي شكّلت باكورة ما سُمّي بـ"الربيع العربي"، الأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد إلى الواجهة.
إلا أنّ هذه الاحتجاجات، التي تأتي في سياق "الحراك الاجتماعيّ" المستمرّ في تونس منذ سنوات، خرجت عن مسارها، بتحوّلها إلى أعمال شغب وعنف ومواجهات مع الشرطة، وسط علامات استفهام حول خلفيّاتها الحقيقية.
وجاءت هذه الأحداث بعد ساعات من إعلان رئيس الحكومة هشام المشيشي تعديلاً وزاريًا واسعًا شمل 11 حقيبة من بينها وزارة سيادية، ما ألبسها لبوس السياسة، في وقتٍ تحتاج تونس إلى مراجعة السياسات المتخذة للخروج من الأزمة متعدّدة الأوجه التي تتخبّط خلفها.
مجرد أعمال شغب
وبحسب مراسل "التلفزيون العربي"، فإنّ طبيعة التحرّكات التي شهدتها تونس في الأيام الماضية، تدفع إلى الاعتقاد بأنّها مجرّد أعمال شغب وسلب ونهب وسرقة، كما قالت وزارة الداخلية، خصوصًا أنّها خلت من أيّ طابع احتجاجيّ أو شعار سياسيّ.
ويتّفق الخبير الأمني فيصل الشريف مع هذا الرأي، إذ يقول لـ"التلفزيون العربي"، إنّه "على مستوى أمني صرف وبحت ليست هناك شعارات سياسية أو اجتماعية خلف الاحتجاجات، وكذلك ليست هناك محركات لهذه الاحتجاجات بمعنى أن تكون نقابات أو أحزاب سياسية أو حتى مجموعات تشكلت لترفع شعارات أو مطالب شعبية أو اجتماعية".
ملفات مشتعلة
إزاء ذلك، يبدو الفريق الحكومي الجديد في مواجهة ملفات مشتعلة في القادم من الأيام، حيث سيجد نفسه إزاء أزمة حقيقية يزيد في حدتها الحراك الاجتماعي في كل مكان.
وفي هذا السياق، يتحدّث الكاتب الصحافي كمال بن يونس عن حالة غليان واستياء موجودة في الشارع، ويعزوها إلى الأسباب العميقة التي كانت سببًا في الانتفاضة الاجتماعية التي شهدتها تونس سابقاً وارتقت لمشروع ثورة سياسية، وهي اقتصادية واجتماعية بالدرجة الأولى.
وفيما لا ينكر بن يونس، في حديث إلى "التلفزيون العربي"، وجود أجندات لبعض الأطراف التي تريد إضعاف الدولة، يشدّد على أنّ المشكلة تبقى في فشل الحكومات المتعاقبة بمعالجة السياسات الاقتصادية والاجتماعية كما ينبغي.
ويشدّد على أنّ المطلوب اليوم، "إعادة هيبة الدولة ووحدة الدولة وإنهاء الصراع بين رأسي السلطة التنفيذية، وإنهاء الصراع المفتعل بين البرلمان والحكومة". كما يدعو إلى فتح الملفات الحقيقية وإعطاء الأولوية للملفات الاقتصادية والاجتماعية والاستعانة بالخبرات وتوسيع فرص التمويل عبر تقديم مشاريع حقيقية للاستثمار وبخلق الثروة ومعالجة معضلة البطالة في تونس".