الجمعة 22 نوفمبر / November 2024

"أزمة" منتخب البرازيل وكرة القدم.. ماذا يحصل مع راقصي السامبا؟

"أزمة" منتخب البرازيل وكرة القدم.. ماذا يحصل مع راقصي السامبا؟
الجمعة 12 يوليو 2024

شارك القصة

شكّل منتخب البرازيل على مرّ السنوات جزءًا من ثقافة كرة القدم وتراثها - غيتي
شكّل منتخب البرازيل على مرّ السنوات جزءًا من ثقافة كرة القدم وتراثها - غيتي

من يتابع البطولات الدولية في السنوات الأخيرة، يدرك أنّ منتخب البرازيل لم يعد ذلك الفريق "المُرعِب" كما كان دائمًا، بأسمائه اللامعة، وبأسلوب "اللعب الجميل" الذي لطالما اتّسم به.

فسواء كنت مصنَّفًا من مشجّعي منتخب السامبا التاريخيّين أم لا، لا يمكنك أن تنكر أنّه شكّل على مرّ السنوات جزءًا من ثقافة كرة القدم وتراثها، بل من تاريخ الكرة بالمُطلَق.

أكثر من ذلك، أصبح اسم البرازيل لفترات تاريخية، مرادفًا لكرة القدم، ولكلّ ما هو جميل فيها، حتى إنّ البرازيل أصبحت تُعرَف بأنّها "أرض وجنّة مواهب كرة القدم".

قد لا يكون ذلك بغريب، على بلدٍ انتمى إليه "كبار اللعبة"، إن صحّ القول، من رونالدو الذي استحقّ لقب "الظاهرة"، إلى بيليه صاحب الموهبة الخارقة والمسيرة العظيمة.

وتطول اللائحة لتشمل كثيرين، على غرار رونالدينيو وزيكو وريفالدو وروماريو وغارينشا وريفيلينو وأخيرًا نيمار، وكلّهم لاعبون كبار حفروا عميقًا في تاريخ كرة القدم.

لكن، هل أصبح كلّ ذلك من الماضي، أو من "الزمن الجميل" ربما؟ أين البرازيل اليوم؟ ماذا يحصل لمنتخب السامبا؟ وهل تجاوزت كرة القدم الحديثة أسلوب اللعب البرازيلي المعهود؟

عن هذه الأسئلة وغيرها، يجيب اليوتيوبر محمد أبو زيد (الكوير)، بأسلوبه الخاص في حلقة هذا الأسبوع من سلسلة "مع الكويّر"، التي يفتح فيها ملف منتخب السامبا.

يزخر تاريخ منتخب البرازيل بالمواهب التي وصفت بالخارقة وعلى رأسها بيليه ورونالدو - غيتي
يزخر تاريخ منتخب البرازيل بالمواهب التي وصفت بالخارقة وعلى رأسها بيليه ورونالدو - غيتي

"السامبا" تفقد بريقها ووهجها

قبل الدخول في صلب الموضوع، لا بدّ من التوقف عند كلمة "سامبا" التي لطالما صاحبت الحديث عن المنتخب البرازيلي، خصوصًا في الدول والمجتمعات العربية.

في الواقع، يعبّر مصطلح "سامبا" عن موسيقى برازيلية يُقال إنّها من جذور إفريقية، والسامبا أساسًا عبارة عن رقصة دائرية يقوم بها السكان الأصليون احتفالاً بالعديد من المناسبات.

لكنّ هذا المصطلح أصبح شائعًا لدينا عند وصف لاعبي البرازيل تحديدًا، حيث كان يتردّد على الدوام على ألسنة المعلّقين الرياضيين، وقد علق في أذهاننا بالفعل.

لكنّ هذا المصطلح بدأ يفقد وهجه في الآونة الأخيرة، ولم يعد طعمه كما كان، بالتوازي مع تراجع الاهتمام بالكرة البرازيلية بصورة عامة، عمّا كان عليه في بداية القرن الحالي مثلاً.

ثمّة العديد من النظريات، أو ربما الفرضيات، التي تفسّر ذلك، وهي تتفاوت بين تراجع أداء المنتخب، وغياب المواهب الحقيقية، وعدم القدرة على منافسة التطور في الكرة الأوروبية.

لكن هناك أيضًا من يردّ الأمر إلى النزعة الثقافية والإنسانية في الكرة البرازيلية، والثقافة هنا ليس المقصود بها سوء سلوك اللاعبين أو السهر وعدم الالتزام وغير ذلك.

فبالنسبة للبرازيليين، كرة القدم هي عبارة عن تمرد ضد النظام، عن مرح وإبداع، هم الذين يرفضون أن تكون حريتهم مكبّلة، والذين يحبّون الارتجال وتبادل المراكز باستمرار.

فقد منتخب السامبا وهجه على وقع الإخفاق في البطولات الدولية - غيتي
فقد منتخب السامبا وهجه على وقع الإخفاق في البطولات الدولية - غيتي

ماذا يحصل مع منتخب البرازيل؟

عند تقييم مستوى الكرة البرازيلية اليوم، تُطرَح الكثير من علامات الاستفهام، فهل يُعقَل أنّ آخر مونديال أحرزه منتخب السامبا يعود إلى 22 عامًا؟ وكيف لم تفز البرازيل سوى مرّة واحدة في النسخ الخمس الأخيرة من كوبا أميركا، بعكس النسخ الخمس التي سبقتها والتي توّجت في أربع منها؟ وهل تتعلق المسألة فعلاً بشحّ في المواهب في الكرة البرازيلية؟

لا شكّ أنّ البرازيل لا تزال تنتج مواهب عالية، وهو ما يدركه متابعو كرة القدم، علمًا أنّ الأندية الأوروبية الكبرى ترصد باهتمام أكاديميات البرازيل، وتستقطب منها العديد من اللاعبين وتتسابق على التعاقد معهم، لكن هل هذا كافٍ؟ وهل هؤلاء مناسبون حقًا لكرة القدم حاليًا؟

وفقًا لتحقيق لإذاعة "دويتشه فيله" حمل عنوان "كرة القدم البرازيلية في أزمة"، فإنّ الأزمة تفاقمت في محطتين من الزمن، الأولى قبل 20 عامًا عندما أصبح أسهل على الأجنبي أن يحصل في الإقامة في الدول الأوروبية، الأمر الذي ضاعف من عملية انتقال اللاعبين البرازيليين إلى أوروبا. أما المحطة المفصلية الثانية، فكانت حين خسرت البرازيل أمام ألمانيا بنتيجة (1-7) في كأس العالم 2014، وشعر اللاعب البرازيلي حينها أنّ المستقبل في أوروبا وليس في بلده.

ولعلّ اللاعب البرازيلي السابق غرافيتي الذي قاد فولفسبورغ لتحقيق لقب البوندسليغا عام 2009، كان معبّرًا حين لخّص الأمر بعبارة واحدة فقط: "نوعية كرة القدم البرازيلية لم تعد موجودة"، أو بمعنى آخر، "لم تعد رائجة".

فقد انتقل اللاعب البرازيلي إلى أوروبا للعديد من الأسباب، منها الأموال والشهرة وأسلوب الحياة، وبالنتيجة هبط الدوري البرازيلي، ولم تعد له القيمة التي كان يحظى بها في السابق إلا داخل البرازيل ربما، وأصبح البريميرليغ هو وجهة معظم متابعي كرة القدم وعشّاقها، لما يحمله من متعة وتشويق.

هكذا، يمكن الحديث عن "أزمة وجود" تمرّ بها كرة القدم البرازيلية، لكن هل يمكن أن تتجاوزها؟ كيف أثّرت الرأسمالية على منتخب البرازيل؟ وهل يعني ذلك أنّ كرة القدم البرازيلية قد "انتهت" بمفهومها التقليدي؟ وهل أصبح منتخب السامبا "عاديًا" مثله مثل غيره؟ محاولة للإجابة في حلقة هذا الأسبوع من "مع الكويّر".
المصادر:
التلفزيون العربي
Close