يغرق عالم كرة القدم بالحزن على غياب واحد من أساطير اللعبة، والذي ساهم بانتشارها بشكل كبير خلال منتصف القرن الماضي، كذلك يعم الحداد البرازيل على وفاة "الملك" بيليه، الذي غادر عالمنا أمس، بعد صراع مع مرض السرطان.
وفي حين تتدفق برقيات التعزية، وتنتشر عبارات المواساة الحزينة على مواقع التواصل الاجتماعي من قادة العالم، والمشاهير ونجوم كرة القدم بين لاعبين واتحادات وأندية، يمر شريط ذكريات "الجوهرة السوداء" على تلك المنصات، بما يتضمنه من لمحات فنية تميز بها بيليه في الملاعب التي عرفته بطلًا لثلاث مسابقات كأس العالم، في إنجاز فريد بعالم اللعبة.
وبعيدًا عن الملاعب، لم تكن حياة بيليه منذ ولادته بالسهلة أبدًا، فالصبي الذي كافح الفقر كماسح أحذية، واعتلى عرش كرة القدم في العالم، تميز بصولاته وجولاته في العمل الخيري، وبرز سفيرًا لبلاده بين الدول، وأيقونة لأجيال بعده.
لكن ذلك لم يخلُ من محطات شوشت على سيرة بيليه، وعرضته لانتقادات كبيرة، نستعرض أبرزها:
الموقف السياسي
لم يكن الشعب البرازيلي يعيش أفضل أيامه، حين استعاد لهم بيليه كأس العالم للمرة الثالثة، في سابقة كروية عام 1970، وفي خضم حكم ديكتاتوري تناوب عليه جنرالات اتهموا بقمع المعارضين، وشن حملات الاعتقال.
كان بيليه حريصًا على الابتعاد عن السياسة، رغم أن فئة كبيرة من الشعب تجده القدوة التي خرجت من الأحياء الفقيرة إلى قمة المجد، في سيرة عصامية بحتة، جسدت آمال الشباب البرازيلي وطموحاته.
ولم يستسغ عدد كبير من البرازيليين الاستقبال الرسمي لبيليه ورفافه، من قبل الرئيس العسكري حينها الجنرال إميليو غاراستازو ميديسي، وتعرض بيليه لوابل من الانتقادات من المعارضين لا سيما أن حقبة ميديسي أطلق عليها اسم "سنوات الرصاص"، كما أنه من الجنرالات الذين وسموا بتعذيب المعتقلين في السجون، وأول من أقر قانون منع التظاهر في البرازيل.
وبدا بيليه متوددًا بشكل كبير لميديسي، الأمر الذي أثار الجدل، واتهمه البعض بأنه أنقذ سمعة الرئيس الديكتاتوري حينها.
وحتى حين خرجت تقارير بعد ذلك، بأن بيليه كان من الذين تعرضوا لتحقيق عسكري، عقب استلامه رسائل من مناهضين لسلطة ميديسي، إلا أن موقع "UOL" البرازيلي قال عام 2014، إن بيليه رفض التعاون معهم، مفضلًا التزامه الرياضي.
شوشا
بعد 16 عامًا من زواجه الأول وفي عام 1982، أطلت قضية ارتباط بيليه بعلاقة مع عارضة أزياء قاصر تدعى شوشا وتبلغ 17 عامًا برأسها على المجتمع البرازيلي، لتتصدر أخبار الصحف، وتثير الكثير من الانتقادات خصوصًا أن اللاعب كان يبلغ حينها 42 عامًا.
وكانت حياة "الملك" الزوجية في حينه غير مستقرة تمامًا، فالعلاقة مع زوجته الأولى انتهت فعليًا عام 1977، حيث أفصح بيليه أن زواجه منها جاء تقليديًا ولم يكن يشعر بالحب تجاه أم أطفاله الثلاث، كيلي وجنيفر وإديسون، وانتهت إجراءات الطلاق عام 1980.
رغم ذلك لم يستسغ الشارع علاقة بيليه بالمراهقة شوشا، التي أصبحت لاحقًا واحدة من أبرز المذيعات والمشاهير في البلاد، وانتهت علاقتها مع بيليه عام 1988.
سجن "إديسون"
كانت قضية نجل بيليه إديسون واحدة من أكبر القضايا التي هزت حياة "الجوهرة السوداء"، فنجل أسطورة الملاعب، والذي حاول دخول المستطيل الأخضر، كحارس مرمى، تورط في قضية غسيل أموال المخدرات، وحكمت عليه المحكمة في عام 2014 بالسجن لمدة 33 عامًا، لكن العقوبة خفضت لغاية 12 عامًا بعد الاستئناف.
القضية شكلت مصدر قلق ومأزقًا حقيقيًا لصورة بيليه الوالد، القدوة والرمز في البرازيل، لاسيما أن فترة المحاكمة استمرت لتسع سنوات، بعد أن أوقف نجله أديسون الشهير بـ"أدينيو" عام 2005.
ساندرا وفلافيا
كانت ساندرا وفلافيا ابنتا بيليه من علاقة خارج الزواج. فساندرا ماتشادو امرأة فجرت عام 1991 قضية كبرى، حين ادعت أنها ابنة بيليه من أنيزيا ماتشادو التي عملت في منزل بيليه وعائلته أوئل الستينيات في القرن الماضي. وبعد رفض اللاعب البرازيلي الاعتراف بها، خاضت ساندرا صراعًا قضائيًا انتهى بإثبات المحكمة عام 1996 أبوة بيليه لساندرا، التي توفيت لاحقًا بمرض السرطان، من دون أن يتقرب بيليه منها.
ولم يكن مصير فلافيا كورتز (54 عامًا) كساندرا، فابنة بيليه التي اعترف أنها نتيجة علاقة خارج زيجاته الثلاثة، بقيت بالقرب من والدها، وهي أخصائية في العلاج الطبيعي.