اتفق الاتحاد الأوروبي أمس الجمعة، على تشريع غير مسبوق على المستوى العالمي لتنظيم الذكاء الاصطناعي بعد ثلاثة أيام من المفاوضات المكثفة بين الدول الأعضاء والبرلمان الأوروبي.
واكتسب تنظيم الذكاء الاصطناعي أهمية ملحة بعد إصدار "تشات جي بي تي" العام الماضي، والذي أثار ضجة كبيرة في جميع أنحاء العالم من خلال إظهار قدرات الذكاء الاصطناعي المتقدمة.
وأعلن المفوض المكلف الشؤون الرقمية الفرنسي تييري بريتون عبر منصة "إكس"، التوصل إلى "اتفاق سياسي" بشأن تشريع يهدف إلى تشجيع الإبداع في أوروبا في هذه التكنولوجيات المتقدمة، مع الحد من إساءة استخدامها المحتملة.
وأوضح بريتون أنّ القانون أضاف متطلبات لصانعي أكبر نماذج الذكاء الاصطناعي للكشف عن المعلومات حول كيفية عمل أنظمتهم وتقييم المخاطر النظامية".
وقال: "مع إبرام الاتفاق السياسي بشأن قانون الذكاء الاصطناعي اليوم، يصبح الاتحاد الأوروبي أول قارة تضع قواعد واضحة لاستخدام الذكاء الاصطناعي".
قواعد التشريع
ويتضمن التشريع الجديد قواعد تضمن نوعية البيانات المستخدمة في تطوير الخوارزميات، والتحقّق من أنّها لا تنتهك قانون حقوق التأليف والنشر.
كما يُحدّد المعايير لتسخير الفوائد المحتملة للذكاء الاصطناعي والحماية من مخاطرها، مثل: أتمتة الوظائف أو نشر المعلومات المضللة عبر الإنترنت وتعريض الأمن القومي للخطر.
وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية أنّ القانون لا يزال بحاجة إلى المرور ببعض الخطوات النهائية للموافقة عليه، لكنّ الاتفاق السياسي يعني أنّ الخطوط العريضة الرئيسية له قد تمّ تحديدها.
وأفادت الصحيفة بأنّ هذه اللوائح الجديدة لن تؤثر على كبار المطوّرين لأنظمة الذكاء الاصطناعي مثل "ميتا" و"غوغل" و"مايكروسوفت" و"أوبن إيه أي" فقط، بل ستطال التكنولوجيا التي ستستخدم هذه الأنظمة في القطاعات التعليمية والصحية والبنكية، وحتى الأنظمة التي قد تستخدم في المجالات القضائية والقانونية.
وركّز صنّاع السياسات الأوروبيون على الاستخدامات الأكثر خطورة للذكاء الاصطناعي من قبل الشركات والحكومات، بما في ذلك تلك المستخدمة في إنفاذ القانون أو تشغيل الخدمات الحيوية في قطاعي الطاقة والمياه.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولي الاتحاد الأوروبي والمسودات السابقة للقانون، إنّ التشريع الجديد يفرض على الأنظمة التي تستخدم الذكاء الاصطناعي التوليدي مثل "تشات جي بي تي" أو تلك التي تنشئ صورًا يتمّ التلاعب بها، توفير متطلبات أكبر للشفافية والكشف للناس أنّ هذا المحتوى النهائي تم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي.
كما يفرض قيودًا على برامج التعرّف على الوجه من قبل أجهزة إنفاذ القانون والحكومات، مع وضع استثناءات ترتبط بالسلامة والأمن القومي. وقد تواجه الشركات التي تنتهك اللوائح الجديدة غرامات تصل إلى 7% من إجمالي مبيعاتها العالمية.
أسئلة ملحّة
وإذ أوضحت أنّ القانون الجديد مرحّب به باعتباره اختراقًا تنظيميًا، إلا أنّها أشارت إلى أنّه يطرح أسئلة حول فعاليته لأنّ بعض اللوائح ستدخل حيز التنفيذ بعد 12 أو 24 شهرًا، وهي فترة زمنية طويلة بالنسبة للذكاء الاصطناعي الذي يشهد تطورًا متواصلًا.
وأضافت أنّ آليات التنفيذ لا تزال غير واضحة، إذ إنّ القانون سيشمل 27 دولة ويتطلب تعيين خبراء جدد في وقت تعتبر فيه الميزانيات محدودة.
وقال كريس شريشاك الزميل البارز في المجلس الأيرلندي للحريات المدنية والذي قدم المشورة للمشرعين الأوروبيين بشأن قانون الذكاء الاصطناعي: "بدون إنفاذ قوي، لن يكون لهذا التشريع أي معنى".