فيما تحتدم المنافسة بين شركات التكنولوجيا العملاقة في تطويرها، حذّرت هيئات ومؤسسات علمية وبحثية مؤخرًا من آثار تطبيقات الدردشة المعتمدة على تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، على غرار "تشات جي بي تي".
فمع كل قفزة تكنولوجية كبيرة، يبرز السؤال الأخلاقي بشأن تداعياتها على البشر، وما إذا كانت ستحل محلهم في الأعمال والوظائف، وما إذا كانت قادرة على اتخاذ قرار أكثر دقة وسرعة من الإنسان.
كما أن قدرة نظم الذكاء الاصطناعي على إنشاء مواد لها طابع إبداعي، تشكل أكبر مخاوف المبدعين المهددين من منتحلي صفة الكتابة والفنون بأنواعها.
استبدال الإنسان بالرموز والخوارزميات
في الآونة الأخيرة، ذهل مستخدمو التكنولوجيا أمام إمكانيات الذكاء الاصطناعي وقدرته على إنشاء محتوى يكاد يصعب التمييز بينه وبين الإنتاج البشري.
وحفز إصدار شركة "أوبن إيه آي" تطبيقها "تشات جي بي تي" بالتعاون مع شركة "مايكروسوفت"، شركات أخرى منافسة ووُلد تطبيق "بارد" لشركة ألفابت" المالكة لمحرك البحث غوغل.
على الأثر، برزت بالعودة إلى السؤال الأخلاقي جرائم انتهاك حقوق الملكية والتزوير والسرقة كتداعيات مباشرة لهذه التطبيقات.
وأطلق خبراء في التكنولوجيا تخوفات من استبدال الإنسان بالرموز والخوارزميات، في ما يتعلق باتخاذ القرارات على مستويات القضاء والتشريع.
ودفع الأمر منظمة "اليونسكو" إلى الإسراع إلى وضع أول مسودة لوثيقة عالمية، بشأن أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، وإعداد أطر عمل جديدة للتمييز بين القرصنة والانتحال وبين الإبداع والابتكار، لسلامة سلسلة القيم الإبداعية والاعتراف به كقيمة إنسانية فريدة.
تقنية لكشف النصوص المنتحلة
في غضون ذلك، بادرت العديد من المدارس والجامعات إلى حظر استخدام هذه التطبيقات، وعلى رأسها "تشات جي بي تي"، تجنبًا لاستخدامها في عمليات الغش والاحتيال على النظم التعليمية التقليدية.
كما بدأت بعض الجهات التعليمية باللجوء إلى أدوات تكشف الأعمال المنشأة عن طريق الذكاء الاصطناعي.
وتعمل شركة "أوبن إيه آي" ذاتها المطورة لـ"تشات جي بي تي"، على تطوير أداة لكشف النصوص المنتحلة بواسطة الذكاء الاصطناعي، عقب الاحتجاجات الكثيرة على تقنيتها.
"تشات جي بي تي" يثير خلافا في #فرنسا بسبب آثار استخدامه في البحوث والجامعات.. هل يهدد التعليم؟ تقرير: شوقي أمين pic.twitter.com/BTLgD4fb8P
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) February 15, 2023
وقد أطلقت على أداتها الجديدة اسم AI text classifier، مشيرة إلى أنها هي أيضًا ما زالت في مرحلة التجريب، ولا يمكن الاعتماد عليها حتى الآن للحكم على صاحب النص آلة كان أم إنسانًا.
إلى ذلك، كشف طالب في كلية علوم الحاسوب في جامعة برينستون بالولايات المتحدة عن أداته "جي بي تي زيرو" لتمييز النصوص المزورة عن تلك البشرية الأصلية.
وعلى ما يبدو، لاقت هذه الأداة استحسان العديد من المدارس والجامعات، فباشرت باستخدامها للكشف عن النصوص التي أنشئت بواسطة برامج الذكاء الاصطناعي.
"ثورة في مجال الذكاء الاصطناعي"
ويصف الخبير في تكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي رولان أبي نجم، "تشات جي بي تي" بأنه ثورة في مجال الذكاء الاصطناعي.
ويقول في حديثه إلى "العربي" من الكويت، إن التطبيق يختزن معلومات من كل الكتب والمواقع الإلكترونية ومعلومات تمتد لسنوات سابقة، فضلًا عن خوارزميات ذكاء اصطناعي، ما يتيح له تقديم إجابة متكاملة على السؤال الذي يوجه إليه.
ويشير إلى أن "التطبيق أحدث خضة في الإطار التعليمي مع تمكنه من اجتياز اختبار جامعي، وكذلك في الإطار البرمجي، إذ يمكن أن يطلب منه إعداد برمجية لموقع إلكتروني أو اكتشاف ثغرات أمنية في الكودات وتصحيحها".
كما يلفت إلى الخوف الذي أثاره من فقدان الوظائف عبر استحداث بدائل للعمال.
وبينما يوافق على "خطورة الأمر" في ما يتعلق بمسألة الغش في المدارس والجامعات في ضوء الجدل حول حظره على الطلاب في عدد من الدول، إلا أنه يؤكد وجوب إدراك أنه لا يمكن لأحد الوقوف في وجه التطور التكنولوجي، وحجب الإنترنت ومنع الطلاب من استخدام هذا النوع من البرامج.
ويعتبر أن "تشات جي بي تي" ما هو إلا البداية، حيث يتم تطوير برامج أخرى في غوغل وشركات صينية.