تحذّر منظمة الصحة العالمية من وجود نحو 52 ألف امرأة حامل في قطاع غزة معرّضات للخطر بسبب انهيار النظام الصحي، نتيجة العدوان الإسرائيلي المستمر منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
ففي تقرير صدر قبيل اليوم العالمي للمرأة في الثامن من مارس/ آذار الجاري، أكّدت المنظمة أن المخاوف لا تقتصر على الولادة نفسها، بل تتعدّاها إلى تحديات عدة مثل إبقاء الرضع على قيد الحياة في ظل انعدام المواد الأساسية كالماء والغذاء.
انهيار النظام الصحي
وتعمد الاحتلال الإسرائيلي في عدوانه بالتسبب في انهيار النظام الصحي، حيث لم يتوان منذ بداية الحرب عن قصف واقتحام المراكز الصحية والمستشفيات، واستهداف المرضى، والطواقم الطبية، واعتقالهم.
وكانت الأمم المتحدة، قد أشارت الشهر الماضي إلى أن 12 مستشفى فقط من أصل 36 يعمل في قطاع غزة، ففي مستشفى الولادة الإماراتي في رفح التي لجأ إليها نحو 1,5 مليون شخص، لم يتبق سوى خمس غرف للولادة.
هذا ويمنع الاحتلال الإسرائيلي معظم قوافل المساعدات ومن بينها الطبية من الدخول، حيث يؤكد في هذا الصدد صندوق الأمم المتحدة للسكان أن 62 حزمة مساعدات من المواد الخاصة بحالات الولادة تنتظر السماح لها بالدخول عبر معبر رفح.
النساء الحوامل يواجهن نقصًا غذائيًا حادًا
وفيما لا يقتصر الخطر على النساء اللواتي لا يجدن مستشفى يلدن فيه، فإن جميع النساء الحوامل والمرضعات في غزة بخطر بسبب نقص الغذاء.
إذ أكّدت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف"، أن 95% من النساء الحوامل أو المرضعات يواجهن نقصًا غذائيًا حادًا.
فعلى سبيل المثال تعاني رؤى السنداوي الحامل بثلاثة توائم من الدوار بسبب تناولها طعامًا معلّبًا منذ اندلاع الحرب، وهو يؤثّر على امتصاص الحديد وفقًا لطبيبها.
وتقول السنداوي: "اضطررت إلى اللجوء إلى التكايا التي توزّع الطعام.. يوفرون فاصوليا، وعدسًا، ومعكرونة.. استطعت أكل هذا الطعام لمدة أسبوع لكن بعدها لم تعد معدتي تحتمل... تعبت".
وتشرح ممثلة صندوق الأمم المتحدة للسكان في الأراضي الفلسطينية دومينيك ألن أن "هناك العديد من الأزمات في المنطقة التي تعتبر كارثية بالنسبة للنساء الحوامل".
وتتابع أنه وبسبب الكثافة السكانية في غزة وغياب أماكن آمنة، الوضع "أسوأ من كل كوابيسنا".
وسط كل ذلك أعلنت وزارة الصحة في غزة اليوم الأربعاء، ارتفاع عدد الشهداء نتيجة العدوان في قطاع غزة منذ بدء الحرب إلى 30717، معظمهم من النساء والأطفال.
مآسي أمهات غزة
ومن بين الحوامل اللواتي يعشن ظروفًا كارثية، أسماء أحمد التي اضطرت إلى النزوح عن منزلها في شمال قطاع غزة بسبب القصف الإسرائيلي، قبل أن تنجب طفلها في منتصف الليل في مدرسة إيواء في مدينة غزة حيث لا يتوافر التيار الكهربائي.
ووفقًا لوكالة الأنباء الفرنسية، فقد ساعد طبيب أسماء على وضع جنينها على ضوء الهاتف الخلوي وقطع الحبل السري بواسطة مقصّ متعدّد الاستخدام، ليولد الطفل فرج.
تقول الأم البالغة من العمر 31 عامًا للوكالة بعدما أصبح عمر طفلها 4 أشهر: "كنت خائفة كثيرًا من أن أفقد طفلي، قلت لنفسي بأنني سأموت".
بدورها، تقول ملاك شبات ابنة الـ21 عامًا التي يقترب موعد وضعها وتعيش في خيمة: "أنا خائفة جدًا من الولادة في هذا المكان".
وشبات قد لجأت إلى مدينة رفح في جنوب القطاع، بعدما نزحت مرات عدّة من منطقة إلى أخرى هربًا من الغارات الجوية الإسرائيلية.
أما سماح الحلو، فقد وصلت إلى رفح في الشهر الأخير من حملها وكافحت لتحصل على الرعاية التي تحتاجها، وتقول: "قالوا سأحتاج إلى عملية جراحية بسيطة أثناء الولادة. تأخّرت الجراحة أسبوعين إذ لم يكن هناك أطباء ولا أسرة ولا غرف عمليات".
لاحقًا، وضعت الحلو طفلها محمد لكنها لم تستطع البقاء في المستشفى بسبب الاكتظاظ ووجود حالات ولادة طارئة، لتعود إلى خيمتها وسط البرد الشديد مع رضيعها التي تكشف أنها "شعرت بأنها ستفقده".
وتضيف: "حياتنا هنا في الخيمة قاسية وأسوأ من جهنم".
كذلك، تشير بعض النسوة لوكالة الأنباء الفرنسية إلى أنه طُلب منهن إحضار فرش وأغطية في حال رغبن بالبقاء في المستشفى بعد الولادة، فيما اضطرت أخريات إلى الولادة في ردهات المستشفيات أو الشوارع وعلى الأرض.