مرّة أخرى، شكّل أطفال غزة "بنك أهداف" الاحتلال الإسرائيلي، حيث استشهد أربعة منهم في المجزرة المروّعة التي ارتكبتها قواته، فجر الثلاثاء، مستهدفة ثلاثة قادة من "سرايا القدس"، مع عائلاتهم.
ومرّة أخرى، يكتفي العالم بالتنديد بالجريمة، في أحسن الأحوال، لترتفع الأصوات المستهجنة في المقابل لازدواجية معايير المجتمع الدولي، الذي لا يتعامل مع غزة كما يتعامل مع مناطق أخرى، وكأنّ أطفالها لا حقوق لهم.
وفي هذا السياق، ندّدت منظمة اليونيسف بالاستهداف الإسرائيلي لأطفال غزة، مشدّدة على وجوب حماية جميع الأطفال، وفقًا للقانون الدولي.
وناشدت المنظمة جميع الأطراف بذل كلّ ما في وسعها لمنع مزيد من تصعيد "الأعمال العدائية"، وفق وصفها.
أطفال غزة الشهداء
لكنّ قتل الأطفال ليس بممارسة جديدة على الاحتلال، فوفقًا لإحصاءات الحركة العربية للدفاع عن الأطفال في فلسطين، ارتفع عدد الأطفال الفلسطينيين الذين قتلهم الاحتلال في الضفة الغربية والقدس المحتلة وقطاع غزة إلى 28 طفلًا منذ بداية العام الحالي.
وكانت الهحمات الإسرائيلية على قطاع غزة عام 2021 قد أدت أيضًا إلى استشهاد أكثر من 60 طفلاً، بينما استشهد 17 طفلاً في القطاع عام 2022.
ولطالما كان الأطفال الفلسطينيون بنك أهداف للاحتلال في جرائمه الوحشية المتكررة، بما فيها حروبه على قطاع غزة، حيث يشمل القصف استهداف المدارس ورياض الأطفال. ففي عدوان عام 2009 استُشهد 315 طفلًا، وارتقى 546 آخرون خلال العدوان عام 2014.
وخارج القضبان، لكن داخل "قطاع محاصر" يوصف بالسجن المفتوح، تحذّر منظمة "أنقذوا الأطفال" غير الحكومية، من أن 80% من أطفال قطاع غزة يعانون من أزمات نفسية ويشكون من أعراض الاكتئاب والحزن والخوف.
تاريخ إسرائيل الطويل مع القوة المفرطة
من جهته، يصف مدير مكتب فلسطين وإسرائيل في منظمة هيومن رايتس ووتش عمر شاكر الأمر بـ"المروّع"، في إشارة إلى العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة.
ويشير في حديث إلى "العربي"، من شيكاغو، إلى أنّ الحكومة الإسرائيلية لها تاريخ طويل من استخدام القوة المفرطة وغير المتناسبة ضد الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، مؤكدًا أن ذلك يشمل ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وقتل المدنيين والصحافيين وكثيرين آخرين.
وفي إشارة إلى المجزرة الإسرائيلية الأخيرة، يلفت إلى أنّ "المعلومات التي لدينا حتى الآن تشير إلى أنّ هذا النمط قد استمرّ، إذ نتحدّث عن 14 فلسطينيًا قد قتلوا بما في ذلك أربعة أطفال وعدد من النساء والأطباء الذين لم يكونوا مشاركين في الأعمال العدائية المسلحة".
"ازدواجية معايير" المجتمع الدولي
ويعتبر مدير مكتب فلسطين وإسرائيل في منظمة هيومن رايتس ووتش أنّه "بدون الضغوط الدولية فإنّ الحكومة الإسرائيلية ستواصل ما فعلته لناحية قتل المدنيين ومحو عائلات بأكملها وارتكاب مزيد من الجرائم".
ويشدّد على وجوب أن يلعب المجتمع الدولي دوره في هذا السياق، بحيث يدين تلك الانتهاكات ويطالب الحكومة الإسرائيلية بأن تكفّ عن انتهاك حقوق الفلسطينيين وتضع حدًا لجرائمها ضد الإنسانية والفصل العنصري والاضطهاد.
إلا أنّ شاكر يقرّ بأنّ هذا الأمر ليس كافيًا، "ففي نهاية المطاف ستستمرّ هذه الأنماط ما دام هناك إفلات من العقاب عن الجرائم المرتكبة، والمطلوب ملاحقة المشاركين في الجرائم الخطيرة ومساءلتهم"، مسلطًا الضوء في هذا الإطار على ازدواجية المعايير، التي تجلّت بشكل واضح مثلاً بين أوكرانيا وغزة.