السبت 16 نوفمبر / November 2024

أكبر أزمتي جوع ونزوح.. حرب السودان تدخل عامها الثاني من دون حلول

أكبر أزمتي جوع ونزوح.. حرب السودان تدخل عامها الثاني من دون حلول

شارك القصة

السودانيون عاشوا عاما بين النزوح والجوع
السودانيون عاشوا عامًا بين النزوح والجوع - غيتي
ستدخل الحرب في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع عامها الثاني من دون أي بوادر لحل سلمي قريب، في ظل أزمة نزوح كبيرة.

اقتربت الحرب في السودان من نهاية عامها الأول بعد أن اندلعت بين قائدين عسكريين كانا يتقاسمان السلطة والنفوذ، وتسببت بأوضاع مأساوية تشمل المجاعة والنزوح والعنف الجنسي والنزاعات العرقية المسلحة، وفق خبراء وموظفي إغاثة، في غياب أي مخرج في الأفق.

وتقول الأمم المتحدة: إن السودان الذي كان، حتى قبل الحرب، أحد أفقر بلدان العالم، يشهد "واحدة من أسوأ أزمات النزوح في العالم وهو مرشح لأن يشهد قريبًا أسوأ أزمة جوع في العالم".

واندلعت المعارك في الخرطوم في 15 أبريل/ نيسان 2023 بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، ونائبه في ذلك الحين قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتي". وأودت هذه الاشتباكات التي باتت تغطي مساحات واسعة من البلاد، إلى مقتل آلاف الأشخاص، من بينهم 10 آلاف إلى 15 ألفًا في مدينة واحدة في إقليم دارفور بغرب البلاد، وفق الأمم المتحدة.

واضطر ستة ملايين ونصف سوداني إلى النزوح من ديارهم، بينما لجأ مليونان ونصف آخرون إلى الدول المجاورة.

انهيار شامل

ويعاني 18 مليون سوداني، من بين إجمالي السكان البالغ عددهم 48 مليونًا، من نقض حاد في الغذاء. وبات مئات الآلاف من النساء والأطفال معرضين للموت جوعًا، في أزمات يشعر العاملون في المجال الإغاثي بالعجز حيالها بسبب رفض منحهم تأشيرات دخول، وفرض رسوم جمركية باهظة على المواد الغذائية، إضافة إلى نهب المخازن وصعوبة الوصول إلى العالقين قرب جبهات القتال.

وانهار النظام الصحي بشكل شبه كامل في السودان. وتقدّر الخرطوم الخسائر في هذا القطاع بقرابة 11 مليار دولار. أما القطاع الزراعي الذي كان يعمل فيه العدد الأكبر من السودانيين في بلد كان يعد سلة غلال إفريقيا، فاستحال أراضي محروقة. حتى المصانع القليلة تمّ قصفها.

وتؤكد الدولة أنها فقدت 80% من مواردها. وقد يؤدي استمرار المعارك إلى وقف تصدير نفط جنوب السودان الذي يعود على حكومة الخرطوم بعائدات تقدر بعشرات الملايين من الدولارات شهريًا.

ولم يتبق للسكان إلا "لجان المقاومة"، المجموعات التي كانت تنظم التظاهرات المطالبة بالديمقراطية قبل أعوام، وأصبحت تتولى إدارة مراكز العلاج الصغيرة، والمطابخ العامة في الأحياء التي أسسها متطوعون، ويتم تمويلها بتبرعات السودانيين في الخارج.

لا انتصار حاسم

ويقول الخبير في الشأن السوداني أليكس دو فال لوكالة فرانس برس: إنه "ليس هناك أي مؤشر على أننا نتجه نحو نهاية الحرب". ويضيف أنه حتى في حال توقفها "سيكون السبيل نحو إعادة بناء الدولة التي تهدمت، طويلًا وصعبًا".

ولم تشهد خريطة السيطرة في الميدان تبدلًا كبيرًا على امتداد الحرب، إذ يؤكد الصحافي محمد لطيف لوكالة فرانس برس أن "تحقيق أي من الطرفين نصرًا في المرحلة الحالية مستحيل، فقواتهما ضعيفة ومنهكة بسبب صعوبة الحصول على إمدادات".

على الأرض، تمسك قوات الدعم السريع بالأرض خصوصًا في الخرطوم وإقليم دارفور حيث قامت نواتها في مطلع القرن الحالي، أي ميليشيا الجنجويد التي أسسها دقلو، وحاربت إلى جانب نظام الرئيس السابق عمر البشير.

أما الجيش فيسيطر على الأجواء لكونه مزود بالطيران الحربي، الذي يقصف به قوات الدعم السريع لكن دون سيطرة برية، ما يجعل "أي انتصار غير ممكن"، وفق مصادر فرانس برس.

وفي حرب المدن التي يستخدم خلالها الطرفان أسلحة راكماها على مر السنين، يدفع المدنيون الثمن، حيث يقوم طرفي النزاع باحتلال البيوت، وفق لجنة من المحامين المستقلين المطالبين بالديمقراطية، التي تسجل كذلك مع غيرها من المنظمات المحلية والدولية الانتهاكات التي يرتكبها الطرفان مثل القتل لأسباب عرقية، وتجنيد الأطفال والعنف الجنسي ضد النساء.

مفاوضات متعثرة

وتراجع زخم جهود الوساطة التي كانت تقوم بها هيئات إقليمية مثل الاتحاد الإفريقي أو الإيغاد (منظمة تضم دول شرق إفريقيا) أو الجامعة العربية، وسعت للتوصل إلى حل تفاوضي للنزاع. مع ذلك، وعدت الولايات المتحدة باستئناف جهودها مع السعودية وأعلنت أن جولة مفاوضات جديدة ستعقد في مدينة جدة في 18 أبريل/ نيسان.

وعلى رغم تعثّر الوساطات، يقول دو فال إنه "ليس من الصعب تحقيق إجماع في إفريقيا والشرق الأوسط على أن انهيار السودان ليس من مصلحة أحد". ويوضح أن سقوط السودان "الذي يعد بؤرة لنزاعات عابرة للحدود وللتنافس الدولي (على النفوذ) يمكن أن يؤدي إلى إشعال المنطقة برمتها".

ويعتبر المعلق السياسي السوداني خالد التيجاني أن "هذه الحرب وتفرعاتها السياسية تجعل من الصعب استقراء المستقبل. فالأمر لا يتعلق فقط بالنزاع بين الجنرالين ولكن هناك الكثير من التدخلات الأجنبية".

وعلى رغم تحذيرات المجتمع الدولي والأمم المتحدة المتكررة من احتمالات تفاقم الأزمة الإنسانية خلال الأسابيع والأشهر المقبلة، يتمسك كل من البرهان ودقلو المعروف بحميدتي، بموقفيهما. ويصف كل طرف الآخر بـ "الإرهابيين".

تابع القراءة
المصادر:
أ ف ب
تغطية خاصة
Close