أكدت أطراف زراعية كبرى بينها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وكندا وأستراليا، الجمعة، على ضمان الأمن الغذائي العالمي رغم تداعيات الاجتياح العسكري الروسي لأوكرانيا.
وقال هؤلاء الأعضاء الـ51 في منظمة التجارة العالمية في بيان مشترك: "نلتزم العمل معًا لضمان توفير ما يكفي من الغذاء للجميع، بما في ذلك الأكثر فقرًا وضعفًا والنازحين".
كما تعهدوا الحفاظ على الأسواق "مفتوحة وقابلة للتنبؤ وشفافة بعدم فرض تدابير تجارية تقييدية غير مبررة" على المنتجات الغذائية الزراعية والمنتجات الرئيسية للإنتاج الزراعي.
وأكد الأعضاء الموقعون الذين غاب عن لقائهم منتجون كبار مثل الأرجنتين والبرازيل، أن تدابير الطوارئ المتخذة للتعامل مع الوضع يجب أن تسبب أقل قدر ممكن من الاضطرابات، وأن تكون مؤقتة ومستهدفة ومتناسبة.
تراجع صادرات أوكرانيا الضخمة
كما دعا الأعضاء إلى إعفاء المنتجات التي يشتريها برنامج الأغذية العالمي من أي قيود أو حظر على الصادرات.
ويقود البرنامج التابع للأمم المتحدة جهودًا للتعويض عن الخسائر التي تكبدتها السوق الزراعية العالمية جراء تراجع صادرات أوكرانيا الضخمة من الحبوب والزيوت.
وهذه محاولة لتجنب ما حصل لبرنامج "كوفاكس" الدولي للقاحات الذي تعرض لعراقيل بسبب القيود التي فرضتها دول على صادرات مكونات أساسية لإنتاجها.
وروسيا وأوكرانيا مصدرّان رئيسان للقمح والذرة وبذور اللفت وزيت عباد الشمس، كما أن روسيا أكبر مورد للأسمدة والغاز في العالم.
اعتماد إفريقي على الصادرات الأوكرانية
وتعتمد العديد من الدول بخاصة في القارة الإفريقية على واردات المواد الغذائية من أوكرانيا التي كانت تصدر قبل الحرب 4,5 مليون طن من الإنتاج الزراعي شهريًا، أي 12% من القمح و15% من الذرة و50% من زيت عباد الشمس على الصعيد العالمي. وشكلت روسيا وأوكرانيا معًا 30% من تجارة القمح العالمية.
ويأتي البيان المشترك الذي يحضّ على إبقاء الأسواق مفتوحة في وقت بدأت تظهر ردود فعل حمائية.
ففي نهاية أبريل/ نيسان، قررت إندونيسيا التي لم توقع على النص المشترك تعليق صادراتها من زيت النخيل، ما زاد ارتفاع أسعار هذا المنتج.
أوكرانيا ستخسر ثلث محصولها
في غضون ذلك، حذرت شركة كايروس لتحديد المواقع الجغرافية في مذكرة نشرت الجمعة استنادًا إلى تحليل صور عبر الأقمار الاصطناعية، بأن محاصيل القمح المقبلة في أوكرانيا ستتراجع بما لا يقل عن 35% عما كانت عليه عام 2021 بسبب الاجتياح الروسي لأراضيها.
الحرب الروسية الأوكرانية المحتملة تهدد مخزون القمح في دول عربية وتوقعات بارتفاع أسعاره إلى مستويات غير مسبوقة تقرير: علي القيسية تابعوا المزيد عبر البث المباشر للتلفزيون العربي على يوتيوبhttps://t.co/DUMyi3Ua1s pic.twitter.com/1Tjpk1oFpe
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) February 20, 2022
وأثار النزاع بلبلة كبيرة في موسم البذار الجاري وأرغم المزارعين على العمل تحت القصف فيما بات من الصعب الحصول على الوقود الضروري لنشاطهم.
ويظهر الفرق في المحاصيل بوضوح من خلال صور الأقمار الاصطناعية بالمقارنة مع المواسم الاعتيادية.
والتقط القمر الاصطناعي "تيرا" التابع لوكالة الفضاء الأميركية (ناسا) الصور بين 14 و22 أبريل/ نيسان، بعد أقل من شهرين من بدء الاجتياح الروسي لأوكرانيا، وقامت كايروس بتحليلها.
"ستكون المساحات المزروعة أقل"
واتبعت الشركة المتخصصة في التصوير عبر الأقمار الاصطناعية وتحديد المواقع الجغرافية على اتصال بالبيئة، في تحليلها الوسيلة المعروفة بـ"مؤشر الفرق المعياري للغطاء النباتي"، وهو تحليل عالي الدقة بواسطة الأشعة تحت الحمراء يسمح بتقييم وضع النبات وبالتالي استنتاج توقعات بالنسبة لمحاصيل الحبوب.
واستنادًا إلى هذه الصور، سيكون بإمكان أوكرانيا في ظل الوضع الراهن إنتاج 21 مليون طن من القمح عام 2022، ما يقل بـ12 مليون طن عن محصول 2021 بحسب كايروس، مع تراجع المحاصيل بنسبة 23% عن متوسط السنوات الخمس الأخيرة.
ومع استمرار المعارك وبما أن قسمًا كبيرًا من إنتاج القمح في البلد مصدره مناطق شرق أوكرانيا حيث النزاع على أشده، فإن أرقام الإنتاج الفعلية ستكون أدنى على الأرجح.
وقال داميان فيركامبر المحلل لدى شركة إنتر كورتاج إن "موسم البذار يتواصل، فيما المزارعون يمارسون نشاطهم وهم يضعون خوذة وسترة واقية من الرصاص... لكنه تحد لوجستي هائل، ونحن على يقين بأن المساحات المزروعة ستكون أصغر" من قبل.
وفي مطلق الأحوال، فإن المزارعين الذين سيتمكنون من زرع القمح سيواجهون مشكلة في التخزين، إذ إن حركة التصدير عبر القطارات والبر لا يمكن أن تعوض سوى عن جزء يسير من التصدير عبر السفن، في ظل الحصار الذي تفرضه روسيا على الموانئ الأوكرانية على البحر الأسود وبحر آزوف، ما يعيق المبادلات التجارية.