واصلت قوات الاحتلال قصف قطاع غزة بضربات جوية صباح اليوم الإثنين، وشن الطيران الإسرائيلي هجمات على جنوب لبنان خلال الليل في الوقت الذي يعقد فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اجتماعًا مع كبار القادة العسكريين ومجلس وزراء الحرب لتقييم الصراع المتصاعد.
وذكرت وسائل إعلام فلسطينية أن الهجمات الإسرائيلية تركزت على وسط قطاع غزة وشماله. وأفادت تقارير إعلامية بأن غارة جوية على منزل بالقرب من مخيم جباليا للاجئين في شمال غزة أدت إلى استشهاد عدد من الفلسطينيين وإصابة آخرين، حيث أفاد مراسل "العربي" باستشهاد أكثر من 30 فلسطينيًا في تلك الغارة.
بدورها، أعلنت السلطات الصحية في غزة، أن ما لا يقل عن 4700 شخص استشهدوا جراء القصف الإسرائيلي المستمر منذ أسبوعين، بعد العدوان الذي شنه الاحتلال على القطاع في 7 أكتوبر/ تشرين الأول، عقب عملية "طوفان الأقصى" التي أطلقتها حماس وفصائل المقاومة ردًا على اعتداءات الاحتلال.
وذكرت حماس في بيان أن رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية تلقى اتصالًا هاتفيًا من وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان بحثا خلاله كيفية استخدام كل السبل لوقف "الجرائم الوحشية" التي ترتكبها إسرائيل في القطاع.
يأتي هذا فيما تحشد إسرائيل دبابات وقوات قرب السياج الحدودي حول قطاع غزة استعدادًا لاجتياح بري مزمع بهدف القضاء على "حماس"، حسب وكالة "رويترز".
تحذيرات من صراع أوسع في الشرق الأوسط
وتزايدت المخاوف من أن يتحول العدوان الإسرائيلي على غزة إلى صراع أوسع في الشرق الأوسط في مطلع الأسبوع مع تحذير واشنطن من وجود خطر كبير على المصالح الأميركية في المنطقة وإعلانها عن نشر أنظمة دفاع جوي متقدمة.
وقال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن لبرنامج "هذا الأسبوع" الذي تبثه شبكة "إيه.بي.سي" أمس الأحد: "نحن قلقون من احتمال التصعيد. في الواقع، نرى احتمالًا لتصعيد كبير في الهجمات على قواتنا ومواطنينا في أنحاء المنطقة".
وذكرت وسائل إعلام رسمية صينية اليوم أن المبعوث الصيني الخاص إلى الشرق الأوسط تشاي جون الذي سيزور المنطقة حذر من أن احتمال نشوب هجوم بري واسع النطاق يتزايد وأن اتساع نطاق الصراعات في المنطقة أمر "مثير للقلق".
وقال مسؤولون أمنيون إيرانيون لوكالة "رويترز"، إن إستراتيجية إيران تتمثل في قيام وكلاء لها في الشرق الأوسط بشن هجمات محدودة على أهداف إسرائيلية وأميركية مع تجنب تصعيد كبير من شأنه أن يجر طهران إلى الصراع.
وفي سوريا المجاورة ذكرت وسائل إعلام رسمية أن هجومًا صاروخيًا إسرائيليًا استهدف مطاري دمشق وحلب الدوليين أمس مما أدى لمقتل عاملين على الأقل وخروج المطارين عن الخدمة.
وعلى الحدود الشمالية لإسرائيل مع لبنان، دارت اشتباكات بين حزب الله والقوات الإسرائيلية.
وقال الجيش الإسرائيلي إن طائراته قصفت في وقت مبكر اليوم الإثنين خليتين تابعتين لحزب الله في لبنان كانتا تخططان لإطلاق صواريخ مضادة للدبابات وقذائف باتجاه إسرائيل. وأفاد الجيش أيضًا بأنه قصف أهدافًا أخرى لحزب الله منها مجمع ونقطة مراقبة. وأعلن الحزب اليوم عن استشهاد أحد مقاتليه.
وصول المزيد من المساعدات إلى غزة
وعلى صعيد آخر، دعا رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية المجتمع الدولي لتكوين "جبهة موحدة" من أجل وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والسماح بتدفق المساعدات التي تشتد الحاجة إليها والتي بدأت في الدخول يوم السبت فحسب.
وقال البيت الأبيض: إن قافلة ثانية تضم 14 شاحنة محملة بالمساعدات دخلت إلى قطاع غزة المحاصر قادمة من معبر رفح أمس الأحد. وأكد الرئيس الأميركي جو بايدن ونتنياهو في اتصال هاتفي أنه "سيكون هناك الآن استمرار لتدفق هذه المساعدات الحيوية إلى غزة"، حسب "رويترز".
وأفاد مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية بأن حجم المساعدات التي دخلت يعادل نحو 4% فقط من المتوسط اليومي للواردات التي كانت تدخل إلى القطاع قبل الأزمة، ولا يمثل سوى جزء ضئيل مما هو مطلوب في ظل نفاد مخزونات الأغذية والمياه والأدوية والوقود.
وكثف بايدن جهوده الدبلوماسية وأجرى اتصالات مع نتنياهو والبابا فرنسيس بابا الفاتيكان وأجرى اجتماعًا عن بُعد مع قادة كندا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا بشأن إدخال المساعدات إلى غزة ومنع اتساع رقعة الصراع.
وفي بيان مشترك، عبّر القادة عن "دعمهم لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها"، كما طالبوها بالالتزام بالقانون الدولي الإنساني بما يشمل حماية المدنيين، حسب وكالة "رويترز".
وقال مكتب نتنياهو إنه أجرى أيضًا اتصالات هاتفية مع قادة فرنسا وإسبانيا وهولندا في وقت متأخر أمس الأحد.
دعم أميركي غير مسبوق لإسرائيل
وبشأن دلالة الدعم الأميركي غير المسبوق لإسرائيل من إرسال حاملة طائرات ونشر منظومة دفاع جوي، يرى الكاتب والمختص في الشأن الأميركي عزيز فهمي، أن زيادة الدعم الأميركي تعكس القلق الإسرائيلي وقلق واشنطن من توسع نطاق الحرب وانتقالها إلى الجبهة الشمالية بين حزب الله وإسرائيل.
وفي حديث لـ"العربي" من واشنطن، يضيف فهمي أن الهدف الأميركي من هذا الدعم تتمثل في فكرة الردع، وأن الولايات المتحدة الأميركية تجهز ما يكفي من القوات لإقناع الأطراف الأخرى بعدم الدخول في حرب مع إسرائيل.
ويوضح أن هناك مفاوضات كثيرة جدًا تجري في الكواليس بشأن ملف الأسرى، وقال إن هناك حديثًا عن صفقة تبادل أسرى كبيرة جدًا، حسب قوله.
وفي هذا الصدد، يلفت فهمي إلى أن هناك تغييرًا جوهريًا في الخطاب الإسرائيلي خلال اليومين السابقين، بسبب خروج مظاهرات من أهالي الأسرى اعتقدوا أن الحكومة الإسرائيلية مستعدة للتضحية بالأسرى من أجل القضاء على حماس، مشيرًا إلى أن هناك حراكًا شعبيًا في إسرائيل ينادي بالتريث وبإعطاء أولوية لقضية الأسرى.
وعلى صعيد آخر، يشير إلى أن الولايات المتحدة ترد الآن على الهجمات التي تتعرض لها مصالحها في المنطقة، لكنه أشار إلى أن الرد يكون في حدود الفعل وليس بشن حرب واسعة، مستبعدًا أن يكون الحشد الأميركي في الشرق الأوسط لغزو إيران.
ويخلص المختص في الشأن الأميركي عزيز فهمي إلى أن الولايات المتحدة لن تقدم على إقحام نفسها عسكريًا في هذا النزاع، بل تعمل على محاولة احتوائه، حسب رأيه.