دبت الفوضى في أروقة الحكومة الإسرائيلية، اليوم الإثنين، إثر إطلاق سراح مدير مشفى الشفاء في قطاع غزة الدكتور محمد أبو سلمية، بعد اعتقال دام 8 أشهر.
وصباح الإثنين، أطلقت إسرائيل سراح أبو سلمية بعد اعتقاله في 23 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وذلك ضمن 54 أسيرًا أفرجت عنهم، بسبب الاكتظاظ في سجونها، وفق صحيفة "معاريف" الإسرائيلية.
وعقب إطلاق سراحه، قال أبو سلمية، في مؤتمر صحافي: إن "الاحتلال الإسرائيلي لم يوجه إليَّ أي تهمة رغم محاكمتي 3 مرات"، مؤكدًا تعرضه لتعذيب شديد في السجون الإسرائيلية.
وتابع أن "الاحتلال يقتحم زنازين الأسرى ويعتدي عليهم بشكل شبه يومي".
هل فضح رواية الاحتلال الزائفة حول مستشفى الشفاء؟
وفي هذا الإطار، أفاد مراسل التلفزيون العربي أحد دراوشة من القدس المحتلة، بأن إسرائيل تريد تحميل أبو سلمية مسؤولية ما كانت تروج له بشأن مستشفى الشفاء الذي صورته تل أبيب وكأنه مقر قيادة حركة حماس.
لكن رغم اعتقاله وتعرضه للتعذيب والتعذيب الشديد، بحسب ما يقول وزراء إسرائيليون، إلا أن الحكومة الإسرائيلية وشرطة الاحتلال وجهاز القضاء، حسب مراسلنا لم يتمكنوا من إثبات أي تهمة من التهم التي كان يروجها الاحتلال، وبالتالي أفرج عنه.
وأضاف أن المحكمة العليا في إسرائيل لم تقرر الإفراج عن أبو سلمية، إنما كانت هناك جلسة خلال الأسبوع الماضي حول ظروف الاعتقال، تحديدًا في معتقل سدي تيمان، وفي غيرها من المواقع الأخرى، مشيرًا إلى أن المحكمة انتقدت ظروف اعتقال الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، فتقرر على ما يبدو الإفراج عن جزء منهم.
وحسب مراسلنا، لم تقرر المحكمة العليا الإفراج، لكن على ما يبدو طلبت تحسين ظروف اعتقال المعتقلين الفلسطينيين، بسبب عدم وجود مزيد من السجون، وبالتالي لجأ الشاباك إلى الإفراج عن الأسرى. وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، إن الإفراج عن أبو سلمية جاء بناء على طلب "جهات أمنية".
وتبادل مسؤولون في الجيش والمخابرات وسلطة السجون ووزارة الأمن القومي اتهامات بشأن المسؤولية عن اتخاذ القرار، الذي تنصل منه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الأمن يوآف غالانت.
وبشدة، انتقدت المعارضة قرار إطلاق سراح أبو سلمية، وهو طبيب أطفال، ودعت إلى إقالة المسؤول عن اتخاذه، وجددت دعوتها إلى استقالة الحكومة.
ووجهت المعارضة اتهامات بشكل مباشر إلى رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) رونين بار، وسط دعوات إلى إقالته من منصبه.
اكتظاظ في السجون
وأرجع "الشاباك" قرار إطلاق سراح أبو سلمية إلى حالة الاكتظاظ في السجون، محملًا وزارة الأمن القومي، برئاسة إيتمار بن غفير، المسؤولية عن عدم اتخاذ خطوات لزيادة الأماكن في السجون.
وقال "الشاباك"، في بيان: "مؤخرًا، صدر قرار بتغيير غرض منشأة "سدي تيمان" (مركز احتجاز تابع للجيش- جنوب)، بحيث يتم احتجاز المعتقلين (من غزة) فيها لفترات قصيرة فقط".
وأضاف: "بناء على ذلك، طُلب من الشاباك والجيش، في أعقاب مناقشات قادها الجيش، العمل على إطلاق سراح عشرات المعتقلين لإخلاء أماكن الاعتقال".
"الشباك" تابع: "منذ نحو عام، ونحن نحذر كتابيًا وشفاهيًا من اكتظاظ السجون وضرورة زيادة عدد أماكن التوقيف؛ نظرًا لضرورة اعتقال (المزيد) من الضفة الغربية وقطاع غزة"، حسب قوله.
واستدرك: "وللأسف، فإن هذه الطلبات، التي قُدمت إلى كافة الجهات المعنية وعلى رأسها وزارة الأمن القومي المسؤولة عن ذلك، لم تجد نفعًا، ولم يزيد عدد أماكن الحبس بطريقة مناسبة".
وزاد بأنه: على ضوء رفض إطلاق سراح معتقلين من الضفة الغربية "تقرر إطلاق سراح عدد من المعتقلين من غزة يشكلون خطرًا صغيرًا"، حسب تعبيره.
وبخصوص أبو سلمية، قال "الشاباك": "رغم أن مدير مشفى الشفاء يستوفي جميع المتطلبات المتعلقة بمستوى الخطر الذي يشكله، إلا أنه سيتم التحقيق في إطلاق سراحه".
وشدد على أنه "بدون حل فوري لنقص الأماكن في السجون، سيستمر إلغاء الاعتقالات وإطلاق سراح المعتقلين".
رد مصلحة السجون
إلا أن مصلحة السجون سارعت إلى نفي مسؤوليتها، ونشرت بشكل استثنائي صورة قرار إطلاق سراح أبو سلمية، وقالت إن القرار اتخذه "الشاباك" والجيش.
ونقلت إذاعة الجيش عن مصلحة السجون قولها: "مدير الشفاء لم يُطلق سراحه بسبب اكتظاظ السجون، الجيش والشاباك هما مَن اتخذا قرار إطلاق سراحه. بسبب منشورات كاذبة، نحن مضطرون للكشف عن أمر الإفراج عنه".
وردًا على ذلك، نشر مكتب وزير الأمن غالانت توضيحًا تنصل فيه من إطلاق سراح أبو سلمية.
وقال: إن "إجراءات حبس الأسرى الأمنيين وإطلاق سراحهم تتم من جانب الشاباك ومصلحة السجون، ولا تخضع لمصادقة وزير الدفاع"، وفق الإذاعة.
من جهته، دعا وزير الأمن القومي بن غفير إلى إقالة رئيس جهاز "الشاباك" من منصبه.
كما دعا زعيم حزب "الوحدة الوطنية" المعارض بيني غانتس إلى إقالة المسؤول عن إطلاق أبو سلمية، وجدد دعوته إلى استقالة الحكومة وإجراء انتخابات مبكرة.
نتنياهو يتنصل
بدوره، تنصل نتنياهو، في بيان، من أي مسؤولية عن قرار إطلاق سراح أبو سلمية، ووجَّه بفتح تحقيق فوري في الأمر.
واعتبر زعيم المعارضة يائير لابيد، عبر منصة "إكس"، أن ما يجري هو تعبير عن حالة الفوضى في الحكومة.
وقال لابيد: "الفوضى التي تشهدها الحكومة بشأن إطلاق سراح مدير مشفى الشفاء هي استمرار مباشر لحالة الفوضى والتخبط التي تعاني منها الحكومة والتي تُضر بأمن الإسرائيليين".
وأضاف: "وزير الدفاع لم يعلم، ووزير الأمن القومي لم يتورط، وتبادل الاتهامات. تم تسريب كل شيء".
ووفق صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية الإثنين فإنه "قبل حوالي 3 أسابيع، أبلغت الدولة المحكمة العليا أن المعتقلين الفلسطينيين في سدي تيمان إما سيتم نقلهم إلى مرافق احتجاز أخرى في إسرائيل أو إعادتهم إلى غزة".
وجاءت هذه الخطوة على وقع تقارير حقوقية فلسطينية وإسرائيلية ودولية عن تعذيب وقتل أسرى من غزة في سجن سدي تيمان.
وقدمت منظمات حقوقية إسرائيلية التماسًا إلى المحكمة العليا تطالب فيه بإغلاق هذا السجن سيئ السمعة.