وثقت عدسة القناة البريطانية "آي تي في نيوز" في 24 يناير/ كانون الثاني، جريمة جديدة ارتكبها الجيش الإسرائيلي بحق المدنيين العزل، حيث أقدمت قواته على استهداف فلسطيني يدعى رمزي أبو سحلول كان يرفع الراية البيضاء، ما أدى إلى استشهاده على الفور.
من جانبه، تنصل جيش الاحتلال من هذه الجريمة الموثقة بالصوت والصورة، وزعم أن التسجيل المصور مفبرك، كما اتهم القناة البريطانية بالترويج للدعاية الإعلامية لحركة حماس.
بدوره، تحقق فريق "العربي" من تفاصيل الواقعة، ووثق جريمة حرب جديدة ضمن الجرائم التي يشنها الاحتلال على المدنيين في غزة.
وبدأ "العربي" تحقيقه بالمقابلة التي أجراها المصور محمود أبو صفية الذي يعمل لحساب القناة البريطانية، قبل دقائق من استهداف الفلسطيني الأعزل.
الشهيد رمزي أبو سحلول
وذكرت القناة أن الشهيد يدعى رمزي أبو سحلول، وكان يجري مقابلة مع "آي تي في" حول محاولته العودة إلى المنطقة التي نزح منها لإنقاذ والدته وأخيه.
بالبحث عنه عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تأكد "العربي" من هوية الشهيد من خلال منشور لابنه ينعى أباه مرفقًا بصورة، وكانت معالم الوجه مطابقة للشخص الذي ظهر في المقطع التوثيقي للحادثة.
أما عن مكان الواقعة فقد تمكن تحقيق "العربي" من تحديده من خلال مقارنة المعالم الظاهرة بالفيديو، وبالأخص شعار المبنى المجاور الذي يعود بحسب نتائج تحليله إلى جامعة الأقصى القائمة في قطاع غزة، حيث تتشابه معالم المبنى مع المعالم الظاهرة في مقاطع الحادثة.
موقع الجريمة
وبالتالي تمكن "العربي" من تأكيد وقوع الجريمة عند شارع البحر في الجهة الشمالية لمبنى جامعة الأقصى في منطقة المواصي جنوبي قطاع غزة.
ولتحديد توقيت الجريمة، قام فريق "العربي" بدراسة الظلال الظاهرة في الفيديو، حيث يظهر ظل العمود في إحدى اللقطات يساوي ضعفي طول العمود تقريبًا.
وبتطبيق هذه النتائج على أداة SunCalc، وجد "العربي"، أن التوقيت التقريبي لهذه الحادثة هو حوالي الثالثة إلا ربعًا بالتوقيت المحلي.
ووجد "العربي" منشورًا على منصة "إكس" في اليوم نفسه للمتحدث باسم جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي، يدعو فيه سكان أحياء النصر والأمل وما حولها إلى الانتقال الفوري نحو ما أسماه بالمنطقة الإنسانية المحددة في المواصي، عبر طريق شارع البحر.
الجيش الإسرائيلي يقتل مدنيين في طرقات يقول إنها آمنة
وكان توقيت المنشور عند الساعة الثانية وست دقائق بالتوقيت المحلي، أي قبل ساعة تقريبًا على توقيت استهداف المدني أبو سحلول.
أما مضمونه فخريطة تحدد ما ادعى المتحدث باسم الاحتلال أنه الطريق الآمن إلى المناطق الآمنة التي يجب على الفلسطينيين العبور إليها.
لكن بالعودة إلى الخريطة التفصيلية المنشورة على الموقع الرسمي لجيش الاحتلال، وبالمقارنة مع الموقع الذي حدده "العربي" مسبقًا، نجد أن السهم الظاهر في الصورة المرفقة بالمنشور يشير إلى المنطقة التي تقع فيها جامعة الأقصى حيث وقع الاستهداف.
إلى ذلك، تشير كل الأدلة التي جمعها "العربي" إلى أن الاحتلال قام باستهداف رجل أعزل في موقع أعلن أنه منطقة آمنة، وبعد أقل من ساعة على توجيهات رسمية صادرة بذلك.
ففي الواقعة التي وثقتها القناة البريطانية، ما يحمل علامات جريمة حرب، كما يصنف نظام روما المؤسس للمحكمة الجنائية الدولية جريمة القتل العمد.
جريمة حرب
كما تنص المادة الثالثة من اتفاقيات جنيف الأولى على أن الأشخاص الذين لا يشتركون مباشرة في الأعمال العدائية يعاملون في جميع الأحوال معاملة إنسانية.
وتنص المادة الـ12 من نفس الاتفاقيات على احترام وحماية الجرحى والمرضى من أفراد القوات المسلحة، وغيرهم من الأشخاص المحميين.
أما المادة 32 من اتفاقية جنيف الرابعة فتحظر جميع التدابير التي من شأنها أن تسبب معاناة بدنية، أو إبادة للأشخاص المحميين الموجودين تحت سلطتها.
وتضاف هذه الجريمة الجديدة إلى سلسلة من الانتهاكات التي ارتكبها الاحتلال، ورصدها "العربي" في تحقيقات سابقة، جميعها تؤكد خرق إسرائيل للمواثيق والقوانين الدولية.