الإثنين 9 Sep / September 2024

"إعلان سياسي" جديد في السودان.. ماذا قال مدعي المحكمة الجنائية الدولية؟

"إعلان سياسي" جديد في السودان.. ماذا قال مدعي المحكمة الجنائية الدولية؟

شارك القصة

تقرير لـ"العربي" حول قرار الحكومة السودانية تسليم عمر البشير ومسؤولين آخرين إلى الجنائية الدولية في أغسطس 2021 (الصورة: غيتي)
أعلن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان أن السلطات السودانية رفضت وصول محققي المحكمة إلى الرئيس المعزول عمر البشير المحتجز حاليًا في الخرطوم.

أبلغ المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، الثلاثاء، مجلس الأمن الدولي، أن السلطات السودانية رفضت وصول محققي المحكمة إلى الرئيس المعزول عمر البشير المحتجز حاليًا في الخرطوم.

جاء ذلك في جلسة لمجلس الأمن الدولي بالمقر الدائم للأمم المتحدة في نيويورك، لمناقشة التقرير الـ35 للمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بشأن الأنشطة التي قام بها خلال الفترة من يناير/ كانون الثاني الماضي إلى مطلع أغسطس/ آب الجاري.

والسبت، بدأ كريم خان زيارة إلى السودان، لمدة خمسة أيام، لبحث سبل تعاون الحكومة السودانية، في مثول المطلوبين أمام المحكمة، حيث التقى الرجل الثاني في النظام العسكري محمد حمدان دقلو الثلاثاء على أن يجتمع الأربعاء بالفريق عبد الفتاح البرهان الذي تولى السلطة إثر انقلاب في أكتوبر/ تشرين الأول.

وكان السودان قرّر في أغسطس/ آب العام الماضي تسليم عمر البشير واثنين من مساعديه المطلوبين في ملف دارفور إلى المحكمة الجنائية الدولية.

وقال المدعي العام في كلمته، عبر دائرة تلفزيونية مغلقة من السودان، لأعضاء المجلس: "إنني متواجد في السودان الآن بغرض تقوية أسس عملنا المشترك لتحقيق مبدأ المحاسبة".

وأضاف أن "التعاون من قبل السلطات السودانية أمر ضروري إذا أردنا تحقيق عدالة ناجزة لضحايا دارفور".

وتابع: "تتواصل التحقيقات بشأن أوامر القبض المتعلقة بالسيد عمر البشير والسيد عبد الرحيم حسين والسيد أحمد هارون، وهم رهن الاحتجاز في الخرطوم".

وتضم قائمة المشتبه بهم، إضافة إلى عمر البشير وعلي كوشيب، وزير الدفاع الأسبق عبد الرحيم محمد حسين، والقيادي السابق في حزب المؤتمر الوطني أحمد هارون.

وتشمل التهم الموجهة إليهم جميعًا: تنفيذ عمليات قتل خارج إطار القانون طالت أكثر من 260 شخصًا واغتصاب عشرات السيدات، إضافة إلى أعمال نهب وحرق وترويع آلاف السكان في غرب دارفور.

"السودان يرفض وصولنا إلى عمر البشير"

ومضى خان يقول: "طلب مكتبي الوصول إلى المشتبه فيهم عن طريق السلطات المختصة في الخرطوم ولكن هذا الوصول لم يتحقق، ولكنني سوف أواصل التحقيقات بشأن أوامر القبض تلك".

واعتبر أن "بدء إجراءات المحاكمة في الدعوى المقامة ضد علي محمد علي عبد الرحمن (المعروف باسم علي كوشيب) في 5 أبريل/ نيسان الماضي، بمثابة لحظة فاصلة للعدالة في دارفور وللعلاقة بين المحكمة الجنائية الدولية ومجلس الأمن ".

ويواجه كوشيب 31 تهمة من بينها ارتكاب جرائم حرب وعمليات إبادة جماعية ضد المدنيين في دارفور خلال عامي 2003 و2004.

واستدرك خان قائلًا: "من الضروري التركيز الآن على ضخ المزيد من الزخم في التحقيقات الجارية بشأن المشتبه فيهم الذين صدرت بحقهم أوامر بالقبض عليهم، ولكن لم يتم تنفيذها حتى الآن".

"سئموا الوعود ويتوقون إلى العدالة"

وفي سياق آخر، أكد كريم خان أن السودانيين "سئموا الوعود ويتوقون إلى العدالة"، معربًا عن أسفه لـ "تراجع" تعاون السلطات السودانية.

وخلال زيارته الميدانية إلى دارفور حيث تفقد ثلاثة مخيمات للنازحين بما في ذلك مخيم "كلمة" حيث عبر له اللاجئون عن امتنانهم. قال خلال مداخلة عبر الفيديو: "هذا الامتنان غير متكافئ مع ما فعلناه".

وأشار إلى التقدم المحرز مع بدء محاكمة زعيم سابق لميليشيا الجنجويد، وهو أول شخص يُحاكم أمام المحكمة الجنائية الدولية على الفظائع التي ارتكبت في دارفور قبل نحو 20 عامًا، داعيًا إلى "تسريع التحرك".

وشدد المدعي العام على أن "كابوس الآلاف من سكان دارفور لم ينته" جزئيًا بسبب غياب العدالة، والعدالة "تتطلب أفعالًا وليس أقوال. لقد سئموا الوعود".

ودعا المدعي العام في تقريره نصف السنوي السلطات السودانية إلى توفير حرية الاطلاع على الوثائق التي تخدم تحقيقات المحكمة الجنائية الدولية والشهود الرئيسين. كما دعا كريم خان مجلس الأمن إلى زيارة السودان.

وقال: "فرصة تعلم المزيد والاستماع إلى بعض الناجين وبعض سكان دارفور الذين يعيشون في المخيمات الذين يحترمونكم ويعلقون الكثير من الآمال عليكم ستساعدنا على إحياء التزاماتنا تجاه الإنسانية والتزاماتكم كعضو في مجلس الأمن".

وفي 2003، اندلع في إقليم دارفور، نزاع مسلح بين القوات الحكومية وحركات مسلحة متمردة، أودى بحياة حوالي 300 ألف، وشرد نحو 2.5 مليون آخرين، وفق الأمم المتحدة.

وأحال مجلس الأمن ملف دارفور إلى المحكمة الجنائية، بموجب القرار 1593 الصادر عام 2005، وكانت هي المرة الأولى التي يحيل فيها المجلس قضية إلى المدعي العام لتلك المحكمة.

"إعلان سياسي" لفترة انتقالية جديدة

وفي سياق آخر، وقّعت "قوى إعلان الحرية والتغيير - التوافق الوطني" في السودان، الثلاثاء، على "إعلان سياسي للحكم المدني الديمقراطي" ينص على تشكيل جسم سيادي لإدارة فترة انتقالية تتفق عليه الأطراف.

وتمثل مجموعة "التوافق الوطني" كيانات سياسية وحركات مسلحة تدعو إلى الحوار والوفاق حول القضايا الوطنية، وهي تتحالف مع المكون العسكري في السلطة الانتقالية وتدعم قرارات رئيس مجلس السيادة الانتقالي قائد الجيش عبد الفتاح البرهان.

وخلال مراسم التوقيع، قال رئيس لجنة الاتصال في "التوافق الوطني" مني أركو مناوي: إن أهم ما جاء في الإعلان السياسي هو "مشاركة المؤسسة العسكرية السلطة خلال الفترة الانتقالية المقترحة نظرًا إلى هشاشة الأوضاع الأمنية في البلاد".

وأضاف أن الإعلان أبقى الوثيقة الدستورية لعام 2019 (خاصة بإدارة المرحلة الانتقالية) الأساس مع إجراء بعض التعديلات بموافقة جميع أطراف الفترة الانتقالية.

فيما أفاد القيادي بـ"التوافق الوطني" سليمان صندل بأن "الإعلان السياسي تضمن مبادئ عامة تنص على التأكيد على وحدة السودان والتنوع الديني والعرقي والثقافي واحترام الأديان ومبادئ المواطنة المتساوية".

وأفاد بأن "الإعلان نص كذلك على تشكيل جسم سياسي انتقالي تتفق الأطراف على صلاحيته ومهامه، وتكوين المحكمة الدستورية، وتعيين رئيس وزراء ومجلس الوزراء من الكفاءات الوطنية".

وحدد الإعلان السياسي مدة الفترة الانتقالية بـ30 شهرًا تبدأ من تاريخ التوقيع عليه.

ووفقًا للوثيقة الدستورية لعام 2019، بدأت بالسودان في 21 أغسطس/ آب من ذلك العام فترة انتقالية تنتهي بإجراء انتخابات مطلع 2024 ويتقاسم خلالها السلطة كل من الجيش وقوى مدنية وحركات مسلحة وقعت مع الحكومة اتفاق سلام عام 2020.

ومن أبرز القوى التي وقعت الإعلان السياسي الثلاثاء: "قوى الحرية والتغير – التوافق الوطني" والطرق الصوفية والإدارات الأهلية.

ومن المنتظر أن تعرض هذه القوى الإعلان السياسي على الأطراف الأخرى للنقاش بهدف الاتفاق على صيغة واحدة.

ومنذ 25 أكتوبر 2021، يشهد السودان احتجاجات شعبية تطالب بعودة الحكم المدني وترفض إجراءات استثنائية فرضها البرهان ويعتبرها الرافضون "انقلابًا عسكريًا".

وقال البرهان، في أكثر من مناسبة، إن إجراءاته تهدف إلى "تصحيح مسار المرحلة الانتقالية"، وتعهد بتسليم السلطة عبر انتخابات أو توافق وطني.

تابع القراءة
المصادر:
وكالات
تغطية خاصة
Close