في وقت كشفت تقارير عن عزم الولايات المتحدة وثلاث دول أوروبية الضغط على وكالة الطاقة الذرية لـ"توبيخ إيران"، حذرت طهران، اليوم الأربعاء، من أنها ستردّ على أي "خطوة غير بنّاءة" قد يتخذها مجلس محافظي الوكالة الأسبوع المقبل، وذلك بعد إعلان الأخيرة أن إيران لم توضح أسباب العثور على آثار مواد نووية في مواقع غير مصرّح عنها.
وجاء موقف الخارجية الإيرانية في وقت أظهرت مسودة قرار نقلته وكالة رويترز أن الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا تضغط من أجل أن "يوبّخ" مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية إيران على عدم ردها على أسئلة طال انتظارها بشأن آثار اليورانيوم التي عُثر عليها في مواقع غير معلنة.
وتنص المسودة، التي أُرسلت إلى أعضاء الوكالة الدولية للطاقة الذرية بحسب رويترز، على أن يدعو مجلس محافظي الوكالة المؤلف من 35 دولة إيران إلى "العمل بشكل عاجل للوفاء بالتزاماتها القانونية والنظر فورًا في عرض المدير العام (للوكالة) حول مزيد من المشاركة لتوضيح وحل جميع قضايا السلامة العالقة".
ولم يذكر النص، الذي يحمل تاريخ أمس الثلاثاء، الدول التي صاغته. وقال دبلوماسيان إنه تمت صياغته من قبل الولايات المتحدة وما يسمى بمجموعة إي3 التي تضم فرنسا وبريطانيا وألمانيا.
وما زال يتعين تقديم المسودة رسميًا إلى اجتماع الأسبوع المقبل ثم اعتمادها من دون معارضة أو طرحها للتصويت.
ويبدأ اجتماع المجلس يوم الإثنين المقبل، ومن المرجح أن يستمر التفاوض على صياغة المسودة بين أعضائه وتعديلها حتى يتم تقديمها.
ومن المرجح أن تثير هذه الخطوة غضب إيران التي تشعر بالانزعاج بشكل عام من مثل هذه القرارات، وهذا بدوره قد يضر باحتمالات إنقاذ الاتفاق النووي الإيراني المبرم عام 2015. والمحادثات غير المباشرة بشأن ذلك بين إيران والولايات المتحدة متوقفة بالفعل.
وعلّق مصدر دبلوماسي أوروبي على ذلك، قائلًا: "نبحث الآن مع الأعضاء الآخرين بشأن تعديلات محتملة على النص، وفي حال جرى إنجاز كل شيء، سنعرضه الإثنين ليتم إقراره منتصف الأسبوع".
إيران تلوّح بـ"رد حازم ومناسب"
بدوره شدّد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده، اليوم الأربعاء، على أن بلاده ستتخذ إجراء حازمًا ومناسبًا ردًا على أي خطوة غير بناءة في مجلس المحافظين، الذي يبدأ اجتماعه الإثنين المقبل.
وحذّر في بيان من أن "تداعيات ذلك ستثقل كاهل أولئك الذين يتخذون من مجلس المحافظين وتقرير المدير العام (للوكالة الدولية رافايل غروسي) ورقة ضغط وأداة سياسية ضد إيران".
وكانت الوكالة التابعة للأمم المتحدة أعلنت في تقرير الإثنين، إن إيران لم تقدّم إيضاحات كافية بشأن آثار لمواد نووية، جرى العثور عليها في ثلاثة مواقع لم تصرّح عنها بأنها شهدت أنشطة من هذا النوع سابقًا، وهي مريوان ورامين وتورقوزآباد.
وتعود القضية الى أعوام خلت، وتوافق الجانبان على خريطة طريق سعيًا لتوضيح الأسئلة بشأنها، وذلك خلال زيارة غروسي طهران في مارس/ آذار الماضي.
ورّدت الخارجية الإيرانية على التقرير الثلاثاء، معتبرة أنه "غير منصف" ولا يعكس حقيقة التعاون بين طهران والوكالة خلال الأشهر الماضية.
وكانت الخارجية الفرنسية دعت إيران للتجاوب من دون تأخير مع أسئلة ومتطلبات الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مشيرة إلى أنها على "تشاور وثيق مع شركائنا" من أجل بلورة طريقة التعامل مع هذه المسألة في الاجتماع المقبل لمجلس المحافظين.
ورأى خطيب زاده أن "التصريحات والإجراءات من هذا القبيل التي تصب في الحرب النفسية ومحاولات التضييق ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية، تزامنا مع اجتماعات مجلس المحافظين، مكشوفة تمامًا بالنسبة إلينا".
على وقع تعثر محادثات النووي
وبحسب الوكالة الدولية، فإن مخزون اليورانيوم المخصب لدى إيران تجاوز الحد المسموح به بموجب الاتفاق النووي المبرم عام 2015 بين طهران والقوى الكبرى، بأكثر من 18 مرة، وفق ما ذكر تقرير منفصل، الإثنين الماضي.
وتصر إيران، على أن برنامجها النووي سلمي، بينما يقول الغرب إنه يقترب من القدرة على صنع قنبلة نووية.
وجاء التقريران في وقت تراوح المحادثات الرامية لإحياء "خطة العمل الشاملة المشتركة"، وهو الاسم الرسمي لاتفاق 2015، مكانها منذ أسابيع.
ومنتصف الشهر الجاري، أعلنت إيران أنها تنتظر رد الولايات المتحدة على "الحلول" التي تمت مناقشتها مع مفاوض الاتحاد الأوروبي المكلف بتنسيق المباحثات بشأن النووي، الهادفة لإعادة واشنطن إلى الاتفاق ورفع عقوبات عنها.
قبل أكثر من عام، بدأت إيران والقوى المنضوية في اتفاق 2015 (فرنسا، بريطانيا، ألمانيا، روسيا، والصين)، مباحثات في فيينا شاركت فيها الولايات المتحدة بشكل غير مباشر، بهدف إعادة واشنطن إلى الاتفاق ورفع عقوبات فرضتها على طهران بعد انسحابها، في مقابل امتثال الأخيرة مجددا لالتزاماتها.
وعلّقت المباحثات رسميًا في مارس/ آذار الماضي، مع تأكيد المعنيين أن التفاهم بات شبه منجز، لكن مع تبقّي نقاط تباين بين واشنطن وطهران، أبرزها طلب الأخيرة شطب اسم الحرس الثوري من القائمة الأميركية للمنظمات "الإرهابية" الأجنبية، وهو طلب امتنعت واشنطن عن تلبيته.