فيما يدنو الهجوم الروسي على أوكرانيا من دخول شهره السادس، يوقّع الطرفان على اتفاق في مدينة إسطنبول التركية يسمح باستئناف تصدير الحبوب الأوكرانية العالقة في موانئ البحر الأسود، والتي تنتظرها الأسواق العالمية بشدة.
وكان توقف صادرات الحبوب خلال الحرب المستمرة منذ 24 فبراير/ شباط الماضي، تسبّب في ارتفاع الأسعار بشكل كبير. وقد تساعد إعادة فتح الموانئ الأوكرانية في تجنّب المجاعة في أجزاء من العالم.
بدأ التفاوض على الاتفاق قبل شهرين. وقالت أنقرة أخيرًا إن الطرفين سيضعان نصًا مكتوبًا لاتفاق توافقا عليه من حيث المبدأ في محادثات الأسبوع الماضي في إسطنبول. فما تفاصيل مضمونه؟
مركز للتنسيق والقيادة
سيتم إنشاء مركز مشترك للتنسيق والقيادة مقرّه إسطنبول للإشراف على سير العمليات وحل الخلافات. ويشارك في المقر الطرفان المتحاربان ومسؤولون من تركيا والأمم المتحدة.
وبحسب وكالة "فرانس برس"، يعتقد مسؤولو الأمم المتحدة أن إنشاء المركز سيستغرق ثلاثة إلى أربعة أسابيع. وهذا يعني أن شحنات الحبوب قد لا تبدأ بالتدفق بأقصى سرعة قبل النصف الثاني من أغسطس/ آب المقبل.
تفتيش السفن
تشير الوكالة إلى أن مسألة تفتيش السفن كانت من أكثر النقاط الشائكة في الاتفاق. فقد زُرعت ألغام في مناطق محيطة بالمرافئ الأوكرانية الرئيسة المطلة على البحر الأسود بهدف درء هجوم برمائي روسي.
وتورد أن أوكرانيا لا تريد أن تصعد روسيا على متن سفنها للتحقق من عدم وجود شحنات أسلحة لدى عودة السفن إلى مرافئها.
وتنقل عن مسؤولي الأمم المتحدة أن الأطراف الأربعة متفقة على أنه سيكون من الصعب جدًا إجراء عمليات تفتيش السفن، التي تطالب بها روسيا، في أعالي البحار.
وعوضًا عن ذلك ستشرف الأطراف الأربعة على تفتيش السفن في أحد المرافئ التركية لدى عودتها إلى أوكرانيا، وسيكون ذلك على الأرجح في إسطنبول.
ولم يُعرف بعد على وجه التحديد من سيُسمح له بالصعود على متن السفن الأوكرانية.
ممرات آمنة
يقول مسؤولون إن الأطراف اتفقت بسرعة على أن نزع الألغام من المنطقة سيستغرق وقتًا طويلًا؛ لا يسمح بزوال خطر تفشي المجاعة في عدد من أكثر مناطق العالم فقرًا.
ويرى المسؤولون أن الاتفاق يضمن قيادة الأوكرانيين سفنهم في ممرات آمنة تتفادى حقول الألغام المعروفة. وستواكب سفن أوكرانية شحنات الحبوب من وإلى المياه الإقليمية الأوكرانية.
وبينما تعهد الطرفان عدم مهاجمة السفن أثناء مغادرتها أو عودتها، كانت هذه النقطة شائكة أيضًا، فقد حذّرت أوكرانيا من أنها لا تثق بالوعود الروسية، لأنها نُكثت بشكل متكرر خلال الحرب.
وسيُنظر في أي هجمات أو خلافات في مركز القيادة والتحكم في إسطنبول.
الحبوب الروسية
كاد الاتفاق أن ينهار عندما أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هذا الأسبوع أنه يتوقع أن تكون الحبوب الروسية مشمولة به.
فقد فُرضت على روسيا سلسلة عقوبات طالت شركات الشحن التابعة لها والمنتجات الزراعية مثل الأسمدة.
#روسيا تطالب الغرب بعدم تسييس قضية الحبوب وترفض إرسال أسلحة عبر سفن القمح إلى #أوكرانيا pic.twitter.com/8EPZ3DQSQy
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) July 20, 2022
وأصدرت وزارة الخزانة الأميركية الأسبوع الماضي توضيحًا، قالت فيه إن الأسمدة و "السلع الزراعية" الروسية لا تخضع لقيود تجارية. كما استثنى الاتحاد الأوروبي الأربعاء القمح والأسمدة الروسية.
ويُنتظر أن توقع الأمم المتحدة وروسيا مذكرة تفاهم منفصلة في إسطنبول تضمن عدم تأثر الحبوب والأسمدة بشكل مباشر أو غير مباشر بالعقوبات.
ما مدة الاتفاق؟
يوقع الاتفاق اليوم الجمعة في قصر دولما بهجة الفخم في إسطنبول، بحضور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.
ويُتوقع أن يمثل الطرفان المتحاربان بوزيرَي الدفاع الروسي سيرغي شويغو والأوكراني أولكسندر كوبراكوف.
وتسري الاتفاقية مدة 120 يومًا ويمكن تمديدها تلقائيًا من دون الحاجة لمزيد من المفاوضات.
ويشمل الاتفاق المرافئ الأوكرانية المطلة على البحر الاسود في أوديسا وموقعَين مجاورين.
ويعتقد المسؤولون أن فترة 120 يومًا ستكون كافية لإتمام إجراءات شحن 25 مليون طن من القمح والحبوب الأخرى العالقة في مرافئ أوكرانية.
واشنطن ترحب وتحذر
من ناحيتها، رحّبت الولايات المتحدة بالاتفاق، لكنها حذرت روسيا من التلكؤ في تنفيذه.
وقال نيد برايس، المتحدث باسم الخارجية الأميركية، نرحب بإعلان هذا الاتفاق من حيث المبدأ، ولكن ما يهمنا الآن هو تحميل روسيا مسؤولية تنفيذه والسماح للحبوب الأوكرانية ببلوغ الأسواق العالمية.