نفّذ تنظيم "الدولة" هجومين مباغتين في الحسكة السورية، وديالى العراقية؛ لكن ذلك ليس مفاجئًا في ظل التحذيرات المتزايدة من خطر عودة التنظيم إلى المنطقة.
وحتى الساعة، لم يستقر الوضع في محيط سجن الحسكة، حيث يتواجد آلاف المعتقلين من التنظيم.
هذه الأحداث، تؤشر إلى أن تنظيم الدولة قد انتقل من موقع الدفاع إلى الهجوم، في ظل مشهد سياسي في المنطقة يختلف عمّا كان عليه عند نشأة "داعش" قبل 9 سنوات.
لا يزال موجودًا
ولم تنتهِ أصوات المواجهة في محيط سجن الحسكة بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) وتنظيم الدولة، بعد أن أفلت عشرات المعتقلين من خلف القضبان.
وفي الطرف الآخر من الحدود، يحاول التنظيم إثبات وجوده أيضًا، بعد أن نفّذ عملية راح ضحيتها 11 جنديًا عراقيًا.
وأعادت هاتان العمليتان إلى الأذهان المواجهة التي بدأت قبل 9 أعوام، حيث نشأ التنظيم في لحظة اضطراب سياسي، بعد هجوم على سجن أبو غريب في العراق.
ورغم أن مشهد هزيمة تنظيم الدولة في الباغوز عام 2019 كان بمثابة أفول "داعش"، لكنه لم يظهر أن التنظيم قد انتهى، في ظل تحذيرات استخباراتية دولية، من أن التنظيم لا يزال على قيد الحياة.
"تواطؤ من قسد"
في هذا السياق، يرى الباحث السياسي سعد الشارع أن ما حصل في الحسكة سببه "تواطؤ" قوات "قسد"، بسبب وضع عدد كبير من سجناء التنظيم في مبنى مدرسي غير مؤهل لضم سجناء بهذه الخطورة.
ويشير الشارع، في حديث إلى "العربي" من غازي عنتاب، إلى أن "تنظيم الدولة حاول في الأشهر الماضية تحرير أسراه من سجن غويران في الحسكة".
ويلفت إلى أن عناصر تنظيم الدولة لا تزال تشتبك مع قسد في محيط السجن، حيث تسيطر على عدد من المباني في المنطقة.
ويضيف: "تحاول قسد والقوات الأميركية الدخول إلى المنطقة، والقضاء على عناصر التنظيم".
"أخطاء الجيش العراقي"
من جهته، يرى المحلل العسكري صبحي ناظم توفيق أن "الأساس الذي ارتكز عليه بناء الجيش العراقي منذ عام 2003 حتى اليوم، مبني على معايير طائفية وسياسية".
ويوضح توفيق، في حديث إلى "العربي" من إسطنبول، أنه "عندما يُقبل التلميذ في المدرسة العسكرية، لا يُمكن فصله من الجيش، لأنه تم إدخاله بناء على توصية سياسية".
ويقول: "استشرى الفساد بشكل مرعب في الجيش العراقي بعد عام 2003".
ويضيف: "بعض القادة الموجودين في الجيش العراقي الحالي يعترفون بأن المخدرات انتشرت في صفوف الجيش".
التنظيم يختبر قدراته
بدوره، يعتبر الباحث في الجماعات الإسلامية حسن أبو هنية أن "تنظيم الدولة لا يُعتبر جماعة ناشئة، وهو قائم على إستراتيجيات وخطط، وهو أحد أكثر التنظيمات الراديكالية تقدمًا على الصعيد الهيكلي".
ويرى أبو هنية، في حديث إلى "العربي" من عمّان، أن "نشأة التنظيم بعد هدم أسوار سجن أبو غريب، تظهر أنه ليس تنظيمًا عشوائيًا".
ويؤكد أبو هنية أن "التنظيم أراد من عمليات ديالى والحسكة اختبار قدراته، خصوصًا أن الهجوم على السجن لم يحصل بأعداد كبيرة".
ويقول: "لا أرى أن هناك تواطؤًا من قسد في العملية، فهذه القوات لا تمتلك القوة لمواجهة التنظيم".