ارتفاع أعداد القتلى في الجزيرة.. عقوبات دولية تلاحق قادة الدعم السريع
فرضت لجنة تابعة لمجلس الأمن الدولي، أمس الجمعة، عقوبات على اثنين من القادة في قوات الدعم السريع شبه العسكرية في السودان بسبب زعزعة استقرار البلاد من خلال العنف وانتهاكات حقوق الإنسان.
وهذه هي أول عقوبات تفرضها الأمم المتحدة في الحرب الحالية في السودان، والتي اندلعت في أبريل/ نيسان 2023 بسبب صراع على السلطة بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد دقلو "حميدتي"، قبل الانتقال المخطط له إلى الحكم المدني.
ووافقت لجنة العقوبات على السودان المكونة من 15 عضوًا في مجلس الأمن على اقتراح أميركي، قدم في نهاية أغسطس/ آب الفائت، بفرض حظر على السفر الدولي وتجميد أصول على قائد عمليات قوات الدعم السريع عثمان محمد حامد محمد، وقائد قوات الدعم السريع في غرب دارفور عبد الرحمن جمعة بارك الله. وتتخذ اللجنة قراراتها بالإجماع، وقال دبلوماسيون إن روسيا أرجأت اتخاذ هذه الخطوة لأنها أرادت المزيد من الوقت لدراسة المقترح.
العنف في ولاية الجزيرة
واتهمت وزارة الخارجية السودانية أمس قوات الدعم السريع بالتسبّب بمقتل 120 مدنيًا في ولاية الجزيرة خلال يومين، قتلًا أو بسبب الحصار الذي تفرضه على مدينة الهلالية في الولاية منذ أسبوعين.
من جهتها، أوردت قوات الدعم السريع السودانية الجمعة أن أكثر من 60 مدنيًا قتلوا وأصيب المئات في غارة جوية للجيش على مركز لإيواء النازحين في شمال دارفور.
وكانت ولاية الجزيرة الخاضعة للجيش شهدت الشهر الماضي مقتل 200 شخص على الأقل، حسب مصادر طبية وناشطين إضافة إلى نزوح 135 ألفًا بحسب الأمم المتحدة.
وصعّدت قوات الدعم السريع في الفترة الأخيرة هجماتها على المدنيين في ولاية الجزيرة بعد انشقاق أحد قادتها وانضمامه إلى الجيش.
وقالت الخارجية السودانية في بيان نشر الجمعة: "ارتكبت ميليشيا الجنجويد في اليومين الماضيين مذبحة جديدة في مدينة الهلالية، ولاية الجزيرة، بلغ ضحاياها حتى الآن 120 شهيدًا، قتلًا بالرصاص، أو نتيجة للتسمم الغذائي وافتقاد الرعاية الطبية لمئات المدنيين من رجال ونساء وأطفال تحتجزهم الميليشيا رهائن في مواقع مختلفة من المدينة".
وتشير الحكومة السودانية في كثير من الأحيان لقوات الدعم السريع، باسم "ميليشيا الجنجويد"، المتهمة بارتكاب جرائم إبادة وتطهير عرقي في منطقة دارفور قبل أكثر من 20 عامًا.
الموت بالأسمدة الكيميائية
بدورها، أفادت اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان بأنه "بعد أن تم نهب وسرقة جميع ممتلكات المواطنين في الهلالية، قامت الميليشيا باحتجاز السكان في المساجد ولا تسمح لهم بالخروج إلا بعد دفع مبالغ طائلة يتعذر الحصول عليها بعد ما مارسته من سلب ونهب". وتابعت أن عدد الوفيات "يرتفع بوتيرة سريعة".
وأوضحت أنّ "بعض المحتجزين فقدوا أرواحهم جراء اضطرارهم لتناول حبوب قمح ملوثة بالأسمدة الكيميائية... ولا تصلح للاستهلاك الآدمي، كما اضطر آخرون إلى شرب مياه غير صالحة من بئر قديم مغلق لم يُستخدم منذ فترة طويلة جدا". وتابعت أنّ "هناك عددا كبيرا من المواطنين يعانون إسهالات مائية ويُشتبه بإصابتهم بوباء الكوليرا، ولا تتوفر لهم أي رعاية طبية".
وأفاد شهود عيان بأنّ قوات الدعم السريع تضرب حصارًا على البلدة منذ أسبوعين وتمنع مواطنيها من المغادرة. وندد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، قبل أيام بالهجمات المزعومة على المدنيين من قبل قوات الدعم السريع، بينما قالت بريطانيا إنها ستدفع باتجاه صدور قرار من مجلس الأمن بشأن الصراع.
نزوح ومجاعة
وتقول الأمم المتحدة إن نحو 25 مليون شخص، أي نصف سكان السودان، يحتاجون إلى مساعدات في ظل انتشار المجاعة في مخيمات النازحين وفرار 11 مليون شخص من منازلهم. وغادر نحو ثلاثة ملايين من هؤلاء الأشخاص إلى بلدان أخرى.
بالإضافة إلى ولاية الجزيرة، تصاعد العنف أيضًا في ولاية شمال دارفور في غرب البلاد، حيث قتل اليوم 12 شخصًا بقصف مدفعي لقوات الدعم السريع، على ما أفادت لجان المقاومة، وهي مجموعة من الناشطين المؤيدين للديمقراطية.
ويخضع القسم الأكبر من إقليم دارفور الذي شهد نزاعًا داميًا وتطهيرًا عرقيًا قبل نحو 20 عامًا، لسيطرة قوات الدعم السريع ما عدا أجزاء من ولاية شمال دارفور.