"ملاك الخير".. مجاهد حلالي طبيب سوداني يترك بصمة في وجدان النازحين
في بلد حيث تختفي قصص المأساة مع الزخم الإخباري والمآسي الأخرى، برز الطبيب السوداني مجاهد حلالي بين سكان مخيمات النزوح، ليس بصفته طبيبًا فحسب، بل إنسانًا يعيش وسط أهالي محلية الدالي والمزموم بولاية سنار، الذين اجتمعوا في معسكرات النزوح بمدينة الجبلين في ولاية النيل الأبيض.
وفي تلك المنطقة، فتح مجاهد عيادته المتواضعة مجانًا، مقدمًا خدمات طبية ضرورية، وسط نقص في الموارد وشح في الإمدادات.
وداع مؤثر للطبيب السوداني مجاهد حلالي
ولم يكن وجود مجاهد في المخيم شكليًا؛ فقد كان يجلس مع المرضى، يستمع إليهم، ويقدم العلاج بقدر استطاعته. لكن بعد أشهر من العمل، حانت لحظة الوداع التي ستحمل الطبيب مجاهد إلى مكان آخر لمواصلة مهمته.
ومثلما لم يكن مقامه بين الناس عاديًا، لم تكن لحظات وداعه عادية أيضًا، فظهر مجاهد في مقطع فيديو مؤثر، محاطًا بالسكان الذين عبّروا عن امتنانهم بالبكاء الشديد، وآخرون بكلمات التقدير.
وكانت لحظات الوداع الصعب شهادة حية على أهمية الأدوار التي أداها الطبيب مجاهد حلالي في مخيمات النزوح، فلم يكتف بأداء دوره طبيبًا يقدم العلاج، بل ساهم أيضًا في إنشاء مطبخ خيري يوزع الطعام يوميًا، حتى أصبح جزءًا من حياة الناس اليومية، يحمل لهم شيئًا من الأمان، في بيئة لا تحمل إلا القليل منه.
وفي لحظات وداعه اجتمع حوله أطفال المخيم وكباره، وتلى أحد سكان المخيم كلمة مؤثرة عدّد فيها فضائل الطبيب.
بدوره، علق الطبيب مجاهد حلالي على مشاهد وداعه في منشور له بالقول: "والله أشعر إني صغير شديد أمام فيض المحبة دي، وبالجد حاسس بالذنب وإني مقصر شديد في ظل الظروف دي، لكن إنها الدنيا واختباراتها الصعبة، الحمد لله رب العالمين الحمد لله".
إلى ذلك، لم تبقَ قصة الطبيب مجاهد وجهوده حبيسة حدود المخيم، بل انتشرت على المنصات الرقمية، حيث شارك العديد من الأشخاص كلمات تقدير وإشادة بجهوده ومقدار محبة الناس له.
"ملاك الخير"
وكتبت نمارق مجاهد: "الإنسان الخلوق قبل الطبيب العظيم، بالجد ما قصرت مع أهالي المخيمات ربنا يجزيك خير ويوفقك إن شاء الله".
أما صفاء عبد الرحيم، فقالت: "بالتوفيق يا ملاك الخير. د مجاهد هنيئًا لك بمحبة عباده لك وتسخير الخالق لك لخدمتهم. تسلم البطن اللي جابتك والوالد اللي رباك. الطبيب الإنسان، جامعة سنار فخورة بأنها خرّجت هكذا إنسانية وخير ونبل".
من ناحيته، خاطب الخاتم مأمون الطبيب مجاهد قائلًا: "إسهاماتك وروحك التطوعية تعكس قيمك النبيلة وإيمانك بأهمية العطاء والمساعدة. شكرًا لك على التزامك وحماسك الذي كان دائمًا مصدر إلهام للناس جميعًا، نقدر حقًا كل ما قدمته ونتمنى لك كل التوفيق والنجاح في جميع مساعيك المستقبلية".
وقال مرغاني كمال: "فعلًا تستاهل كل خير ما بحس بألم المتعبين إلا عظيم النفس. من إحساسي كنازح عارف شعور من فقد كل شي إلا نفسه".