تدرس مصر إبدال دعم الخبز الشعبي بمدفوعات نقدية مشروطة للفقراء، لحماية الميزانية من ارتفاع حادٍ في أسعار القمح العالمية.
فحاليًا، يحصل ما يناهز 67 مليون مصري على دعم عيني، أو ما يقرب من ثلثي عدد السكان، على خمسة أرغفة من الخبز يوميًا مقابل 50 سنتًا في الشهر، وتصطدم طموحات الحكومة بالتضخم المحلي وتاريخ من الاحتجاجات مما قد يدفعها لاختيار إصلاح أقل طموحًا.
وبقي سعر الرغيف في مصر من دون تغير يذكر منذ الثمانينيات، وفيما يمثل الدعم التمويني شريان حياة للفقراء في مصر يتم انتقاده على نطاق واسع باعتباره هدرًا إذ إن ارتفاع أسعار القمح عالميًا والذي تستورده مصر دفع بالرئيس عبد الفتاح السيسي للقول بأن "الوقت قد حان لإصلاح دعم الخبز".
وتدعم الحكومة المصرية أكثر من 60 مليون فرد في منظومة دعم الخبز، بينما يدرج 71 مليون اسم في بطاقات التموين، وهذا الأمر تناوله أيضًا رئيس الوزراء مصطفى مدبولي الذي قال إنه أصبح من الضروري "مراجعة منظومة الدعم بأكملها وهذا ما نقوم به اليوم بالفعل".
وأوضح أن "هناك أعدادًا ليست بقليلة تأخذ هذا الدعم وهي غير مستحقة".
بدوره، يقول وزير التموين والتجارة الداخلية المصرية علي مصلحي أن التضخم الذي ارتفع في الأشهر الأخيرة إلى 6%، جعل من الصعب استبدال دعم الخبز ومواد غذائية أخرى بدعمٍ نقدي.
ومع ذلك تابع مصلحي أن إدخال مدفوعات غير مشروطة، يفضّلها اقتصاديون باعتبارها أكثر أنظمة الرعاية الاجتماعية كفاءة.
وقال مسؤولون في الآونة الأخيرة إن الحكومة تستهدف وضع خطة لإصلاح برنامج دعم المواد الغذائية، في وقت مناسب يتزامن مع إعداد الموازنة الجديدة خلال شهر مارس/ آذار المقبل.
وشدد مدبولي على أن أولوية حكومته هي تحقيق التوازن لتوفير السلع الأساسية للمواطنين، وتأمين الخدمات في ظلّ فترة شبهها بفترة الكساد الاقتصادي العظيم في العشرينيات.
ففي الأشهر الأخيرة، رفعت السلطات أسعار الزيوت النباتية والسكر المدعم في أعقاب زيادة تكاليف السلع والشحن، بينما تفيد بيانات وزارة المالية بأن برنامج دعم المواد الغذائية يكلّف الحكومة حاليًا نحو 5.5 مليار دولار مع توقعات بأن يتسبب ارتفاع أسعار القمح في إضافة 736 مليون دولار جديدة على الموازنة.
ومن برلين، يتحدث علي الرجّال الباحث في علم الاجتماع السياسي لـ"العربي" عن التحول النقدي المشروط وخطوة رفع الدعم عن الخبز، مشيرًا إلى أن تحولًا كبيرًا في هذا الملف بدأ يتكون منذ مدة وما يحصل اليوم هو "البلورة الأخيرة لشكل الإدارة التي تريد السلطات تطبيقها في منظومة الدعم".
وأردف: "المشكلة هي أن الخبز يتوزع على 3 شرائح طبقية، أولها الطبقة الفقيرة بشكل مباشر ثم ما يمكن أن يطلق عليه اسم الطبقة الوسطى الدنيا ثم الطبقة الوسطى بشكل عام.. والحقيقة هي أن جميعها بحاجة لمنظومة الدعم التي تقلل عليهم الأعباء الاجتماعية".
وقال إن المسؤولين الحكوميين يتعاملون مع الشعب المصري وكأنه "يقتات زيادة بينما ما يحصل فعلًا هو فقط سدّ للجوع".
أما عن التحدي الذي سيصطدم به هذا المشروع برأي الرجّال فهو القدرة على رصد المستحقين فعلًا للدعم من خلال الكفاءة الأمنية وكفاءة الحصر التي تسير عليه الدولة منذ عام 2015.