شكّلت الاعتقالات في الأردن "جرس إنذار" بالنسبة لإسرائيل. فمنذ اللحظة الأولى للإعلان عن الأحداث الأمنية المزعزعة للاستقرار التي اتهم فيها الأمير حمزة، وتورّط "جهات خارجية" فيها، اتجهت الأنظار نحو إسرائيل.
وكشفت الصحفية الإسرائيلية الخبيرة بالشؤون العربية سمدار بيري، في مقال لصحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية أن عمان "تشتبه برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي كان يسره جدًا أن يتخلص من الملك عبدالله، وأن يرى مكانه حاكمًا أردنيًا آخر".
كما اعترف رجل الأعمال الإسرائيلي روي شيبوشنيك بأنه عرض المساعدة على الأمير حمزة وزوجته للهروب من الأردن، نافيًا أن يكون "ضابطًا في الموساد" كما روّجت له وسائل إعلام أردنية.
من جهته، تحدّث إيهود يعاري، محرر الشؤون العربية، والباحث في معهد واشنطن لشؤون الشرق الأدنى، في مقال على "القناة 12"، عن أن أحد المتورطين في أحداث الأردن هو باسم عوض الله الذي كان "منخرطًا بشكل كبير في العلاقات بين الأردن وإسرائيل". وأضاف :"كان حاضرًا في جميع لقاءاتي التي أجريتها مع الملك عبد الله الثاني".
ورغم أنه لم يصدر أي نفي رسمي عن "مزاعم" تورّط إسرائيل في أحداث الأردن، أو على الأقل علمها بها، أجمع محلّلون إسرائيليون، وديبلوماسيون سابقون، وشخصيات إسرائيلية على أن استقرار الأردن يجب أن يكون "مصدر اهتمام لإسرائيل، التي يتعيّن عليها منح جارتها مزيدًا من الاهتمام".
وكان وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس أكد أن "الأردن دولة سلام مجاورة ذات أهمية استراتيجية، وتشكّل عمقنا الاستراتيجي، وعلى إسرائيل أن تحافظ على الحلف كمصلحة أمنية، سياسية واقتصادية".
بدوره، رأى رئيس جهاز الموساد الأسبق داني ياتوم، في حديث لصحيفة "معاريف" أن "الوضع في الأردن مقلق لإسرائيل، إنه أمر غير عادي. إنني أتابع ما يحدث هناك بشكل كبير ودهشة، وهذا حدث مزعج. ففي النهاية، الأردن القوي حليف لنا، ويساعدنا، ونحن نتعاون معًا منذ سنوات عديدة".
استقرار الأردن ضروري لأمن إسرائيل
ورأت صحيفة "جيروزاليم بوست" أن "إسرائيل واحدة من الدول التي يجب أن تقلق على استقرار الأردن، وربما أكثر من غيرها. فاستقرار الأردن ضروري لأمن إسرائيل، حيث تتشارك أطول الحدود مع الأردن، (حوالي 300 كيلومتر)، وتوفر المملكة الهاشمية لإسرائيل منطقة عازلة من العمق الاستراتيجي بينها وبين العراق وإيران، ومع وجود قوة عسكرية إسرائيلية محدودة هناك، فإن هذا يُقلّل بشكل كبير من أي تهديدات ضد تل أبيب".
وأضافت الصحيفة أنه من دون الأردن "يمكن أن يصبح الوضع على تلك الحدود مثل ما هو عليه في الحدود مع سوريا".
ونقلت الصحيفة عن دينيس روس، المفاوض السابق في إدارة الرؤساء الأميركيين السابقين جورج بوش وبيل كلينتون وباراك أوباما، قوله: "يجب أن نشعر بالقلق المستمر إزاء ما يحدث في الأردن، في ضوء موقعه المحوري، كما أن استقراره أمر ضروري"، مضيفًا أنه "إذا لم تتمكن إسرائيل من الاعتماد على الأردن في الحفاظ على الأمن الحدودي بين الدولتين، فإن هذا سيؤدي إلى تغيير شامل في الاستراتيجية العسكرية".
من جانبه، قال السفير الإسرائيلي السابق في الأردن أوديد عيران، الباحث في مركز دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب، إن إسرائيل "حافظت على علاقات وطيدة وجيدة مع الجيش الأردني".
لكن نيمرود نوفيك، كبير مستشاري الرئيس الإسرائيلي الراحل شيمون بيريز، اعتبر أن إسرائيل "لم تستثمر في استقرار الأردن"، مشددا على أنه "يجب على تل أبيب أن تتعامل مع أحداث السبت بجدية شديدة".
إشكالات متفرّقة
هناك حالة من السلام البارد بين عمان وتل أبيب، تتخللّها إشكالات بين الحين والآخر، تتعلّق بفشل تل أبيب في التعامل مع دور الحراسة الأردنية الخاصة في الحرم القدسي الشريف.
والشهر الماضي، عرقلت إسرائيل زيارة ولي العهد الأردني الأمير حسين بن عبدالله للمسجد الأقصى، ويأتي ذلك في أعقاب تقارير تُفيد بأن إسرائيل ستدرس منح السعودية دورًا للوصاية على الأقصى، علمًا أن الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، هي وصاية تاريخية تعود إلى الجد الأكبر للعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني.
واعتبر نوفيك أنها "سلسلة من الخلافات الصغيرة التي إذا تم تجميعها معًا، فسيكون لها تأثير كبير".
تغيير السلطة يتعارض مع مصالح إسرائيل
وعلى الرغم من السلام البارد، هناك علاقة أمنية متينة تقوم على المصالح المشتركة. ويُدرك المسؤولون الأمنيون في إسرائيل أهمية التعاون على جانبي الحدود، ويشددون على أن للطرفين مصلحة واضحة في استمرار العلاقة، ويعون أن أي تغيير للسلطة من شأنه أن يتعارض مع المصالح الإسرائيلية.
بدورها، اعتبرت "جيروزاليم بوست" أن تطوير سلام أقوى مع دول الخليج بموجب اتفاقات إبراهيم "لا يلغي بأي حال الحاجة إلى علاقة جيدة مع الأردن. على العكس من ذلك ، فهو يظهر أهمية الأردن في الاستراتيجية الإقليمية".
كما رأت أن أي اتفاق سلام مستقبلي مع الفلسطينيين يعتمد على العلاقة الجيدة مع الأردن القوي.
ومع ذلك، تحدّث صحيفة "معاريف" عن مخاوف إسرائيلية من الأزمة الاقتصادية العميقة في الأردن، ومن تداعيات جائحة كورونا التي تمسّ بحصانة الدولة المجاورة.
ولذلك، أكد غانتس أن على إسرائيل "القيام بكل ما في وسعها كي تساعد الأردنيين في الموضوع الصحي – الاقتصادي".