في 13 فبراير/ شباط الحالي، تداول صحافيون فلسطينيون مقاطع فيديو تُظهر اغتيال شاب فلسطيني داخل مجمع ناصر الطبي في مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، بعدما اعتقله جيش الاحتلال وكبّله وأرسله مجبرًا لإخبار النازحين بضرورة إخلاء المستشفى بشكل فوري، ثمّ اغتاله دون رحمة.
وتقصّت وحدة التحقّق من خلال المصادر المفتوحة في التلفزيون العربي، تفاصيل ما في هذه المقاطع لتوثيق جريمة حرب جديدة للاحتلال.
وبناء على المعالم الظاهرة في الفيديو، قام فريقنا بتحديد الموقع الجغرافي لمكان إعدام الشاب الفلسطيني، وذلك عند البوابة الشمالية للمستشفى، وبالضبط عند هذه الإحداثيات.
ونقل الصحافي الفلسطيني أكرم الحلو تفاصيل الجريمة، الذي قال إنّ الشاب اعتُقل من مجمع ناصر الطبي ثمّ تعرّض للتعذيب، قبل أن يُرسل إلى المجمع مُكبّل اليدين، ومرتديًا ما يُشبه لباس الوقاية من فيروس كورونا، ليُبلغ النازحين رسالة قوات الاحتلال بضرورة الإخلاء من المستشفى.
وبينما كان المُعتقل في طريقه إلى قوات الاحتلال الذين هدّدوه بالتصفية إذا لم يعد، أطلق عليه قنّاصة الاحتلال النار.
ووثّق الصحافي أكرم الحلو وجود القنّاص في مدرسة إلهام مقابل البوابة الشمالية لمجمع ناصر الطبي، وتحديدًا عند هذه الإحداثيات التي لا تبعد سوى 30 مترًا من مكان استهداف الشهيد عند بوابة المستشفى الشمالية.
ووثّق رئيس قسم الحروق في مجمع ناصر الطبي أحمد المغربي للتلفزيون العربي تفاصيل هذه الجريمة، وكشف استهداف الاحتلال للشاب والنازحين لدى خروجهم من المجمع.
من هو الشهيد؟
وفي سياق بحثنا عن هوية الشهيد، عثرنا على مقطع فيديو آخر وثّقه الصحافي أكرم الحلو لدفنه في إحدى ساحات مجمع ناصر الطبي، حيث يظهر على كفن الشاب اسم جمال أبو العلا.
وبالبحث عن هذا الاسم عبر منصّات التواصل الاجتماعي، عثرنا على عدة منشورات نعي تؤكد هوية الشاب، منها منشور لعمّته وسام الجمال، التي نعته على حسابها على منصتي "فيسبوك" و"تويتر".
وبالبحث أكثر، توّصلنا إلى حسابه على "فيسبوك"، والذي لم ينشط منذ 15 يوليو/ تموز 2019. ووجدنا له صورة شخصية، وقمنا بمقارنتها باللقطة التي انتشرت في المستشفى، وتطبيق تقنيات التحقّق من الصور التي أعطتنا نسبة تطابق وصلت إلى 96.74%.
وبعد إعدام الشاب جمال أبو العلا، وثّق الناشطون الفلسطينيون أيضًا قيام قوات الاحتلال بإرسال طائرات مسيّرة موصولة بمكبّرات الصوت، تُهدّد النازحين بضرورة إخلاء مبنى المستشفى. كما وثّقوا في صباح 14 فبراير، لحظات إخلاء المجمع من آلاف النازحين ومن الكادر الطبي.
ومن خلال هذه المعطيات، وبعد إثبات الجريمة، نرى أنّ إسرائيل خرقت من جديد القانون الدولي الإنساني، واتفاقية جنيف الرابعة لحقوق الإنسان التي تنصّ بمادتها الـ 68 على أنّه لا يجوز إصدار حكم بإعدام شخص محمّي؛ كما تحظر الجمعية العامة للأمم المتحدة جميع عمليات الإعدام خارج نطاق القانون؛ وكذلك تنصّ المادة الـ 33 من اتفاقية جنيف بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب؛ والمادة الـ8 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
وخرق جيش الاحتلال هذه القوانين بشكل متكرّر منذ بداية العدوان على غزة، وها هو بهذه الجريمة يُظهر قدرته على الخداع، متعديًا جميع الحدود الإنسانية.