اغتيالات واستيطان وتدمير.. هل تنجح إسرائيل بتحقيق أهدافها في الضفة؟
بعد اجتياح واسع استمر عشرة أيام، انسحبت قوات الاحتلال الإسرائيلي من مدينتي طولكرم وجنين شمالي الضفة الغربية المحتلة.
وقد أسفرت العملية العسكرية الأكبر في الضفة الغربية منذ عام 2002، عن سقوط عشرات الشهداء والجرحى، فضلًا عن دمارٍ كبير في البنى التحتية والطرق وتدمير منازل في وقت أُعلن فيه الجمعة عن استشهاد متضامنة أميركية من أصل تركي هي عائشة نور أزغي أيغي برصاص الاحتلال في بلدة بيتا شرقي نابلس.
إذاعة الجيش الإسرائيلي قالت إن العملية العسكرية لم تنته بعد ومن المتوقع أن يعود الجيش إلى جنين ومناطق أخرى قريبًا.
وقبل العملية العسكرية الإسرائيلية وأثناءها وبعدها ما انفك المجتمع الدولي يحذر من مغبة التصعيد الإسرائيلي في الضفة الغربية.
والتصعيد المقصود هنا لا يقتصر على الأعمال الحربية، بل يشمل كافة ممارساتِ الاحتلال من اقتحامات واعتقالات وتضييق واستيطان وعنف المستوطنين الذي بلغ مستويات غير مسبوقة مع وصول حكومة بنيامين نتنياهو إلى السلطة، وتفاقم بعد السابع من أكتوبر الماضي، وفق تقرير حديث لمجموعة الأزماتِ الدولية.
ولا يستقيم النظر إلى العملية العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية دون ربطها بمجريات العدوان على غزة من حيث الأساليب والأهداف، فالاحتلال استنسخ أساليب عدوانه على القطاع في الضفة الغربية، من قتل وتنكيل وتدمير للبنى التحتية وحصارٍ للمستشفيات وغير ذلك.
أما الحديث عن الأهداف فقد تجلى عبر تحذيرات فلسطينية وإقليمية من مخطط إسرائيلي محتمل للاستيلاء على الضفة الغربية وتهجير سكانها، عقب دعوات علنية تصب في سياق ذلك وجهها وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس ووزراء آخرون متطرفون، فضلًا عن عرض قدمه نتنياهو يظهر خريطة دون الضفة الغربية.
ما الأهداف الأساسية لعملية الضفة؟
وفي هذا الإطار، وضع الباحث في مركز مدى الكرمل إمطانس شحادة العمليات الإسرائيلية في الضفة في إطار "حرب الإبادة الشاملة ضد الشعب الفلسطيني"، معتبرًا أنها "جزء من عملية الانتقام التي يرغب بها المجتمع والجيش والحكومة الإسرائيلية".
شحادة لفت في حديث إلى التلفزيون العربي من حيفا إلى أن إسرائيل تقول إنها تريد منع التصعيد العسكري بينما هي من تدفع إليه عبر القتل والاغتيالات والدمار والاقتحامات.
ورأى أن إسرائيل تريد إرهاب الشعب الفلسطيني وتسعى لمنع نمو أي مقاومة داخل قرى وبلدات الضفة خاصة في المخيمات.
وأشار إلى أن تل بيب تزعم أنها تسعى لخلق نوع من الطمأنينة وضمان الأمن وعدم تكرار سيناريو 7 أكتوبر في الضفة، إلا أنه شدد على أن أهدافها الأساسية هي توسيع حرب الإبادة من غزة إلى الضفة الغربية، ومحاولة قمع أي فصيل فلسطيني وفرض رؤية اليمين المتطرف.
"تطبيق خطة الضم في الضفة"
من جهته، أكد أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في جامعة النجاح حسن أيوب أن الضفة تشهد منذ السابع من أكتوبر الماضي تهجيرًا للفلسطينيين، بفعل هجمات المستوطنين المتكررة على التجمعات السكانية، وكان آخرها في خربة أم جمال بالأغوار الشمالية.
ولفت في حديث إلى التلفزيون العربي من نابلس إلى أن الحكومة الإسرائيلية بأجهزتها العسكرية حولت الضفة الغربية بعد السابع من أكتوبر إلى معازل مفصولة عن بعضها البعض بعشرات الحواجز العسكرية والبوابات الحديدية التي تغلق قرى بأكملها.
ورأى أن "ما يحدث بالضفة فعليًا هو تطبيق لخطة الضم بشكل علني وتدريجي ومثابر، وهو ما قاله وزير المال الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش من أن تل أبيب تعمل على تغيير الخارطة الجينية للنظام القائم بالضفة الغربية".
وأكد أن "السياسة الوحيدة التي تعتمدها الحكومة الإسرائيلية بالضفة هي توظيف العنف المتأصل في المشروع الصهيوني باعتباره مشروع استئصال ونظام فصل عنصري".
استفادة المستوطنين
مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مجموعة الأزمات جوستن هلترمان اعتبر أن "المستوطنين الإسرائيليين وجدوا فرصة للمضي قدمًا بخططهم، حيث كانوا يريدون في البداية الانتقام لما حصل في السابع من أكتوبر والتقدم بخططهم لزيادة المستوطنات بالضفة الغربية، ولأن الجيش الإسرائيلي منشغل في غزة وعلى الحدود مع لبنان".
وقال من كالابريا بجنوب إيطاليا إن هذا الانشغال دفع هؤلاء المستوطنين للدخول إلى الجيش الإسرائيلي حيث باتوا يرتدون زي الجيش، ما سمح لهم بالتقدم في أجندتهم الخاصة وزيادة المستوطنات بالضفة الغربية.
هلترمان أكد أن هناك مشكلة في سياسة الحكومة الإسرائيلية، معتبرًا أن الغرب يعلم بهذا الأمر إلا أنه لا توجد إرادة للتصدي له.