يحاول الاحتلال الإسرائيلي التنصّل من مسؤوليته عن جريمة اغتيال الصحفية الشهيدة شيرين أبو عاقلة أمس الأربعاء في جنين بالضفة الغربية المحتلة، حيث تعددت الروايات الإسرائيلية حول الجريمة.
فبعدما أطلق رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي نفتالي بينيت رواية حمّل فيها من سمّاهم "فلسطينيين مسلّحين" المسؤولية عن استشهاد أبو عاقلة، يبدو أنّ الاحتلال "تراجع" عن هذه الفرضية، التي ثبت "زيفها".
وفي هذا السياق، يشير تحقيق أولي لجيش الاحتلال إلى أنه "لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت قد قُتلت بنيران إسرائيلية أو مسلحين فلسطينيين.
والتحقت مراسلة قناة "الجزيرة" الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة صباح أمس الأربعاء بقافلة شهداء فلسطين بعدما استهدفها جيش الاحتلال الإسرائيلي برصاصة قاتلة في الرأس، فيما أُصيب زميلها علي السمودي برصاصة في الظهر.
وأكد السمودي أن "الاحتلال القاتل والمجرم أطلق النار على الصحافيين دون سبب، خلال وجودهم بشكل جماعي وبالزي الصحافي الكامل".
ولفت إلى أنه حرص وزملاءه على السير أمام دوريات جيش الاحتلال لكي يراهم، وقال: "بعدما اجتزنا مسافة من الطريق، الذي لم يكن فيه أي مسلحين أو مدنيين ولم يشهد أي إطلاق نار، تفاجأنا بإطلاق النار".
وأشار إلى أن الرصاصة الأولى أصابته بالظهر، لأنه كان محظوظًا واستدار حينها، فيما كان الهدف قتله، موضحًا أن الرصاصة الثانية أصابت شيرين ما أدى إلى استشهادها. وشدد على أن جيش الاحتلال كاذب ومجرم.
شيرين أبو عاقلة كانت على بعد 150 مترًا من قوات الاحتلال
وكانت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية قد نقلت عن التحقيق الذي تجريه القيادة الوسطى لجيش الاحتلال، بأنه "لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت الصحفية الفلسطينية قد قضت بنيران إسرائيلية أو مسلحين فلسطينيين أثناء تغطيتها عملية عسكرية في جنين الأربعاء".
وأشار التحقيق إلى أن الشهيدة الفلسطينية كانت على بعد 150 مترًا من القوات العسكرية الإسرائيلية عندما أُطلق عليها النار.
استشهاد 55 صحفيا منذ سنة 2000.. #شيرين_أبو_عاقلة شاهدة جديدة على وحشية الاحتلال#للخبر_بقية #فلسطين pic.twitter.com/EjaWC5aiBn
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) May 11, 2022
وأوردت الصحيفة أن "جنود وحدة دوفديفان (وحدة خاصة بالجيش الإسرائيلي) أطلقوا بضع عشرات من الرصاصات خلال العملية في جنين، لكن لا يُعرف حتى الآن ما إذا كان إطلاق نار إسرائيلي أو فلسطيني هو الذي قتل مراسلة الجزيرة".
وقالت "هآرتس": إن الرصاصة التي اخترقت رأس أبو عاقلة يبلغ قطرها 5.56 ملم، وأُطلقت من بندقية "إم 16".
وأضافت: "لكن بما أن هذه البنادق تُستخدم من قبل كل من الجيش الإسرائيلي والمجموعات الفلسطينية في الضفة الغربية، فإن المعلومات غير كافية لتحديد الجانب الذي أطلق الرصاصة"، بحسب زعمها.
ونقلت عن مصدر بجيش الاحتلال لم تسمّه أن "مسلحين فلسطينيين أطلقوا مئات الرصاصات على قوة إسرائيلية كانت بصدد تنفيذ عملية اعتقال نشطاء في مخيم جنين"، على حدّ زعمه، رغم أنّ أيّ إصابة لم تسجَّل في صفوف قوات الاحتلال.
يذكر أنّ مراسل "العربي" فنّد في تقرير خاص أمس، الرواية الإسرائيلية، كاشفًا بالأدلة والبراهين "استحالة" أن تكون الرصاصة التي اغتالت شيرين أبو عاقلة صدرت من مكان تواجد المسلح الفلسطيني، وفق ما زعم الاحتلال.
رفض لتسليم إسرائيل الرصاصة التي اغتالت شيرين أبو عاقلة
وكان وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس، قد قال: إن إسرائيل توجهت إلى السلطة الفلسطينية بطلب لتسليمها الرصاصة التي قتلت شيرين أبو عاقلة لإخضاعها لفحص مقذوفات (باليستي)، وفق صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية.
كما أفاد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ، بأن إسرائيل طلبت تحقيقًا مشتركًا، وتسليمها الرصاصة التي اغتالت الصحفية شيرين ورفضنا ذلك.
وكتب في تغريدة على موقع تويتر: "أكدنا على استكمال تحقيقنا بشكل مستقل وسنطلع عائلتها وأميركا وقطر وكل الجهات الرسمية والشعبية بنتائج التحقيق بشفافية عالية"، لافتًا إلى أن كل المؤشرات والدلائل والشهود تؤكد اغتيال أبو عاقلة من وحدات خاصه إسرائيلية.
نقلت الخبر فكانت هي الخبر.. أبرز مداخلات الشهيدة #شيرين_أبو_عاقلة#شبابيك #فلسطين pic.twitter.com/6nTeyXyz1e
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) May 11, 2022
ومنذ شيوع خبر اغتيال قوات الاحتلال للشهيدة أبو عاقلة، أثناء أدائها عملها المهني وتغطيتها اقتحام مدينة جنين ومخيمها في فلسطين، تتوالى ردود الفعل المستنكرة لهذه الجريمة.
وبينما حملت المواقف الاحتلال المسؤولية عن هذه الجريمة النكراء، شدّدت على ضرورة مساءلته، وتقديم الضالعين فيها إلى العدالة الدولية.
"اختصار لمأساة فلسطين"
ووصف القيادي في حركة فتح محمد الحوراني شيرين أبو عاقلة بـ "أيقونة الصحافية الفلسطينية التي دخلت كل بيت".
وشدد في حديثه إلى "العربي" من رام الله، على أن استشهاد شيرين كان اختصارًا لمأساة الفلسطينيين، الذين بعد أن يغتالهم الاحتلال يريد أن يغتال الحقيقة فيما يتعلق بقتلهم وموتهم.
ولفت إلى أن شيرين وكثير من الشهداء مثل عائلة أبو خضير أو الفتى نديم أو الممرضة رزان النجار، كان القناص الإسرائيلي يقتلهم بهدف القتل، مشيرًا إلى أن إسرائيل تعودت أن تفلت من العقاب نتيجة تراخي المؤسسات الدولية والمجتمع الدولي. وقال إنها عاشت خارج القانون.
"عقود من الكذب الإسرائيلي"
من ناحيتها، شددت المديرة التنفيذية لمنظمة الديمقراطية الآن للعالم العربي سارة لي ويتسون أنه لا يمكن الثقة بالسلطات الإسرائيلية.
وقالت في حديثها لـ "العربي" من واشنطن: كانت لدينا عقود من الكذب والانكار الإسرائيلي، وعقود من التحقيقات المزعومة التي كان لديهم فيها هدف واحد وهو الدفاع عن جرائمهم وتخفية الحقيقة.
وأضافت: "نعم، نريد تحقيقًا ونريد الحصول على التفاصيل حول هوية المسؤول عن إطلاق النار الذي قتل هذه الصحافية في الرأس، وكانت ترتدي الخوذة والسترة الواقية من الرصاص، بطريقة تبدو متشابهة بشكل مخيف مع استهداف الفلسطينيين في غزة".
وأشارت إلى أن هؤلاء يستهدفون في أرجلهم وأدمغتهم وأجسادهم من جانب القناصة الإسرائيليين الذين يقولون إنهم يحمون الحدود.