الخميس 19 Sep / September 2024

الأزمة الأوكرانية.. أي حدود لوقف التصعيد بين روسيا والغرب؟

الأزمة الأوكرانية.. أي حدود لوقف التصعيد بين روسيا والغرب؟

شارك القصة

إحاطة للرئيس الأميركي جو بايدن بشأن مستجدات الأزمة على الحدود الأوكرانية (الصورة: غيتي)
رأى الرئيس الأميركي جو بايدن "فرصة" لإيجاد حل دبلوماسي للأزمة الأوكرانية، لكنه واصل الضغط على موسكو لوقف تصعيدها في الملف.

فيما لا تزال المخاوف متصاعدة بشأن انحراف الأزمة الأوكرانية بين روسيا والغرب، تعهد الرئيس الأميركي جو بايدن، أمس الثلاثاء، بالدفع من أجل التوصل إلى حل دبلوماسي للأزمة، لكنه حذر من أن هجومًا روسيًا "لا يزال ممكنًا جدًا" ضد كييف.

ورغم أنّ بايدن عدّ عملية الانسحاب الروسية من الحدود الأوكرانية بأنها "ستكون أمرًا إيجابيًا"، إلا أنه قال: "إننا لم نتحقق حتى الآن" من تنفيذ ذلك، مؤكدًا أن القوات الروسية التي يقدر عديدها "بأكثر من 150 ألف" جندي لا تزال "في وضع يشكل تهديدًا".

وجاءت تصريحات الرئيس الأميركي في أعقاب لقاء جمع المستشار الألماني مع الرئيس الروسي في موسكو، وصدور أكثر من تصريح يؤشر على "تفاؤل حذر" بشأن المسار الدبلوماسي صادر عن حلف شمال الأطلسي ولندن وبرلين.

العقوبات جاهزة

وفي كلمته، حذّر الرئيس الأميركي من أنّ العقوبات الغربية على روسيا "جاهزة" في حال شنت هجومًا على أوكرانيا، مبديًا في الوقت ذاته "الاستعداد للرد" على أي نوع من الهجمات على الولايات المتحدة أو حلفائها.

وبعدما أكد أن أي جندي أميركي لن يقاتل في أوكرانيا غير المنضوية في حلف شمال الأطلسي، أعلن بايدن أنّ الولايات المتحدة مستعدة لاستخدام "كل قدراتها" للدفاع عن "أصغر شبر من أراضي" أي دولة عضو في التحالف العسكري إذا اقتضت الضرورة.

وطالبت الولايات المتحدة، أمس الثلاثاء، موسكو بإظهار دليل على "خفض التصعيد"، بعد أن أعلنت روسيا أن بعض قواتها قد انسحبت من الحدود مع أوكرانيا.

وأكد القادة الغربيون وجود "مؤشرات إيجابية" على أن روسيا تسعى لتخفيف حدة التوتر بشأن أوكرانيا، بعدما أعلنت موسكو أنها ستسحب بعض قواتها التي نشرتها عند حدود جارتها.

قادة الغرب يعانون من "جنون الارتياب"

وفيما تتصاعد نبرة الاتهامات بين الطرفين، نصح نائب السفير الروسي لدى الأمم المتحدة ديمتري بوليانسكي الزعماء الغربيين بزيارة أطباء مختصين بمرض "البارانويا" أو "جنون الارتياب" بسبب مخاوفهم وشكوكهم المتعلقة باحتشاد 100 ألف جندي روسي على الحدود الأوكرانية.

وقال بوليانسكي: "أعتقد أنهم بحاجة إلى استشارة طبيب جيد، أوصيهم القيام بذلك، وأن يكون الطبيب مختصًا في حالات البارانويا"، نافيًا أن يكون لدى روسيا أي نية لمهاجمة جارتها الجمهورية السوفييتية السابقة.

وعندما سئل عن حجم الانتشار الروسي، الذي تقول موسكو إنه جزء من مناورات عسكرية مع حليفتها بيلاروسيا، أجاب: "لا علم لي عن الأعداد، لأن هناك الكثير من التكهنات حول ذلك"، لكنه قال: "أعتقد أن المناورات مع بيلاروسيا ستنتهي في غضون أسبوع. بالنسبة إلى الجنود الآخرين، لا أعرف".

وفي أول إعلان عن سحب قوات من بين أكثر من 100 ألف جندي حشدتهم روسيا عند حدود أوكرانيا، أكدت وزارة الدفاع في موسكو أن بعض الجنود والمعدات العسكرية ستعود إلى قواعدها فور انتهاء مناورات مقررة.

المضي في مسار المفاوضات

وبعد لقاء جمعه أمس الثلاثاء بالمستشار الألماني أولاف شولتس في موسكو، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إنّ روسيا لا تريد حربا "بالتأكيد" وترغب بالبحث عن حلول مع الغرب.

وقال بوتين خلال مؤتمر صحافي مشترك مع شولتس: "نحن مستعدون لمواصلة العمل معًا. نحن مستعدون للمضي قدمًا في مسار المفاوضات"، مؤكدًا: "انسحابًا جزئيًا للقوات".

وضم المستشار الألماني صوته إلى أصوات آخرين في الغرب أعربوا عن أملهم بوجود خطوات يتم اتّخاذها باتّجاه خفض التصعيد في الأزمة.

وقال شولتس: "كوننا نسمع الآن أنه تم سحب بعض القوات هو في أي حال مؤشر جيد"، مضيفًا: "بالنسبة إلى الأوروبيين، من الواضح أنه لا يمكن تحقيق أمن مستدام إلا مع روسيا، لا بمواجهتها". كما تحدّث عن "تطور جيد" خلال محادثاته مع بوتين.

بدوره، أبلغ وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف نظيره الأميركي أنتوني بلينكن، أمس الثلاثاء، أن موسكو تدعو إلى "حوار براغماتي"، فيما شدد على ضرورة مواصلة "العمل المشترك"، وفق ما نقلت عنه الخارجية.

مؤشرات على "انفتاح دبلوماسي"

ولم تنشر موسكو تفاصيل كثيرة عن سحب القوات ولم يصدر أي تأكيد بعد من الخارج، إذ قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ: "لم نلمس أي مؤشر على خفض التصعيد على الأرض"، لكن هناك "أسس لتفاؤل الحذر".

وتوافق الرئيسان الفرنسي إيمانويل ماكرون والأميركي جو بايدن خلال اتصال هاتفي أمس الثلاثاء على ضرورة "التحقق" من إعلان بدء انسحاب القوات الروسية من الحدود الأوكرانية، معتبرين أنها "إشارة أولى مشجعة"، وفق الإليزيه.

وخلال هذه المكالمة التي استمرت نحو ساعة، دعا الرئيسان أيضًا إلى الحفاظ على "تنسيق تام" في مواجهة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بحسب المصدر نفسه.

من جانبها، قالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك: إن "كل خطوة باتّجاه خفض التصعيد ستبعث على الأمل"، فيما لفت رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إلى وجود "مؤشرات على انفتاح دبلوماسي" مع روسيا، لكنه أكد أن المعلومات الاستخباراتية عن غزو محتمل "لا تزال غير مشجّعة".

وبلغت الأزمة، التي تعد الأسوأ بين روسيا والغرب منذ انتهاء الحرب الباردة، ذروتها الأسبوع الجاري، إذ حذّر مسؤولون أميركيون من إمكانية شن موسكو اجتياحًا واسع النطاق يشمل هجومًا على كييف في غضون أيام.

"رسالة تضامن" إلى أوكرانيا

وفي سياق آخر، بعث أعضاء في مجلس الشيوخ الأميركي، أمس الثلاثاء، بـ"رسالة تضامن" إلى الشعب الأوكراني احتوت أيضًا على تحذير للرئيس الروسي، على الرغم من فشل المجلس في الاتفاق على مشروع قانون لفرض عقوبات ضد موسكو.

وقال 12 عضوًا بارزًا في مجلس الشيوخ من الديمقراطيين والجمهوريين في بيان: "في هذه اللحظة العصيبة، نبعث برسالة تضامن وعزم من الحزبين إلى الشعب الأوكراني، وأيضًا على حدّ سواء بتحذير واضح إلى فلاديمير بوتين والكرملين".

ويمثل البيان، الذي وقعه زعيما الحزبين في مجلس الشيوخ تشاك شومر وميتش ماكونيل، موقفًا نادرًا يعبر عن الوحدة السياسية في الكونغرس الذي يعاني من حالة استقطاب شديدة.

انقسام بشأن العقوبات

لكن البيان يفتقر إلى قوة القانون ويأتي بعد فشل المجلس المنقسم بالتساوي بين الحزبين في التوصل إلى اتفاق بشأن مشروع قانون لفرض عقوبات على روسيا في حال غزوها أوكرانيا المجاورة.

وأواخر الشهر الماضي، كاد أعضاء مجلس الشيوخ التوصل إلى مسودة اتفاق بشأن العقوبات، لكن في وقت متأخر أمس الثلاثاء تراجع الجمهوريون وتقدموا بمشروع قانون خاص بهم للنظر فيه.

وهذه الخطوة أثارت غضب رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الديمقراطي بوب مينينديز الذي قال: "إنه لأمر مخز أن يقرر الجمهوريون في مجلس الشيوخ اختيار موقف حزبي بدلًا من العمل للتوصل إلى إجماع حول مقترح شامل من الحزبين".

لكن الدعم الحزبي من أعضاء مجلسي النواب والشيوخ سيرسل إشارة قوية إلى الرئيس الديمقراطي. وقال أعضاء مجلس الشيوخ في بيانهم المشترك إنهم على استعداد لتقديم "دعم كامل" لفرض "عقوبات قوية ومشددة وفعالة ضد روسيا".

تابع القراءة
المصادر:
العربي - وكالات
Close