وصل التضخم في الولايات المتحدة إلى أعلى مستوى له في 40 عامًا عند 7.9%، مع احتمال ارتفاعه أكثر بسبب ارتفاع أسعار النفط والسلع بعد الهجوم الروسي على أوكرانيا.
وقالت وزارة العمل الأميركية يوم الخميس: "إن مؤشر أسعار المستهلك زاد 0.8% في فبراير/ شباط مقارنة بالشهر السابق، بزيادة 7.9% عن العام الماضي".
ويعد معدّل التضخم السنوي الأعلى منذ يونيو/ حزيران 1982. وباستثناء الغذاء والطاقة المتقلبة، ارتفعت الأسعار بنسبة 6.4%، وهو أكبر تغيير في 12 شهرًا منذ الفترة المنتهية في أغسطس/ آب 1982، بحسب صحيفة "ديلي ميل".
ارتفاع أسعار السلع الأساسية
وأظهرت أحدث البيانات ارتفاعًا حادًا في أسعار السلع الأساسية، حيث ارتفعت أسعار البقالة بنسبة 7.9% مقارنة بالعام الماضي، وارتفعت أسعار الملابس بنسبة 6.6%، وزادت أسعار الطاقة بنسبة 25.6%.
ويزيد التضخم المتصاعد، الذي تفاقم بسبب الارتفاع الشديد في أسعار الوقود، من الضغط على الرئيس جو بايدن، الذي حظر هذا الأسبوع واردات النفط من روسيا وألقى باللوم على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في ارتفاع تكاليف الطاقة.
وبالنسبة لمعظم الأميركيين، يتقدم التضخم بفارق كبير عن زيادات الأجور التي تم تلقيها في العام الماضي، مما يجعل من الصعب عليهم تحمل تكاليف السلع والخدمات الأساسية مثل الطعام والغاز والإيجار.
التضخّم يهدد بايدن
ونتيجة لذلك، أصبح التضخم هو التهديد السياسي الأكبر لبايدن والديمقراطيين في الكونغرس مع اقتراب انتخابات التجديد النصفي الحاسمة. ويشير أصحاب الأعمال الصغيرة الآن في الدراسات الاستقصائية إلى أن هذا هو "مصدر قلقهم الاقتصادي الأساسي أيضًا".
وتجاوز معدّل التضخم الهدف السنوي للاحتياطي الفيدرالي البالغ 2%. ومن المتوقع أن يبدأ البنك المركزي الأميركي في رفع أسعار الفائدة يوم الأربعاء المقبل للقضاء على التضخم، حيث يتوقع الاقتصاديون ما يصل إلى سبع زيادات في أسعار الفائدة هذا العام.
ومع ذلك، يواجه بنك الاحتياطي الفيدرالي تحديًا دقيقًا، فإذا قيد الائتمان هذا العام، فإنه يخاطر بتقويض الاقتصاد وربما يتسبب في الركود.
وفي الوقت الحالي، من المرجح أن يؤدي الإنفاق الاستهلاكي القوي، المدفوع جزئيًا بإعادة فتح الاقتصاد مع تلاشي متحور أوميكرون من كورونا، بالإضافة إلى ارتفاع الأجور وأسعار الغاز إلى ارتفاع التضخم لأشهر.
وتراجعت أسعار النفط يوم الأربعاء بعد تقارير تفيد بأن الإمارات العربية المتحدة ستحث أعضاء أوبك على زيادة الإنتاج. وانخفض سعر النفط الأميركي بنسبة 12% إلى 108.70 دولارًا للبرميل، رغم أنه لا يزال مرتفعا بشكل حاد من حوالي 90 دولارًا قبل الهجوم الروسي على أوكرانيا.
ومع ذلك، كانت أسواق الطاقة متقلبة للغاية لدرجة أنه من المستحيل معرفة ما إذا كان التراجع سيستمر. وإذا انضمت أوروبا إلى الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وحظرت واردات النفط الروسية؛ يقدر المحللون أن الأسعار قد ترتفع إلى 160 دولارًا للبرميل.
الهجوم الروسي يغيّر التوقعات
وأمس الأربعاء، دعت وزيرة الطاقة الأميركية جينيفر جرانهولم شركات النفط إلى زيادة الإنتاج وتعويض ارتفاع أسعار النفط.
وتعد الولايات المتحدة منتجًا رئيسيًا للنفط والغاز، على الرغم من أن الرئيس جو بايدن اتخذ خطوات للحد من التنقيب في أجزاء من البلاد لتشجيع التركيز المتزايد على الطاقة المتجددة.
لكن أسعار الوقود ارتفعت مع التعافي من جائحة كوفيد التي تسببت في انهيار الطلب. وساهم ذلك في موجة التضخم التي أضرت بشعبية بايدن.
وأدت العواقب الاقتصادية للهجوم الروسي على أوكرانيا إلى قلب الافتراض الواسع بين العديد من الاقتصاديين وفي مجلس الاحتياطي الفيدرالي.
وإذا ظلت أسعار الغاز بالقرب من مستوياتها الحالية، يقدر كبير الاقتصاديين في شركة إدارة الأصول ألاينس بيرنشتاين، إريك فينوغراد أن التضخم قد يصل إلى 9% في مارس/ آذار أو أبريل/ نيسان.
كما ارتفعت أسعار القمح والذرة وزيوت الطهي ومعادن مثل الألمنيوم والنيكل منذ الهجوم على أوكرانيا. وأوكرانيا وروسيا من الدول المصدرة الرئيسية لتلك السلع.
وحتى قبل الهجوم الروسي، لم يرتفع التضخم بشكل حاد فحسب، بل اتسع أيضًا ليشمل قطاعات إضافية من الاقتصاد.
وقفزت أسعار عدد من السلع خلال العام الماضي، بسبب الطلب الكبير الذي واجهه نقص في المعروض، مثل السيارات ومواد البناء والسلع المنزلية.
تأثير ارتفاع الأجور
وفي الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الماضي، قفزت الأجور والرواتب بنسبة 4.5%، وهي أكبر زيادة في 20 عامًا على الأقل. وقد أدت هذه الزيادات في الأجور بدورها إلى قيام العديد من الشركات برفع الأسعار لتعويض ارتفاع تكاليف العمالة.
كما تشكل تكاليف الطاقة المرتفعة تحديًا خاصًا لمجلس الاحتياطي الفيدرالي. وتسهم أسعار الغاز المرتفعة في تسريع التضخم وإضعاف النمو الاقتصادي.
وفي خطابه عن حالة الاتحاد الأسبوع الماضي، قال بايدن إنه سوف يسيطر على التضخم المرتفع من خلال برنامج "باي أميريكان سكيم"، الذي سيشهد إعادة الاستثمار في القدرة الصناعية الأميركية، وتسريع سلاسل التوريد وتقليل عبء رعاية الأطفال ورعاية المسنين على العمال.
وتسعى الولايات المتحدة لإيجاد مصادر بديلة للنفط الروسي. وكشفت مصادر مطلعة أن مسؤولين فنزويليين وأميركيين ناقشوا إمكانية تخفيف العقوبات النفطية على فنزويلا، لكنهم لم يحققوا تقدمًا يذكر نحو التوصل إلى اتفاق، وفق "رويترز". ويمكن أن تعزز فنزويلا صادراتها من النفط الخام إذا خففت واشنطن العقوبات عليها.