الجمعة 1 نوفمبر / November 2024

"الأمر يستحق".. ديميدف الأوكرانية التي أغرقها سكانها لصد هجوم روسيا

"الأمر يستحق".. ديميدف الأوكرانية التي أغرقها سكانها لصد هجوم روسيا

شارك القصة

تقرير يرصد تواصل الهجوم الروسي على الشرق الأوكراني (الصورة: غيتي)
أغرق الأوكرانيون القرية عمدًا محققين انتصارًا تكتيكيًا على الدبابات الروسية التي كانت متّجهة إلى كييف ووفرت للجيش الأوكراني وقتًا ثمينًا لإعداد دفاعاته.

في جميع أنحاء قرية ديميدف شمال العاصمة كييف، كان السكان يكافحون لمواجهة آثار الفيضانات الشديدة، والتي كانت ستشكّل في ظل الظروف العادية مصيبة أخرى لشعب يتعرض لهجوم من روسيا.

لكن هذه المرة كانت الفيضانات متعمّدة، إذ كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية أن الأوكرانيين أغرقوا القرية عمدًا، بالإضافة إلى مساحات شاسعة من الحقول والمستنقعات حولها، محققين انتصارًا تكتيكيًا على الدبابات الروسية التي كانت متّجهة إلى كييف ووفرت للجيش الأوكراني وقتًا ثمينًا لإعداد دفاعاته.

وقالت أنتونينا كوستوتشينكو، وهي من سكان القرية وتعفنت غرفة معيشتها بسبب المياه التي غمرتها على ارتفاع قدم: "لا أحد منا يأسف لما حصل لمنزله. لقد أنقذنا كييف".

وغمرت المياه ديميدف، عندما فتحت القوات الأوكرانية سدًا مجاورًا ودفعت المياه إلى الريف. وفي أماكن أخرى من أوكرانيا، فجّر الجيش الأوكراني الجسور وقصف الطرق وعطل خطوط السكك الحديدية والمطارات، بهدف إبطاء التقدم الروسي وتوجيه قوات العدو إلى الأفخاخ وإجبار الدبابات على التضاريس الأقل ملاءمة للتقدم.

وقال الزميل الأول في معهد أبحاث السياسة الخارجية روب لي للصحيفة: "من الواضح أن الأوكرانيين مبدعون للغاية في محاولة جعل الحياة صعبة للغاية على الروس. من المنطقي إبطاء أي هجوم سريع".

وقال كوبراكوف: "لقد استخدمت قواتنا العناصر الهندسية بشكل مناسب للغاية، سواء كانت سدودًا أو جسورًا فجرّوها، وأوقفوا تقدم القوات".

تكلفة باهظة

وقال وزير البنية التحتية الأوكراني أولكسندر كوبراكوف إنه تم تدمير أكثر من 300 جسر في جميع أنحاء أوكرانيا.

وأوضح خبراء عسكريون أن سياسة الأرض المحروقة لعبت دورًا مهمًا في نجاح أوكرانيا في صد القوات الروسية بالشمال، ومنعها من السيطرة على العاصمة كييف.

لكن هذه الاستراتيجية لا تأتي من دون تكلفة باهظة على البنية التحتية المدنية في البلاد.  حيث تزامنت مع قيام الجيش الروسي بتفجير الجسور واستهداف محطات السكك الحديدية والمطارات ومستودعات الوقود وغيرها من المرافق، مما رفع قيمة الأضرار التي لحقت بأوكرانيا، وضخّم ثمن إعادة إعمار البلاد بعد الحرب.

وأوضحت الحكومة الأوكرانية أن إجمالي الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية لقطاع النقل تقدّر بحوالي 85 مليار دولار بعد شهرين من الحرب.

وبغض النظر عن الجهة التي دمّرت المواقع، ألقى كوبراكوف المسؤولية على روسيا. وقال: "ما كنّا لنفجّر جسورنا لو لم تبدأ الحرب. السبب واحد: العدوان الروسي".

"ليس خسارة كبيرة"

وقال مسؤولون وجنود أوكرانيون إن إغراق القرية بالمياه كانت استراتيجية فعالة، إذ أدت إلى تكوين بحيرة ضحلة مترامية الأطراف أمام المدرعات الروسية.

وقال فولوديمير أرتيمشوك، وهو متطوع كان يساعد في تغذية مضخات المياه، "إن غمر خمسين منزلًا بالمياه ليس خسارة كبيرة".

ولعبت الفيضانات التي سدت الجهة الشمالية من كييف على الضفة الغربية لنهر دنيبرو دورًا محوريًا في القتال خلال شهر مارس/ آذار، حيث صدت القوات الأوكرانية المحاولات الروسية لمحاصرة كييف ودفعت الروس في النهاية إلى التراجع.

وأوجدت المياه حاجزًا فعالًا أمام الدبابات الروسية، ووجّهت القوة الهجومية إلى الكمائن والأماكن السكنية الضيقة في سلسلة من البلدات النائية مثل هوستوميل وبوتشا وإيربين.

وحاولت القوات الروسية عبور نهر دنيبرو ست مرات دون جدوى باستخدام جسر عائم والقيادة عبر منطقة مستنقعات تحت نيران المدفعية الأوكرانية.

وحمت الفيضانات مدينة كييف، وساعدت أيضًا في حماية ديمديف، التي كانت تقع على الجانب المحتل من روسيا من الحقول التي غمرتها المياه. وعلى الرغم من قيام الجنود الروس بدوريات في القرية، إلا أنها لم تصبح أبدًا خطًا أماميًا في المعركة، وقد نجت من المصير القاتم للبلدات الواقعة في الجنوب.

وقال أولكسندر ميلينشينكو، الذي يشغل منصب رئيس البلدية، إن ستة أشخاص قتلوا خلال قرابة شهر من الاحتلال، ودُمر القصف منازل ومتاجر، مضيفًا أن بعض السكان يحاولون العودة إلى الحياة الطبيعية وبعض الناس ما زالوا يعانون من الصدمة".

ومن المتوقع أن تستغرق عملية التنظيف أسابيع أو شهورا، وقد تكاتف العديد من أبناء القرية في جهود مجتمعية مبهجة تقريبًا لتجفيف منازلهم.

فحتى عندما غمرت مياه الفيضانات الساحات الخلفية للمنازل، وكانت زجاجات الصودا تطفو بالقرب من المنازل، كانت النساء يقمن بالطهي ودعوة الناس لتناول الطعام، بينما ينقل آخرون وقود الديزل لمضخات المياه في قارب مطاطي.

وقال رومان بيخوفتشينكو (60 عامًا) من سكان ديمديف عن الأضرار التي لحقت بمنزله: "كان الأمر يستحق ذلك".

تابع القراءة
المصادر:
العربي - ترجمات
Close