الأنشطة البشرية تهدد الاقتصاد والبيئة.. ما هي الجزر الحرارية الحضرية؟
الجزر الحرارية الحضرية، هو مصطلح يطلق على أي منطقة تكون حرارتها أعلى نسبيًا من المناطق المحيطة بها بفعل التدخل البشري، الأمر الذي يحمل معه تأثيرات اقتصادية وبيئية وصحية.
وتعاني الجزر الحرارية حكمًا من ارتفاع أكبر في درجات الحرارة داخل المدن الكبيرة، منها في الضواحي والمناطق الريفية المجاورة.
وأنذرت دراسة جديدة بضرورة إنقاذ البيئة في تلك الجزر، عبر ممارسات قد تلعب دورها في إعادة توازنها البيئي قدر الإمكان.
فرق هائل بين المدن والأرياف
فقد درس العلماء في مركز الأبحاث المشتركة التابع للمفوضية الأوروبية "جي آر سي"، الفرق بين درجات حرارة سطح الأرض في المناطق الحضرية التي يزيد عدد سكانها عن 50 ألف نسمة، وفي المناطق الريفية المحيطة بها في الصيف بين عامي 2003 و2020.
وكانت النتيجة، أن درجات حرارة السطح في المدن كانت في بعض الأحيان أعلى بنحو 10 إلى 15 درجة مئوية، عن المناطق الريفية المحيطة بها.
كما قدرت الدراسة أن درجة الحرارة في بعض الجزر الحرارية في المدن، قد ارتفعت وسطيًا بمقدار درجةٍ مئوية منذ عام 2003.
أسباب ارتفاع الحرارة بالمدن الحضرية
أما أبرز أسباب ارتفاع درجات الحرارة في المناطق الحضرية، فهو انخفاض مساحات الغطاء الأرضي الطبيعي بينما تسهم الأسطح الجافة في تلك المناطق مباشرةً في ارتفاع درجات الحرارة، فضلًا عن تلك المتولدة من الأنشطة البشرية كاستخدام المركبات ووحدات التكييف وغيرها.
وقد يكون للهندسة الحضرية دور كبير في الحد من هذه الظاهرة، من خلال مجموعة من الخطوات مثل إنشاء ممرات للرياح بهدف التهوية وتوفير مزيد من المساحات الخضراء، واستخدام الألوان الفاتحة في البناء.
في هذا الإطار، يشرح الدكتور رضوان الوشاح أستاذ هندسة البيئة والمياه في الجامعة الأردنية أن الجزر الحرارية الحضارية هي عبارة عن ظاهرة مناخية، وجدت في نطاق بعض المدن نتيجة النشطات الإنسانية والتلوث.
ويتابع مفصلًا أن هذه الظاهرة تبرز بشكل خاص في المناطق المحصورة، مثل المدن الساحلية المحاطة بسلسلة من الجبال، ما يساعد في تركيز الملوثات وامتصاص ثاني أكسيد الكربون للحرارة والاحتفاظ بها، ما يسهم بالتالي في رفع درجة الحرارة بالجو في تلك المناطق ما بين اثنين إلى أربع درجات.
ما دور الإنسان؟
ويرى الوشاح في حديث "مع العربي"، أن هناك دورًا كبيرًا للإنسان في التخفيف من هذه الظاهرة السلبية وما لها من آثار بيئية واجتماعية خطيرة، بحيث تكمن هذه الإجراءات أولًا في زيادة المسطحات الخضراء في المدن، لتكون بمثابة رئات تنفس هذه المناطق.
هذا فضلًا عن قدرة السكان تقليل المساحات الداكنة في هذه المدن، من شوارع وأسطح إسمنتية داكنة، وذلك عبر الزراعة وتشييد حدائق على أسطح المباني إلى جنب دهن المباني بألوان فاتحة تعكس الحرارة، وفق الوشاح.
أما عن دور المخططين المدنيين، فيلفت أستاذ هندسة البيئة والمياه إلى أن ذلك يتمثل في إجراء تصاميم حديثة صديقة للبيئة تهدف للحد من هذه الظاهرة، مثل إدخال بقع ومناطق خضراء ومتنفسات للتيارات الهوائية بين المباني لتجديد هواء تلك المناطق.
في المقابل، ينبّه الوشاح من عمان إلى وجود تزايد مستمر في استهلاك الطاقة المعتمدة على الوقود الأحفوري، إلى جانب توسع المدن وازدحامها، والزيادة السكانية خاصة.
ويضيف: "يمكن ملاحظة ذلك في مناطق مثل الهند وبعض المدن المزدحمة في عدد من البلدان العربية مثل عمان، ما يدل على أن ظاهرة الجزر الحرارية الحضرية أصبحت مشهودة ومتزايدة".