لطالما تسبّب الإدمان على وسائل التواصل الاجتماعي بقلق الأهل على أولادهم، ومن هذا المنطلق، رفعت سيدة أميركية دعوى على ميتا، الشركة الأم لفيسبوك، بسبب إدمان ابنتها على هذه المنصّة الرقمية، الأمر الذي تسبّب لها بمشكلات نفسية وصحية.
وبحسب الدعوى، فإنّ إدمان الطفلة على الموقع أدّى إلى تقليل مستوى اهتمامها ببقية الأنشطة، واضطرب نومها من جراء التنبيهات المتواصلة من التطبيق.
ويُعَدّ إيذاء النفس عارضًا من أعراض الاضطرابات الشخصية، حيث يقوم فيها الإنسان بجرح جسده عمدًا بالعضّ أو الحرق مثلًا، لكنّ الأمر لا يصل إلى مرحلة الانتحار.
يذكر أنّها ليست المرّة الأولى التي تتعرّض فيها منصّات التواصل إلى انتقادات على خلفية إدمان المراهقين عليها، فمنذ يوليو/ تموز الماضي، سُجّلت 12 دعوى قضائية على شركة ميتا، لكنّ أيًا منها لم يصل إلى نتيجة حتى الآن.
الضرورة والمحاذير
ويرى المتخصص في علم الاجتماع والجريمة بجامعة مؤتة في الأردن، الدكتور حسين محادين، أن التحدي الحقيقي اليوم، هو في إمكانية التوافق بين حسن استخدام وسائل التواصل لدى الأطفال، والصحة النفسية لهم كون مخاطرها تكمن في الإدمان عيلها منهم، الأمر الذي يشبه أي إدمان آخر، وهو نوع من الاضطراب النفسي، والسلوكي الذي يصاب به الفرد، فيصبح غير قادر على الاستغناء عنه.
ويشير محادين في حديث إلى "العربي"، من عمّان، إلى أن وسائل التواصل باتت تؤمن لعدد كبير من الاولاد منفذًا للمشاركة الاجتماعية، إذ لا يمكن عزلهم خصوصًا في ظل ارتباط كل من الأب والأم بعملهما لساعات طويلة، وعدم قدرتهما على متابعة أطفالهما في المنزل.
كما يلفت المتخصص الأردني، إلى أن ذلك قد ساهم أيضًا في إضعاف دور الأهل التوجيهي، حيث قلة فرص الالتقاء بينهم وبين الأولاد، وهو ما حول الأطفال لأسرى مفاتن تلك الوسائل الإلكترونية، وجرّهم لحالة من التنميط، بجعلهم خاضعين لوهم الصورة.
هل من بدائل لوسائل التواصل؟
وحول كيفية التعاطي مع تلك الآفة، يقول محادين إن ضرورة وجود وسائل بديلة للتواصل بات ملحًا وضروريًا مع الأهل، كتوفير فرص التعامل مع الطبيعة، وتعزيز التواصل مع البيئة المحيطة بهم، ولا سيما أن التكنولوجيا الحديثة تعيد تشكيلنا كمجتمعات، الأمر الذي يحتم على الأهل إيجاد فسحة من النشاطات الثقافية، والرياضية للأولاد كبدائل مناسبة لتلك الوسائل.
ويشدد على وجوب التنبه إلى مغريات وسائل التواصل، التي يتفاعل معها الفرد، وتبعث على الكسل الذهني، حيث كان الأفراد يتمتعون بحراك عقلي أكثر نشاطًا قبل ذلك "الانفجار الإلكتروني"، وأكثر تفاعليًا مع المناسبات الاجتماعية، مؤكدًا أن المسؤولية الأولى والأخيرة تقع على دور الأهل في ترشيد الأولاد حول استعمال تلك الوسائل.