بعد تصريحات مسيئة عن النبي محمد (ص) صدرت عن مسؤولين في حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم في الهند قبل أيام، أججت الغضب في الداخل والخارج، سعت الحكومة الهندية اليوم الإثنين، إلى تهدئة الأجواء، بينما اعتقلت السلطات 38 شخصًا في أعمال شغب نشبت بسبب التصريحات في مدينة بشمال البلاد، فيما يجري التخطيط لتنظيم احتجاج في وقت لاحق في مومباي.
وجاءت الاعتقالات في مدينة كانبور، في إطار محاولات لاحتواء توتر ديني يتصاعد بين الحين والآخر في البلاد وأشعلته تصريحات المسؤولين، في وقت تصدّر فيه وسم "إلا رسول الله يا مودي" مواقع التواصل، في إشارة إلى حكومة رئيس الوزراء ناريندرا مودي.
واعتُبرت تصريحات شارما سببًا في اندلاع صدامات في ولاية أوتار براديش الهندية الجمعة، وطالبت منظمات إسلامية هندية عدة بتوقيفها.
وقال مسؤول في وزارة الخارجية الهندية إن بعض أبرز المسؤولين في الهند شاركوا في إدارة الأزمة الدبلوماسية التي نشبت مع دول مثل قطر والسعودية وعمان والإمارات وإيران التي طالبت باعتذار من الحكومة لسماحها بصدور مثل تلك التصريحات.
وفي مطلع الأسبوع، تم استدعاء الدبلوماسيين الهنود في دول الخليج والدول الإسلامية المجاورة للاحتجاج على تصريحات مسؤولي حزب بهاراتيا جاناتا.
إهانة مباشرة للعقيدة
وقالت منظمة التعاون الإسلامي في بيان: "هذه الإهانات تأتي في سياق من زيادة حدة الكراهية والإهانات للإسلام في الهند والمضايقات الممنهجة التي يتعرض لها المسلمون هناك".
وأشارت المنظمة، التي تضم 57 دولة عضًوا، إلى القرار الذي صدر في مارس/ آذار الماضي، بحظر الحجاب في المؤسسات التعليمية في عدد من الولايات الهندية، حيث أيدت المحكمة العليا في ولاية كارناتاكا التي يسيطر عليها حزب بهاراتيا جاناتا في جنوب الهند، قرار الحظر المفروض على الحجاب داخل الحرم المدرسي.
كما تحدثت المنظمة عن تدمير ممتلكات لمسلمين، مسلطة الضوء على ما وصفته بأنه تحيز من الحكومة الهندية.
أما القوات المسلحة الباكستانية، فقالت في تغريدة: "نندد بشدة بالتصريحات التي وجهت إهانة مباشرة للعقيدة" من مسؤولين هنود، معتبرة أن هذا يؤشر بوضوح إلى مستوى الكراهية ضد المسلمين والديانات الأخرى في الهند".
من جهتها، أوضحت وزارة الخارجية الهندية في بيان أن التغريدات والتصريحات المسيئة، لا تعكس بأي حال وجهة نظر الحكومة.
وقال أريندام باجتشي، وهو متحدث باسم الحكومة: "تم اتخاذ إجراء قوي بالفعل بحق الفردين من المؤسسات المعنية... من المؤسف أن أمانة منظمة التعاون الإسلامي اختارت مرة أخرى إصدار تصريحات مضللة".
وكان حزب بهارتيا جاناتا قد أوقف عن العمل المتحدثة باسم الحزب نوبور شارما وفصل مسؤولًا آخر أمس الأحد عقب تصريحاتهما المسيئة، وقد رحّبت السعودية والبحرين بهذا الإجراء. ويشكّل المسلمون نحو 13% من سكان الهند البالغ عددهم 1.35 مليار نسمة.
مقاطعة بضائع هندية
إلى ذلك، قال مسؤول كبير في سفارة قطر في نيودلهي، إنّ بلاده تتحرى عن تقارير عن مقاطعة بعض ملاك المتاجر في قطر للبضائع الهندية.
ويقدّر حجم التجارة الهندية مع مجلس التعاون الخليجي، الذي يضم الكويت وقطر والسعودية والبحرين وعمان والإمارات، بنحو 90 مليار دولار في 2020-2021. ويعيش ملايين الهنود ويعملون في دول مجلس التعاون الخليجي.
في السياق نفسه، أزالت جمعية العارضية التعاونية جنوبي غرب مدينة الكويت، مساء الأحد، البضائع الهندية من على رفوفها، فيما أفاد مسؤول في اتحاد الجمعيات التعاونية، أكبر سلسلة متاجر غذائية في الكويت، أن نقاشًا يجري حول اعتماد المقاطعة في الفروع كافة.
وفي تصريح لـ "فرانس برس"، قال مدير جمعية العارضية التعاونية ناصر المطيري: "قاطعنا المنتجات الهندية بسبب الإساءة للرسول. نحن كشعب كويتي ومسلم لا نرضى بالاساءة للرسول".
ويعيش نحو 8,7 ملايين من بين 13,5 مليون مغترب هندي في منطقة الخليج وحدها، غالبيتهم في الامارات (3,4 ملايين) والسعودية (2,5 مليون) والكويت (نحو مليون هندي)، بحسب إحصائيات هندية رسمية.
وفي القاهرة، اعتبر الأزهر في بيان أنّ التصريحات تمثّل "الإرهاب الحقيقي بعينه الذي يمكن أن يُدخل العالم بأسره في أزمات قاتلة وحروب طاحنة، ومن هنا فإن على المجتمع الدولي أن يتصدَّى بكل حزمٍ وبأس وقوَّة لوقف مخاطر هؤلاء العابثين".
كما أشارت الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي في بيان إلى أن "مثل هذا الفعل الشنيع لا يمثل احترام الأديان".
وأعرب الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي نايف الحجرف، في بيان عن "شجبه ورفضه واستنكاره للتصريحات". وطالبت "حركة مجتمع السلم" في الجزائر الحكومة الهندية، بتقديم "اعتذار رسمي للمسلمين وتعهد بعدم تكرار ذلك".
كما استدعت وزارة الخارجية الإيرانية بدورها السفير الهندي للاحتجاج، بينما أكّد الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الأردنية هيثم أبو الفول "استنكار المملكة لهذه التصريحات، والرفض القاطع للمساس برموز الدين الإسلامي والرموز الدينية كافةً باعتباره سلوكًا يغذي ثقافة الكراهية والتطرف".