تتعرّض معظم دول العالم لموجات حرارة غير مسبوقة ورطوبة "مميتة" تُعيق قدرة جسم الإنسان على التعامل معها.
وتناولت صحيفة "واشنطن بوست" قدرة جسم الإنسان على التكيّف مع التغيّر المناخي في المستقبل، وعمّا إذا كانت بعض المناطق ستُصبح "غير صالحة" للعيش.
وأشارت الصحيفة إلى أن جسم الإنسان يتمتّع بالمرونة التي تجعله يتعامل مع ارتفاع الحرارة، لكن ارتفاع الرطوبة في الجو تُعيق قدرته على تبريد نفسه، وهو ما يحدث بسبب تغير المناخ.
ولمعرفة المناطق التي قد تُصبح خطرًا على الإنسان العيش فيها، قام العلماء باستخدام مقياس "درجة حرارة المصباح الرطب" (WBT)، الذي لا يعكس درجات الحرارة في الجو فحسب، ولكن كمية الماء الموجودة في الهواء أيضًا.
الحد الأعلى المحتمل
ويدلّ ارتفاع الرقم على صعوبة تبخّر العرق الذي يُصدره جسم الإنسان للتعامل مع الحرارة المرتفعة.
والحد الأعلى في درجة حرارة المصباح الرطب (WBT)، الذي يمكن لجسم الإنسان تحمّله هو 95 درجة فهرنهايت (35 درجة مئوية)، لكن أي درجة حرارة تزيد عن 86 درجة فهرنهايت (30 درجة مئوية) يمكن أن تكون "خطيرة ومميتة".
ووجد العلماء أن المكسيك وأميركا الوسطى ومنطقة الخليج والهند وباكستان وجنوب شرق آسيا تتّجه كلها بوتيرة متزايدة نحو هذه العتبة الخطيرة قبل نهاية القرن، وأن مناطق مثل جنوب آسيا والشرق الأوسط يمكن أن تتجاوزها بانتظام بحلول عام 2075. كما أشاروا إلى تضاعف معدل الحرارة الرطبة بشكل عام منذ عام 1979.
When it comes to heat, the human body is remarkably resilient — it’s the humidity that makes it harder to cool down. And humidity, driven in part by climate change, is increasing. https://t.co/RgVKWkrRFp pic.twitter.com/XEDNdmvJ7a
— The Washington Post (@washingtonpost) July 28, 2021
وشرح رادلي هورتون، الأستاذ في مرصد "لامونت دوهرتي" الأرضي بجامعة كولومبيا، أنه عند مستوى معين من الحرارة والرطوبة، "لا يعود الإنسان قادرًا على التعرّق بسرعة كافية لمنع ارتفاع درجة الحرارة".
وقال هورتون، الذي شارك في الدراسة: "يتمّ التقليل من أخطار الحرارة الرطبة بشكل كبير اليوم، وستزداد بشكل كبير في المستقبل، نظرًا لأن العالم يشهد حالات متطرّفة نادرة أو غير مسبوقة مع تكرارها بشكل متزايد".
نسيم البحر مميتًا
قد يعتقد البعض أن الاقتراب من الشاطئ هو وسيلة جيدة للاستمتاع بنسيم الهواء والاسترخاء، لكن هورتون قال للصحيفة: إن "الاقتراب من الماء في الظروف القاسية قد يزيد الأمور سوءًا، نظرًا لأن ارتفاع درجات الحرارة يتسبّب في تبخّر الماء وهو ما يضيف الرطوبة إلى الهواء".
وحذّر من أنه "إذا كنت في مدينة خليجية، فقد يكون نسيم البحر مميتًا".
ووجد هورتون وزملاؤه، أن أجزاء من الإمارات وباكستان قد فاقت درجة الحرارة فيهما الـ 95 درجة فهرنهايت لمدة ساعة أو ساعتين أكثر من ثلاث مرات منذ عام 1987.
وخلال فصل الصيف، يُمكن أن تتراوح درجات الحرارة في بعض مدن الخليج بين 86 إلى 87.8 درجة فهرنهايت (30 إلى 31 درجة مئوية)، ما يؤدي إلى تبخّر المياه بسرعة أكبر.
وقالت تيريزا كافازوس، الباحثة في علم المحيطات: إن العلماء رصدوا أيضًا زيادة "كبيرة جدًا" في معدل الرطوبة والحرارة في ساحل خليج كاليفورنيا وفي ولاية سونورا المكسيكية.
وأضافت: "إن ارتفاع درجات الحرارة بمعدل درجة أو درجتين مئويتين، يمكن أن يكون نقطة التحول لتغيير التأثير".
تؤدي الحرارة الشديدة إلى ظروف معيشية صعبة، خاصّة بالنسبة للمجتمعات التي تفتقر إلى الموارد اللازمة لتقديم الإغاثة.
لماذا ينجو البعض بينما يموت آخرون؟
يبذل جسم الإنسان جهدًا كبيرًا في عملية التبريد الأمر الذي من شأنه أن يؤثّر على عمل القلب والكليتين. وقد يؤدي ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة إلى فشل عمل أجهزة الجس؛ وتكون أعضاء الجسم أكثر قابلية للتلف بشكل خاصّ في ظل وجود حالات مرضية مسبقًا.
بينما يعمل الجسم على تبريد أعضائه، يعمل القلب بجهد أكبر في محاولة لضخ الدم تحت سطح الجلد مباشرةً، ليُصبح أكثر برودة. بينما تعمل الكلى بجدية أكبر للحفاظ على مياه الجسم. وفي النهاية، سيؤدي ارتفاع درجة حرارة الجسم بشكل كبير إلى تحلّل البروتينات، وتوقّف إنزيماته عن تنظيم وظائف الأعضاء التي تبدأ بالتوقّف عن العمل.
وشرح زاكاري شلادير، الأستاذ المساعد في جامعة إنديانا بلومنغتون الذي يُركّز على الإجهاد الحراري وجسم الإنسان أنه "أثناء موجة الحر، يموت المزيد من الناس بسبب ضربات الشمس. ويموت المزيد من المصابين بأمراض مُرتبطة بالقلب. يستجيب الجسم [للحرارة] بطريقة تجعل العضو ضعيفًا".
خطوات للعناية بالجسم
أثناء موجات الحرارة، هناك بعض الطرق البسيطة للعناية بجسمك:
- إذا كان لديك مكيف هواء، ابقَ في المكان المبرّد.
- إذا لم يكن لديك هذه الموارد، قم بترطيب جسمك بشرب الماء لتخفيف العبء على القلب والكلى والأعضاء الأخرى.
- خذ قسطًا من الراحة: حتى المجهود البدني المعتدل مثل المشي يزيد بشكل كبير من الحرارة التي تولّدها عضلات جسمك.