على وقع أخبار المد والجزر حيال وصول الاتفاق النووي الإيراني إلى مراحله الأخيرة، يصل مستشار الأمن القومي الإسرائيلي إيال حولاتا إلى واشنطن اليوم الثلاثاء للقاء نظيره الأميركي جيك سوليفان، وطرح التحفظات والاعتراضات الإسرائيلية على الاتفاق النووي.
ويأتي ذلك في وقت كشف فيه قصر الإليزيه، أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أكد لرئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد رغبته في مواصلة الجهود المبذولة للتوصل إلى اتفاق نووي مع إيران يراعي مصالح إسرائيل.
وتأتي هذه التطورات في وقت رجح فيه جوزيب بوريل مفوض السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي عقد اجتماع لإحياء الاتفاق النووي الإيراني هذا الأسبوع في فيينا، واصفًا رد إيران على المقترح الأوروبي بـ"المعقول".
وفي سياق متصل، أعلن بوريل الثلاثاء أن إيران طلبت إدخال "بعض التعديلات" على مسودة إعادة إحياء اتفاق 2015 النووي التي اقترحتها بروكسل.
وقال بوريل في مقابلة أجرتها معه محطة "تي في إي" الإسبانية العامة: إنّ "معظم" الدول المنخرطة في المحادثات النووية مع إيران وافقت عل المقترح، لكن الولايات المتحدة لم ترد بعد.
وأفاد بوريل محطة "تي في إي" أن "إيران ردّت بـ"نعم، ولكن"، أي أنهم يريدون بعض التعديلات"، من دون أن يقدّم تفاصيل إضافية.
والإثنين، اتّهمت إيران الولايات المتحدة بتعطيل أي اتفاق محتمل، وهو اتهام رفضته واشنطن.
وأفاد الناطق باسم الخارجية الأميركية نيد برايس الإثنين عن وجود مسائل عالقة بشأن التعديلات التي طلبتها إيران على المقترح الأوروبي.
هل تستطيع إسرائيل التأثير على القرار الأميركي؟
وفي هذا الإطار، يرى مدير وحدة تحليل السياسات في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات مروان قبلان، أن هناك تقدمًا حصل في الجولة الأخيرة من المفاوضات النووية، وذلك بعد تخلي إيران عن شرطها الذي كان يعرقل المباحثات وهو رفع اسم الحرس الثوري الإيراني عن قائمة الإرهاب الأميركية، مشيرًا إلى أن واشنطن من جانبها يبدو أنها قدمت تنازلات أيضًا.
ويضيف في حديث إلى "العربي" من العاصمة القطرية الدوحة، أن الكرة أصبحت في ملعب الولايات المتحدة، وأن هناك جدلًا داخل الإدارة الأميركية بين فريق يرى أنه قد لا يكون هناك جدوى من العودة إلى الاتفاق، وفريق آخر يرى أن واشنطن يمكن أن تكسب بعض الوقت حتى تتهيأ لخيارات أخرى في ما يتعلق بالتعاون مع إيران.
وحول الموقف الإسرائيلي من المباحثات النووية، يقول قبلان: إنه "لا يرى أي أهمية للموقف الإسرائيلي، وإن هناك مبالغة كبيرة على قدرة إسرائيل في عرقلة إحياء الاتفاق".
ويشير إلى أن الحكومة الإسرائيلية الحالية تحاول ألا تبدو في موقف مواجهة مع إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، لافتًا إلى أن قدرتها على التأثير في قرار بايدن ليست كبيرة.
ويوضح قبلان أن واشنطن ليس لديها خطة بديلة في حال فشلت المفاوضات، معربًا عن اعتقاده بأن تشن الولايات المتحدة حربًا على إيران في حال فشل المحادثات وقررت طهران أن تمضي في برنامجها النووي وصولًا إلى الحصول على سلاح نووي.
واستدرك قائلًا: إن واشنطن لا تريد الحرب مع الجمهورية الإسلامية لأن كل تركيزها منصب على مواجهة الصين ولديها معركة مفتوحة مع روسيا في أوروبا وإن كانت بشكل غير مباشر.
ويستبعد قبلان اتخاذ إسرائيل خطوات أحادية الجانب من خلال عمل عسكري ضد إيران من دون ضوء أخضر أو دعم أميركي، موضحًا أن الضربات التي كانت تجري ضد أهداف إيرانية في سوريا كانت تحدث بالتنسيق مع الولايات المتحدة.
وتابع أن واشنطن هي التي تملك القرار الإسرائيلي، وتسلط إسرائيل على إيران متى شاءت للضغط عليها وتلجمها عن طهران متى شاءت لدفع المفاوضات إلى الأمام.
وردًا على سؤال حول الانفتاح الخليجي وبخاصة الإماراتي على إيران، يوضح قبلان أن دول الخليج تتمتع بسياسة براغماتية، وعندما ترى بأن هناك دعمًا أميركيًا أو موقفًا أميركيًا متشددًا تجاه طهران تذهب بالاتجاه نفسه، وعندما ترى أن هناك انفراجة في العلاقة بين واشنطن وطهران تستبق ذلك وتذهب باتجاه تحسين علاقتها مع إيران.
وأتاح الاتفاق المبرم بين طهران وست قوى دولية كبرى، واسمه الرسمي "خطة العمل الشاملة المشتركة"، رفع عقوبات عن الجمهورية الإسلامية لقاء خفض أنشطتها النووية وضمان سلمية برنامجها.
إلا أن الولايات المتحدة انسحبت أحاديًا منه خلال عهد رئيسها السابق دونالد ترمب، معيدة فرض عقوبات على إيران التي ردت ببدء التراجع تدريجًا عن معظم التزاماتها.
وبدأت إيران والقوى التي لا تزال منضوية في الاتفاق (فرنسا، بريطانيا، ألمانيا، روسيا، الصين) مباحثات لإحيائه في أبريل/ نيسان 2021، تم تعليقها مرة أولى في يونيو/ حزيران من العام ذاته.
وبعد استئنافها في نوفمبر/ تشرين الثاني، علّقت مجددًا منذ منتصف مارس/ آذار مع تبقي نقاط تباين بين واشنطن وطهران، رغم تحقيق تقدم كبير في سبيل انجاز التفاهم.
وأجرى الطرفان بتنسيق من الاتحاد الأوروبي مباحثات غير مباشرة ليومين في الدوحة أواخر يونيو/ حزيران، لم تفضِ إلى تحقيق تقدم يذكر. وفي الرابع من أغسطس/ آب، استؤنفت المباحثات في فيينا بمشاركة من الولايات المتحدة بشكل غير مباشر.
وبعد أربعة أيام من التفاوض، أكد الاتحاد الأوروبي أنه طرح على الطرفين الأساسيين صيغة تسوية "نهائية".