على مرّ العصور، لا سيما عند الإغريق والرومان، استخدم الأطباء الرائحة كجزء من أدوات تشخيص الأمراض.
وقد لجأ الباحثون في عصرنا الحديث إلى هذه التقنية لتشخيص مرض السرطان، من خلال عدد من الحيوانات الأليفة والحشرات التي تتمتّع بحاسة شم فائقة الدقّة على غرار النحل والكلاب، وفقًا لموقع "فويس أوف أميركا".
وأشارت أبحاث عديدة إلى حدوث تغييرات في رائحة النفس، عندما ينمو مرض السرطان داخل جسم الإنسان.
وفي هذا الإطار، اكتشف باحثون في جامعة ولاية ميشيغان الأميركية، أنّ النحل يُمكنه باستخدام حاسة الشمّ القوية التي يتمتع بها، أنّ يستشعر إصابة الشخص بسرطان الرئة من خلال رائحة نفس المريض.
وبناء عليه وجدت الدراسة أيضًا أنّ النحل يُمكنه اكتشاف سرطان الرئة، وربما أمراض أخرى، عبر تمييز الروائح الخاصة بخلايا السرطان.
وقام الباحثون من الهندسة الطبية الحيوية في الجامعة بقيادة الدكتور ديباجيت ساها، بتثبيت أقطاب كهربائية على أدمغة النحل، قبل تعريض الحشرات لمركّبات صناعية تُحاكي رائحة نفس مريض بسرطان الرئة.
ووفقًا للدراسة، نجح النحل بنسبة 93% في التمييز بين رائحة نفس المريض المُصاب بالمرض ورائحة شخص سليم.
كما تمكّنت الحشرات من التمييز بين أنواع مختلفة من سرطان الرئة.
وقال ساها إنّ نتائج البحث يُمكن أن تُساهم في إيجاد طرق جديدة للكشف المبكر عن العديد من أنواع السرطان، بما في ذلك سرطان الرئة والثدي والرأس والرقبة وسرطان القولون والمستقيم.
وأمل ساها بتطوير نظام يعتمد على زرع أقطاب كهربائية في أدمغة النحل، بحيث أنّه عندما يتمكّن المريض من التنفّس، تقوم "الحسّاسات" الهجينة بين الدماغ والتكنولوجيا بتوفير النتائج في الوقت الفعلي.
ورأى أنّ استخدام التشخيص القائم على تحليل الأنفاس، قد يُشكّل "ثورة" في الكشف عن السرطان، لأنّ تغيّرات رائحة النفس تحدث في المراحل الأولى من نمو الورم، ما قد يُسهم في التشخيص المبكر قبل أن يصل حجم الورم لمراحل متقدمة.
تدريب الكلاب
وعلى غرار النحل، يعمل مركز "بن فيت" للكلاب في جامعة بنسلفانيا، على تدريب الكلاب للتعرّف على روائح مرتبطة بالسرطان.
وذكرت بعض الأبحاث السابقة أنّ حاسة الشمّ لدى الكلاب تتفوّق على البشر بنسبة تتراوح بين 10 آلاف و100 ألف مرة.
وفي هذا الصدد، قالت المديرة التنفيذية للمركز سيندي أوتو، إنّ الكلاب تتمتّع بحاسة شمّ قوية، وتتعامل بألفة مع البشر، ما يجعلها قادرة على إيصال المعلومات بفعالية.
وتعيش الكلاب المشاركة في البرنامج مع أسر ترعاها، وتأتي إلى المركز "للعمل" يوميًا.
ويعتبر اكتشاف السرطان بمثابة "لعبة ممتعة" بالنسبة للحيوانات، لكن الباحثين وجدوا أنّ أداء الحيوانات "يفوق أداء الأجهزة في اكتشاف السرطان".
وفي هذا الإطار، أوضحت الباحثة أمريثا ماليكارغون أنّ حساسية الكلاب الشديدة للروائح تجعلها تتفوّق على الأجهزة الموجودة حاليًا في السوق.
ويأمل الباحثون في مواصلة دراسة خصائص "روائح السرطان"، لتطوير تقنيات تستنسخ قدرة الكلاب على الشمّ، ما يُسهم في الكشف المبكر عن السرطان.
واعتبرت أوتو أنّ هذا الأمر يُمثّل خطوة مهمة نحو تحسين وسائل التشخيص للعديد من الأمراض، وليس السرطان فقط.