في أول تعليق له على العدوان الإسرائيلي على لبنان، خرج المرشد الإيراني علي خامنئي محاولًا التقليل من حجم الخسائر التي لحقت بـ"حزب الله" بعد تفجير أجهزة الاتصال الأسبوع الماضي وبعد استشهاد عدد من قادته، معتبرًا أنّ هذه الخسائر لن تُؤثر على بنية المقاومة.
وفي الوقت ذاته، أقرّ خامنئي بخلل في موازين القوى بين إسرائيل و"حزب الله"، مشيرًا إلى أنّ الحزب لا يمتلك عُشر إمكانات إسرائيل المالية والعسكرية والدعائية.
ولم يتحدّث المرشد عن تدخّل مباشر في الحرب، بينما اعتبر الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان أنّ هذا التدخل تعدّه إيران فخًا إسرائيليًا ومحاولة لجرها إلى حرب إقليمية، مؤكدًا أنّ بلاده لن تُمكّن إسرائيل من تحقيق أهدافها.
أما وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي فكان أكثر وضوحًا، إذ ألقى الحمل على عاتق "حزب الله" وحده، قائلًا إنّ الحزب "قادر على الدفاع عن لبنان ضد أي عدوان"، ومضيفًا أنّ قوة "حزب الله" الحقيقية هي قدراته الذاتية والدعم الشعبي.
وفي ظل هذه الحرب المستعرة، حمل الرئيس الإيراني معه إلى الأمم المتحدة الملف النووي لبلاده. وفي لهجة لا تخلو من التقرّب إلى الغرب، أعلن بزشكيان استعداد طهران لحلحة هذا الملف.
وفي هذا الإطار، قال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافايل غروسي إنّه شعر بعد محادثات في نيويورك برغبة أكبر من جانب المسؤولين الإيرانيين في التعاون مع الوكالة بجدية أكبر.
موقف إيران ودعم "حزب الله"
وفي هذا الإطار، رأى حسين رويران الكاتب والباحث السياسي أنّ موقف إيران واضح ومستمر في دعمه لـ"حزب الله" في كل المجالات دون استثناء، غير أن اختلاف الموقف في الداخل الإيراني يأتي على خلفية المعطيات التي يملكها كل طرف.
وقال رويران في حديث إلى "التلفزيون العربي" من طهران، إنّ المرشد الأعلى باعتباره قائدًا للقوات المسلّحة، يمتلك معطيات أنّ "حزب الله" يستطيع الصمود ويمتلك الأدوات للدفاع عن لبنان، بينما وجهة نظر بزشكيان هي شخصية.
وأوضح أنّ إيران دولة مؤسسات وتمتلك دستورًا يُحدّد صلاحيات واضحة للقوات المسلّحة وتجعلها تابعة للمرشد الأعلى لا لرئاسة الجمهورية، وبذلك فان التقارير العسكرية لا تصل إلى رئيس الجمهورية.
وأضاف أنّ إيران قد تتدخّل في الحرب إذا لم يستطع "حزب الله" الدفاع عن نفسه، وهذا الاحتمال غير وارد حاليًا لأنّ إيران متأكدة من أنّ "حزب الله" يملك القدرات الدفاعية.
حروب بالوكالة
من جهته، أوضح أرنست خوري، مدير تحرير صحيفة وموقع "العربي الجديد"، أنّه من الجيد أن يُعرب المسؤولون الإيرانيون عن حرصهم على السلام وتجنّب الحرب، لكنّ المطلوب منهم أن لا يورّطوا غيرهم وحلفاءهم في حروب بالوكالة تصبّ لمصلحتهم.
وقال خوري في حديث إلى "التلفزيون العربي" من لندن، إنّ "إيران لم تخض حربًا واحدة مباشرة ضدّ إسرائيل والولايات المتحدة، وليس من الطبيعي أن تكون قوة إيران الأساسية في تخريب مجتمعات عربية من خلال اللعب بتركيبتها الديموغرافية والطائفية".
وأضاف أنّ عبارة وحدة الساحات لا تعني الكثير، موكدًا أنّه لم يُفاجأ بعدم تدخّل إيران في الحرب.
ورأى أنّ سياسة إيران الخارجية القائمة على تصدير الحروب "تنزع عن السياسة أي بعد أخلاقي"، إذ أنّها تخدم مصلحتها عبر توريط حلفائها في حروب لا تساندهم فيها مباشرة.
"وضع حزب الله ليس على المحك"
بدوره، اعتبر توفيق شومان الكاتب الصحفي أنّ وضع "حزب الله" ليس على المحك، رغم أنّ العدوان الإسرائيلي على لبنان هو الأخطر منذ العام 1982.
وقال شومان في حديث إلى "التلفزيون العربي" من بيروت، إنّ القدرات البشرية والعسكرية للمقاومة تضع إسرائيل في حرب وجودية، مضيفًا أنّنا أمام انكشاف أمني إسرائيلي واضح كما أنّ نطاق الاستهدافات نحو إسرائيل يتجاوز "المنطقة الحمراء" بأكثر من 80 كيلومترًا، وبعمق يتجاوز أكثر من 195 كيلومترًا.
وأشار إلى توحّد جبهتي لبنان والجولان المحتلّ في جبهة سياسية وعسكرية واحدة تتمثّل في المقاومة اللبنانية.