الجمعة 22 نوفمبر / November 2024

التصعيد الصيني قرب تايوان.. هل ينفجر صراع عسكري جديد في المنطقة؟

التصعيد الصيني قرب تايوان.. هل ينفجر صراع عسكري جديد في المنطقة؟

شارك القصة

تقرير لـ"العربي" عن أزمات مضيق تايوان الثلاث التاريخية (الصورة: غيتي)
تخطط الصين لتصعيد مناوراتها العسكرية بالقرب من تايوان ردًا على زيارة بيلوسي، مما أثار مخاوف من حدوث أزمة عسكرية عالمية جديدة في المنطقة.

في أعقاب زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي إلى تايوان، كشفت الصين عن خطط لإجراء مناورات عسكرية هي الأكبر في تاريخها بالقرب من الجزيرة، مما أثار مخاوف من تفجر أزمة جديدة بين القوى الكبرى وهذه المرة في مضيق تايوان.

فقد زارت بيلوسي الجزيرة المتمتعة بالحكم الذاتي هذا الأسبوع في تحدٍ واضح لتحذيرات بكين من هذه الخطوة، إذ تعتبر الأخيرة أن تايوان هي جزء من "الصين الواحدة"، وتوعدت بالرد على هذا "الاستفزاز الكبير".

ومنذ انفصال الصين وتايوان عام 1949 أصبح المضيق الذي يفصل بينهما على مسافة 130 كيلومترًا فقط بمثابة نقطة توتّر جيوساسية.

ويعد المضيق الذي يقع في بحر الصين الجنوبي، فاصلًا بين مقاطعة فوجيان الصينية وتايوان، كما يعتبر قناة شحن دولية رئيسة.

صورة جوية لمضيق تايوان - أرشيف غيتي
صورة جوية لمضيق تايوان - أرشيف غيتي

كيف ردت الصين على زيارة بيلوسي لتايوان؟

ما إن غادرت بيلوسي مطار تايبيه، حتى أعلن الجيش الصيني عن مناورات جوية وبحرية مشتركة في محيط تايوان، إلى جانب تدريبات إطلاق صواريخ تقليدية في البحر شرقي الجزيرة.

ووفقًا لوسائل الإعلام الحكومية الصينية، تتضمن المناورات المخصصة لمحاكاة "حصار" على تايوان، "طلقات مدفعية بالذخيرة الحيّة وطويلة المدى"، وصواريخ يُفترض أن تحلّق فوق الجزيرة للمرة الأولى.

وفي إطار التدابير الأمنية المتخذة، "منعت" الهيئة الصينية للأمن البحري السفن من دخول المناطق المعنية.

وقبل تدريبات اليوم الخميس، قالت تايوان: إنّ 27 طائرة حربية صينية اخترقت المجال الجوي للجزيرة.

وفي حين لم تعد تايوان جزءًا من جمهورية الصين الشعبية، تقول السلطات في تايبيه: إن الجزيرة دولة ذات سيادة ولا حاجة لإعلان الاستقلال. 

في المقابل، ترغب تايوان في الحفاظ على سلامة الوضع الراهن ولا ترغب أي تصعيد عسكري، مشددةً في الوقت عينه على استعدادها للدفاع عن نفسها.

في السياق، وصفت وزارة الدفاع التايوانية التدريبات الصينية بأنها حصار جوي وبحري لتايوان.

ونقلت "الغارديان" عن بليك هيرزينغر الخبير في سياسة الدفاع في المحيطين الهندي والهادئ أن "هذه المناورات يمكن أن ينظر إليها على أنها حصار الذي يعد عمليًا تحركًا حربيًا". "أعتقد أنه يجب إبلاغ تايوان بأن هذا ليس الوقت المناسب لتصعيد الأمور".

إلى جانب استعراض القوى العسكرية، تعرضت تايوان هذا الأسبوع أيضًا لسلسلة من الهجمات الإلكترونية قيل إنها من الجانب الصيني، رغم أن بكين لم تنف أو تؤكد الأمر.

كما حظرت الصين، الشريك التجاري الأكبر لتايوان، عددًا من الواردات من الجزيرة كرد فعل عقابي.

الصين تطلق مناورات عسكرية قرب تايوان ردًا على زيارة بيلوسي - رويترز
الصين تطلق مناورات عسكرية قرب تايوان ردًا على زيارة بيلوسي - رويترز

ما الرسالة من المناورات العسكرية الصينية؟

بحسب تقرير مطوّل لـ"الغارديان" تعد التدريبات بالذخيرة الحية باعتباره نوعًا من اختبار لقدرة الجيش على أداء المهام في ظل ظروف تشبه إلى حد كبير الحرب الفعلية. 

وفي هذه التدريبات، تريد بكين أن تبعث برسالة تستعرض فيها قوتها العسكرية، التي يمكن أن تستخدمها ضد تايوان بحال قررت الصين السيطرة على الجزيرة.

وبعيدًا عن الاستعراضات العسكرية، يتفق الخبراء على أنه لا الولايات المتحدة ولا الصين لديهما الرغبة في تصعيد التوتر إلى حرب فعلية، وهذا ما أكّدته جوستين باسي، المديرة التنفيذية لمعهد السياسة الإستراتيجية الأسترالية، التي رأت أنه من المحتمل أن تتم معايرة التدريبات الصينية لتجنب التصعيد من الولايات المتحدة.

في هذا الإطار، يلفت هيرزنغر إلى أن الولايات المتحدة كانت حريصة للغاية على عدم التعبير عن دعمها الصريح لاستقلال تايوان، وذلك لعدم تجاوز هذا "الخط الأحمر" لدى الصين، بحسب تعبيره.

فقد أكدت بيلوسي أن زيارتها إلى تايوان لا تتعارض مع السياسات الأميركية تجاه الصين، لافتة إلى أن الهدف من الزيارة تكريس التزام واشنطن الثابت بدعم الديمقراطية.

وانتهجت واشنطن على مدى عقود سياسة "الغموض الإستراتيجي" على حد وصف هيئة الإذاعة البريطانية، التي تعني أن أميركا "غير واضحة عن عمد" بشأن ما إذا كانت ستدافع عن الجزيرة أو كيف ستدافع عنها في حالة وقوع هجوم صيني عليها.

توازيًا، تقول أماندا هسياو، كبيرة المحللين في منظمة "كريسيس غروب"، إنه في حين أن التصعيد العسكري الصيني مثير للقلق، إلا أنه ليس ردًا غير متوقع.

وشرحت: "من الواضح أن بكين تحاول التعبير عن اعتراضاها الحازم على زيارة بيلوسي"، "ما يعني أن الرد العسكري الذي تختاره الآن كان لا بد له أن يتفوق على الأنشطة العسكرية السابقة قرب تايوان.. الهدف من هذه التدريبات إظهار القوة العسكرية".

بدأت الصين إجراء أكبر مناوراتها العسكرية قبالة تايوان ردًا على زيارة نانسي بيلوسي - غيتي
بدأت الصين إجراء أكبر مناوراتها العسكرية قبالة تايوان ردًا على زيارة نانسي بيلوسي - غيتي

هل وصل الوضع إلى هذا التوتر من قبل؟

هذه الأزمة ليست الأولى، فالبعودة إلى تاريخ أزمات تايوان مر  المضيق في 3 أزمات كبرى، كان آخرها في عام 1995. 

عُرف هذا الحادث آنذاك باسم أزمة مضيق تايوان الثالثة، التي أعقبت إعلان الجزيرة أنها ستجري أول انتخابات رئاسية ديمقراطية، حينها استعرضت الصين قوتها العسكرية خلال أشهر من التدريبات العسكرية، شملت إطلاق الصواريخ على بعد 56 كيلومتر فقط من موانئ تايوان.

وأرسلت الولايات المتحدة في ذلك الوقت، مجموعتين من حاملات الطائرات لدفع الصين على التراجع. 

وفي حين أن هناك تاريخًا من العروض العسكرية في مضيق تايوان، رجحت هسياو أن تكون التجارب الصاروخية التي خططت لها الصين ردًا على زيارة بيلوسي، أقرب إلى الجزيرة هذه المرة أكثر من أي وقت مضى.

تابع القراءة
المصادر:
العربي - ترجمات
Close