Skip to main content

التناقضات الأميركية.. ضغط لمنع "اللائحة السوداء" ورفض لتوسع الاستيطان

السبت 10 ديسمبر 2022

تمارس واشنطن ضغوطًا على الأمم المتحدة لمنع تحديث اللائحة السوداء للشركات العاملة في المستوطنات الإسرائيلية بالضفة الغربية المحتلة، حيث تواصلت الخارجية الأميركية بهذا الشأن مع المفوضية الأممية لحقوق الإنسان، لتبلغها عن مخاوفها بشأن اللائحة.

وتتمثل حجة الولايات المتحدة في أن اللائحة السوداء تعزز ما تسميه "التحيز" ضد إسرائيل، كما أنها تشكل على حدّ وصف واشنطن "تهديدًا" للشركات التي تمارس نشاطًا تجاريًا أو تفكر في القيام بأنشطة تجارية في المنطقة.

ازدواجية المعايير الأميركية

اللافت في هذا التوجه، تناقضه مع الموقف المعلن لإدارة الرئيس جو بايدن المتمثل في معارضة الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية، والأراضي الفلسطينية المحتلة.

هذا الموقف، أعاد تأكيده وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن الذي حذّر حكومة بنيامين نتنياهو المقبلة، من أن واشنطن ستعارض التوسع الاستيطاني وأي محاولة لضم الضفة الغربية.

في هذا السياق، كشفت وسائل إعلام إسرائيلية أن الإدارة الأميركية وضعت لنتنياهو "خطين أحمرين"، هما ضم مناطق من الضفة الغربية، وتغيير الوضع القائم في المسجد الأقصى أيضًا.

بدورهم، قال ساسة فلسطينيون: أن سعي الولايات المتحدة لمنع تحديث قائمة اللائحة السوداء للشركات العاملة في المستوطنات يؤكد ازدواجية المعايير الأميركية، كما أن موقف واشنطن مؤشر على ضرورة عدم الرهان على إدارة بادين للجم أي إجراءات قد تقدم عليها الحكومة الإسرائيلية المتطرفة المقبلة حيال الشعب الفلسطيني وحقوقه، وفق قولهم.

إستراتيجية التناقض الأميركية

متابعةً لهذا الملف، يرى كريس لابتينا مستشار الحزب الديمقراطي الأميركي أن إدارة بايدن تريد المحافظة على العلاقة القوية مع إسرائيل مع تحقيق الهدف المنشود بحل الدولتين، كما المحافظة على تأثيرها على سياسات إسرائيل تجاه الفلسطينيين والضفة الغربية بوجهٍ خاص.

ويقر لابتينا في حديث مع "العربي"، بوجود تناقضات حيث قد تقول الإدارة الأميركية شيء ثم تفعل عكسه، لكن هذا مثال على كيفية عمل الدبلوماسية، على حدّ قوله.

ويردف من واشنطن: "من المهم بالنسبة لأميركا محاولة إقناع إسرائيل، بأنه في نهاية المطاف لن يكون لها سلام إلا عن طريق حل الدولتين، وهذا إذًا جزء من إستراتيجية طويلة الأمد ويلتزم الحزب الديمقراطي بها".

مخاوف إسرائيل من اللائحة السوداء

ومن بيت لحم، يتحدث سهيل خليلية الباحث المختص في الشأن الاستيطاني عن التخوف الإسرائيلي من القائمة السوداء، لا سيما وأنها ستنشر للمرة الثانية.

فالمخاوف الإسرائيلية تكمن في أن القائمة ستذهب إلى معاقبة الشركات التي يمكن أن تتعامل مع الاحتلال، في حين أن حكومة الاحتلال تتجه نحو اتفاقيات تطبيع على مستوى أكبر خاصة في الإقليم العربي، وعليه تخشى من أن تشمل العقوبات بعض الشركات التي تأمل في العمل معها، وفق خليلية. 

ويقول الباحث المختص في الشأن الاستيطاني: "الكثير من الشركات التي تم إدراجها على هذه القوائم السوداء، لها فروع في المستوطنات أو تعمل بشكل غير مباشر مع المستوطنات".

كما يلفت خليلية لـ"العربي" أن هذه المخاوف هي أميركية أيضًا، على اعتبار أن الدعوة للمعاقبة لن تقف عند المستوطنات بعد تجديد القائمة، إذ قد تضم الشركات الناشطة ليس فقط في المستوطنات بل أيضًا داخل الخط الأخضر.

وعليه، لا يرى خليلية وجود تناقض بين دعوة واشنطن لوقف الاستيطان وضغوطها لمنع نشر اللائحة السوداء، إذ تريد الإدارة الأميركية "لجم" الحكومة المقبلة في إسرائيل، ولكن في الوقت نفسه الحفاظ على علاقات أفضل مع الدول العربية، لا سيما وأن العلاقات العربية الأميركية آخذة في التدهور.

الهيمنة الأميركية على الموقف الأوروبي

أما الباحث المختص في السياسة الأوروبية محمود الصفدي يتطرق إلى تأثير توسيع القائمة السوداء على سياسات الحكومات الأوروبية، ويشرح أن الاتحاد الأوروبي لا يستطيع أن يأخذ موقفًا قد يتعارض مع الموقف الأميركي.

فيلحظ الصفدي من برلين، أن هناك "هيمنة أميركية" على الموقف الأوروبي، وقد تجلى ذلك على مدار سنوات طويلة والدليل على ذلك التعاطي الأوروبي مع الحروب على غزة، ومفاوضات التسوية مع إسرائيل.

ويتابع الباحث في السياسة الأوروبية: "أوروبا عملاق اقتصادي، وهي من تدعم وتقدم في كل المحطات المساعدات المالية، ولكن في المقابل هي قزم سياسي ولا تستطيع أن تقف أمام الهيمنة الأميركية".

لذلك، حتى ولو صدر القرار من المفوضية السامية لحقوق الإنسان، لا يتوقع الصفدي أن يتخذ الاتحاد الأوروبي إجراءات عملية على الأرض مثل فرض عقوبات على الشركات المدرجة في القائمة "لأنهم لا يمتلكون هذه الجرأة".

المصادر:
العربي
شارك القصة