الثورة السورية بذكراها الـ12.. كيف تُقرأ تحوّلاتها السياسية؟
في خطوة تدل على حجم التحوّلات في مسار الثورة السورية، أعلن الكرملين أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يعمل جديًا على عقد محادثات بين النظام السوري وتركيا، بهدف ترميم العلاقة بعد مقاطعة دامت أكثر من 12 عامًا.
وقد وصف الكرملين اجتماع بوتين مع رئيس النظام السوري بشار الأسد الذي وصل إلى موسكو مساء أمس الثلاثاء، بأنه يندرج ضمن "العلاقات الثنائية السورية الروسية"، مؤكدًا أنه سيتطرق إلى العلاقات التركية السورية بطريقة أو بأخرى، وفق تعبيره.
يحدث ذلك في وقت تستضيف فيه العاصمة الروسية موسكو اجتماعًا بشأن سوريا بين نواب وزراء خارجية تركيا وروسيا وإيران ونظام الأسد، وسط تحركات على الساحة الإقليمية لإعادة العلاقات مع النظام السوري وكسر حالة الجمود والعزلة، التي يعاني منها النظام لا سيما عقب كارثة الزلزال الشهر الماضي.
فقد شهدت دمشق زيارات رسمية من عدة دول عربية كالأردن ومصر، علاوة على تطرق وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو مع نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان في العاصمة أنقرة إلى التقارب بين أنقرة والنظام السوري.
مظاهرات في ذكرى الثورة
وبعيدًا عن صخب الصورة في موسكو، يواصل السوريون التظاهر في مناطق الشمال السوري.
وأكّد المشاركون في المظاهرات استمرار الثورة حتى تحقيق أهدافها، مجددين مطالبهم بإسقاط النظام ورحيل الأسد وعودة المهجرين.
واستذكروا أيضًا ضحايا الثورة الذين تجاوز عددهم أكثر من 230 ألف قتيل، إضافة إلى تشريد قرابة 14 مليون سوري، في حين تجاوز عدد المختفين 154 ألفًا منذ بدء الحراك الشعبي ضد النظام في مارس/ آذار عام 2011.
"قوى بوجه واحد تسيطر على الوضع"
في هذا السياق، يشير عضو مجلس إدارة جمعية الشؤون الدولية في الأردن منذر الحوارات، إلى أن "الأردن أدرك أن قوى تنتمي لجهة واحدة باتت تسيطر على الوضع في جزء كبير من سوريا، ويجب التعامل معها".
وإذ يعتبر في حديثه إلى "العربي" من عمّان أن الشعب السوري قدّم تضحيات، يقول إن الأردن "عانى كثيرًا، لا سيما على صعيد اللجوء والوضع الأمني والاضطرابات الحدودية في شمال الأردن".
ويضيف: "يبدو أن الأردن أقرّ في النهاية بأن عليه التعامل مع النظام السوري، بغض النظر عن المعطيات الإنسانية لهذا النظام".
ويشير الحوارات إلى أن "سوريا حقيقة إستراتيجية مهمة للأردن لا يمكنه التخلي عنها"، لافتًا إلى أن "الأردنيين تضرروا من مقاطعة سوريا، في ظل التواصل العميق بين الاقتصادين الأردني والسوري".
ويتحدث عن "تضرر الاقتصاد الزراعي بسبب هذه القطيعة"، وعن "تغيير ديمغرافي أحدثته الأزمة السورية في الأردن، حيث زاد 20% من عدد السكان في البلاد، ما أثّر على مستوى الخدمات وجودة الحياة للأردنيين"، على حد تعبيره.
"لا تعاطف مع النظام السوري"
بدوره، لا يرى الزميل الباحث بمركز دراسات السياسة الأوروبية في بروكسل جيمس موران أن "القضية السورية ذهبت طي النسيان، حيث يُعقد مؤتمر مهم لجمع المساعدات الإنسانية لضحايا الزلزال في سوريا، يعقبه مؤتمر آخر في يونيو/ حزيران المقبل".
ويلفت موران في حديثة إلى "العربي" من بروكسل، إلى أن "النظرة إلى النظام السوري في أوروبا سيئة للغاية".
إلى ذلك، يقول موران إن ما يقلق أوروبا هو سبل إيصال المساعدات إلى السوريين، لا سيما الذين يعانون في الشمال السوري.
ويؤكد أن "ذلك يشكل مأزقًا لأوروبا حيث يتعذر إيصال المساعدات دون تعاون مع النظام السوري"، نافيًا وجود أي تعاطف مع النظام على الإطلاق.
"تحوّل إلى مجموعة عصابات"
من جهته، يعتبر مدير مؤسسة "الذاكرة السورية" عبد الرحمن الحاج، أن "الأسد باقٍ لكن على كومة أحجار وعلى ملايين الجثث"، ولديه سجل طويل من الجرائم ضد الإنسانية.
ويقول الحاج في حديثه لـ"العربي" من اسطنبول: "يصعب التخيّل أنه بقي في السلطة بعد 12 عامًا من اندلاع الثورة".
وبينما يرى أن "النظام تغيّر ولم يعد دولة، بل تحوّل إلى مجموعة من عصابات المافيا الشكلية"، يشير إلى "مجموعة من الشركاء يحكمون مع نظام الأسد"، متوقفًا عند دور إيران وروسيا الذي لا يتخلى عنه النظام.
وحول دور المعارضة، يرى الحاج أنه "بعد 12 عامًا على الثورة لا يمكننا الحديث عن معارضة تمثل الثورة السورية، بل عن معارضة معترف بها من قبل دول لكنها على قطيعة شبه تامة مع المجتمع السوري، ما يسهّل على الدول تجاوزها والانتقال للعلاقة مع النظام".
ويضيف: "يبقى الشارع السوري المتبقي خارج سلطة نظام الأسد، والذي يمثل نصف السكان، عقبة حقيقية أمام أي تطبيع مع نظام الأسد".
ويؤكد الحاج وجوب أن "الرهان اليوم هو على المعارضة الداخلية، التي تستطيع أن تقود حراكًا وطنيًا في خارج المناطق التي يسيطر عليها الأسد".