منذ أن تحولت المنطقة العربية نحو الاستخدام التجاري لشبكة الإنترنت، أصبح وجود الحكومات الإلكترونية معيارًا للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة، غير أن الأرقام تبيّن فجوةً رقمية بين دول المنطقة نفسها ولا سيما بين دول مجلس التعاون الخليجي وبقية الدول العربية.
فقد صنفت 12 دولة عربية في درجة عالية وفق مؤشرات تنمية الحكومات الرقمية، حسب آخر تقرير صادر عن دائرة الأمم المتحدة للشؤون الاقتصادية والاجتماعية، حيث تصدرت دول مجلس التعاون الخليجي الترتيب العربي، في حين انتقل بعضها من مستوى عالٍ جدًا إلى عال.
التصنيف الرقمي لحكومات الدول العربية
هذا وسجل التقرير بقية الدول العربية ضمن الدول ذات التصنيف العالي، وفي مقدّمتها تونس التي جاءت في المرتبة 88 عالميًا، يليها الأردن، والمغرب، ومصر، والجزائر ولبنان بالترتيب 122 ضمن هذا التصنيف.
في المقابل، صنفت كل من سوريا، والعراق، وليبيا، وموريتانيا، والسودان، واليمن، وجيبوتي، وجزر القمر ضمن الدول ذات التصنيف المتوسط.
أما الصومال، فكان تصنيفها منخفضًا بترتيبها 192 من أصل 194 دولة.
وبداية العام الحالي، صدر تقرير أيضًا عن لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا، سجل فيه "الإسكوا" لعام 2021 ارتفاع قيم مؤشّر نضوج الخدمات الحكومية الإلكترونية والنقالة في الدول العربية المشاركة بنسبة بلغت 25%، فتصدرتها قطر بنسبة 82%.
مؤشر الخدمات الحكومية الإلكترونية
ويعتمد مؤشر نضوج الخدمات الحكومية الإلكترونية والنقالة على مقاييس ثلاثة، أولها توافر الخدمة وتطورها، ثم استخدام الخدمة والرضا عنها، تليها الجهود الحكومية المبذولة في الوصول إلى الجمهور.
وهذه المؤشرات، تسعى إلى ردم الفجوة الرقمية في معظم المؤشرات الدولية، وبالتالي دعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الدول العربية وتعزيز تكاملها الاقتصادي.
فجوة رقمية بين الدول العربية
ومتابعة لهذا الملف، يقيّم المستشار في التحول الرقمي وأمن المعلومات رولان أبي نجم واقع الحكومات الإلكترونية في المنطقة العربية، مشيرًا إلى وجود فجوة كبيرة بين الحكومات العربية وبخاصة بين دول مجلس التعاون الخليجي وباقي الحكومات العربية.
أما أسباب ذلك، فأبرزها حاجة الحوكمة الإلكترونية إلى إمكانيات مادية ضخمة بهدف تجهيز البنى التحتية اللازمة، والبرمجيات الخاصة المرتبطة بالحكومات الإلكترونية، بالإضافة إلى تأمين الأمن السيبراني الأساسي في هذا المجال.
ويشرح أبي نجم في حديث مع "العربي": "هناك عدد من الدول العربية لا تتمتع بهذه الإمكانيات المادية إذ ترزح تحت وطأة الديون الكبيرة، كما أن التحول الرقمي مرتبط بعامل الفساد بحيث أن الدول التي فيها نسب فساد كبيرة لا نرى فيها تحولًا رقميًا ملحوظًا كونه مساهمًا رئيسًا في الحد من الفساد، وعليه قد يواجه البعض هذا التغير الرقمي بهدف الاستمرار بهذه الممارسات".
إرادة وتنفيذ
كما تطرق المستشار في التحول الرقمي وأمن المعلومات من الكويت، إلى مسألة إرادة الحكومات الجدية في التغيير، أي إصدار قرارات حكومية بعيدة عن المضاربات السياسية تمكنها من فرض هذا التغير الرقمي في إطار تنظيمي وتشريعي.
وبالتالي فإن الفجوة بين الدول الخليجية وباقي الدول العربية، يعود أساسها إلى تمتع دول مجلس التعاون الخليجي بإمكانيات كبيرة لتنفيذ مثل هذه المشاريع الضخمة، في حين أن اللاعب الرئيس هو رأس هرم أنظمة هذه الدول الذي يفرض رؤية جدية تلتزم فيها الحكومات.
ويضيف: "في دول مثل قطر والكويت وغيرها من دول مجلس التعاون الخليجي، هناك حكومات تتبع خططًا واضحة لفرض التحول الرقمي من مختلف الجهات، في ظل وعي كبير لأهمية هذا الأمر، على عكس ما قد نلاحظه في باقي دول المنطقة".