في عالم الـ "ميتافيرس"، سيتحوّل ما كان محض خيال علمي إلى حقيقة في مختلف المجالات. وعلى الرغم من أن هذا العالم الافتراضي لا يزال في مراحله المبكرة، ويمكن أن تكون الأجهزة الضرورية لاستخدامه باهظة الثمن لكن عالية الأداء، إلا أن خبراء يرون فوائد محتملة قوية قد تحفّز الشركات على الاستثمار فيه خلال السنوات المقبلة.
وفي هذا الإطار، رصدت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية التغيير الذي سيطرأ على بيئة العمل، بناء على تصوّرات الخبراء حول تصميمات مكاتب العمل الافتراضية في المستقبل.
وأشارت الصحيفة إلى أن الاجتماع مع الزملاء أو العملاء مستقبلًا "سيكون أكثر من مجرد دردشة. سيشعر المشاركون بأنهم في الغرفة ذاتها.. سنرى بعضنا البعض في شكل صور رمزية متطابقة تقريبًا مع ذواتنا الحقيقية".
وباستخدام القفازات المخصّصة في أيدينا الحقيقية، سنتمكّن من لمس الإصدارات الافتراضية من البضائع مثل الآلات أو الأقمشة والتعامل معها.
من المتوقّع أيضًا أن يؤدي إلى تحديات، مثل زيادة المنافسة على الوظائف، وزيادة معدل دوران الموظّفين، حيث تصبح مواقع الموظفين أقلّ أهمية. كما يُمكن لأصحاب العمل مراقبة سلوك العمال عن كثب، وإثارة قضايا الخصوصية. وستتعامل المكاتب الافتراضية مع الحاجة إلى قواعد جديدة - على سبيل المثال، رموز اللباس للشخصيات الافتراضية (أفاتار).
كما ستُصبح الأجهزة المستخدمة مثل السماعات والنظارات "أخف وزنًا وأرخص ثمنًا وأكثر تقدمًا"، تمامًا مثلما حدث مع أجهزة الكمبيوتر والمحمول التي تطورت مع انتشارها.
وقال جون إيغان، الرئيس التنفيذي لشركة "L’Atelier BNP Paribas" ومقرها باريس: "ميتافيرس سيكون عاملًا للتطوير وليس للثورة. سيتم توسيع قدرتنا الإنتاجية بشكل كبير بنفس الطريقة التي أتاحت بها أجهزة الكمبيوتر والهواتف المحمولة مستويات أعلى من الإنتاجية والتعقيد".
فيما يلي بعض الطرق التي من المتوقّع أن يغيّر بها "ميتافيرس" مكان العمل:
سيكون بمقدور الموظفين الاجتماع من أي مكان وفي أي لحظة، أي أنه لن تكون هناك حاجة للسفر أو حتى المشي في أروقة الشركة.
وسيتمكّن الموظفون من التعاون معًا في تصميم الألعاب أو الأثاث أو المباني باستخدام أدوات ثلاثية الأبعاد. وأثناء الاستراحة، يمكنهم لعب البولينغ معًا في زقاق افتراضي أو التجمع حول مبرد مائي افتراضي.
ويمكن أن يساعد العمل في الإعدادات الافتراضية في تبسيط العمليات الطويلة والمعقّدة ، كما يمنح الأشخاص الذين تتطلّب وظائفهم التعامل مع معدات خطيرة أو باهظة الثمن طريقة لممارسة أو تجربة طرق جديدة بأمان.
وظائف جديدة
ويتوقّع خبراء تغيّرًا في الوظائف المتاحة حاليًا بشكل جذري وايجاد وظائف جديدة، بعضها غير معروف حتى الآن، تمامًا مثلما حدث عند إنشاء "الويب".
وعلى سبيل المثال، ستحتاج المتاجر الافتراضية الجديدة وأماكن الترفيه والفصول الدراسية إلى موظفي دعم "مباشر" وأشخاص لبناء هذه الأماكن في المقام الأول.
وقال كورت أوغلو، كبير مسؤولي التكنولوجيا في شركة "أتش بي" للصحيفة: قبل ظهور الإنترنت، من كان يتوقّع يومًا أنه سيكون هناك أشخاص يُطلق عليهم مؤثرو وسائل التواصل الاجتماعي يكسبون رزقهم من الوجود على الإنترنت"، مرجّحًا أن يوجد عالم "ميتافيرس" وظائف جديدة لم نشهدها بعد.
إلى ذلك، قد تتغيّر الوظائف الموجودة حاليًا، مثل وكلاء العقارات الذين سيطرحون نسخًا افتراضية مماثلة للعقارات، والمرشدين السياحيين الذين سيكون بمقدورهم تقديم معاينات افتراضية لأماكن قضاء العطلات.
وفي نهاية المطاف، توقّع إيغان أن تُصبح المنازل الافتراضية ووجهات العطلات جزءًا من العروض.
وفي هذا العالم، سيكون بالإمكان تقليد مظهر وسلوكيات الأشخاص الحقيقيين، الأحياء منهم أو الأموات. وقال إيغان: "تخيّل أن تكون وظيفتك هي استخدام لقطات من الأرشيف لتصميم محاضرة لألبرت أينشتاين، أو حفلة موسيقية لإلفيس بريسلي، أو قراءة شعرية لمايا أنجيلو".
التوظيف والتدريب
سيكون مكان وجود الموظفين أقلّ أهمية، مما سيزيد الاتجاه نحو العمل في أمكنة بعيدة عن أصحاب العمل، وهو ما سيمنح الباحثين عن العمل وكذلك الشركات المزيد من الخيارات.
وسيتطوّر التدريب للموظّفين الجدد. ويرجّح الخبراء أن تصبح تقنية الواقع الافتراضي والواقع المعزز- المستخدمة بالفعل في التدريب على الوظائف العسكرية وإنفاذ القانون والرعاية الصحية- أكثر تعقيدًا.
تحديات الخصوصية
يوفّر العالم الافتراضي أداة جديدة للإشراف والمراقبة، بحيث يُمكن مراقبة اهتمام الموظف بالاجتماعات من خلال متابعة حركية عينيه، ويمكن من خلال أجهزة قياس حرارة الجسم ونبضات القلب معرفة الحالة العاطفية له.
وعلى غرار التنبيهات التي تتيح اقتراحات بالمنتجات، أو تذكيرًا بإعادة ملء وصفة طبية، سيُمكن الحصول على تنبيهات بأن شخصًا ما في اجتماع آخر ذكر شيئًا على صلة بمشروعاتك الخاصة.
وفي حين أن ذلك قد يكون مفيدًا في إيجاد طرق لتحفيز العمال، يُمكن أيضًا استخدام هذه التكنولوجيا للتنبؤ بمن قد يكون مسببًا للمشاكل واقصائهم عن العمل.