يعد السحر والشعوذة من أبرز الظواهر الاجتماعية المنتشرة في عدد من المجتمعات لا سيما العربية، وهي ظاهرة تعود لأسباب عديدة قد يكون اليأس أحدها.
سبب تنامي ظاهرة السحر والشعوذة
وتتحدث الدكتورة عبير الحضيري المتخصصة في علم الاجتماع لبرنامج "صباح النور" عن سبب تنامي ظاهرة تعاطي السحر والشعوذة في المجتمعات ولا سيّما في العالم العربي، وتقسّم الأسباب إلى قسمين أساسيين وهما: العوامل الاجتماعية، والعوامل الشخصية.
- العوامل الشخصية: تتعلق بالفرد نفسه الذي يلجأ إلى هذه الأساليب لحل مشاكله التي عادة تعد تقليدية في بعض المجتمعات أبرزها العربية التي ما زالت تملك تفكيرًا "خرافيًا" في بعض الأحيان.
هذه الخصائص الفردية يشعر فيها الانسان بأنه غير قادر على السيطرة على أموره، ولا يملك مقومات ترشده إلى تغيير واقعه الذي من المفترض أن يكون في يده، فيجرّب الأساليب الأخرى المتاحة، ومنها الشعوذة وغيرها.
- العوامل الاجتماعية: تلجأ المجتمعات إلى المنجمين والعرّافيين على الرغم من عدم اعتراف جزء كبير منهم بذلك، وبالتالي تتشكل صعوبة في قيام أبحاث علمية توضح الأمور الخفية؛ لأن التحدث عن الموضوع بشجاعة قد يكون حسّاسًا للغاية في بعض المجتمعات.
ممارسة السحر والشعوذة تتخطى الفئات المجتمعية
يكشف برنامج "صباح النور" على "العربي"، أن أغلب الذين يلجؤون للسحر هم من الطبقات التي تعدّ في قائمة المثقفين والمؤثرين في مجتمعاتهم، وليس كما هو شائع بأن الفئة الأقل تعلّمًا هي التي تستخدم هذه الأساليب.
وحول هذه النقطة تشير الحضيري إلى نقص في الأبحاث التي تركز على الفئات العمرية والمجتمعية التي تمارس هذه العادات، لكنها تفسّر كيف أن الانسان محدود التعليم والتفكير هدفه من السحر يختلف عن المتعلم والمتمكّن في المجتمع الذي قد تكون أهدافه بدافع حب السيطرة، أو الحفاظ على سلطة معينة، أو حتّى مشاكل نفسية خاصة.
وتقول: "لا شك أننا نسمع بأن ملوكًا ورؤساءً عبر التاريخ لجؤوا إلى العرّافين لكن للأسف ليس لدينا إثبات أو إحصائيات تؤكد أو تنفي، وبالتالي يبقى الموضوع غامضًا ومبهمًا".
الآثار الاجتماعية المترتبة على السحر والشعوذة
وتكمل المتخصصة في علم الاجتماع أن الآثار الاجتماعية المترتبة على هذه الظاهرة، قد تتجلى في تنامي هذه المظاهر في المجتمعات واستخدامها من قبل الأفراد لحلّ مشاكلهم، وقد يولي الإنسان محاولة حل مشاكله لخرافات أو أمور غامضة لتصبح بديلة عن الأمور الملموسة التي من شأنها أن تستدرك علاجًا للأزمات بطريقة علمية واقعية.
وتردف الحضيري إلى أن الدول والسلطات الرسمية يجب أن تتحمل مسؤولية معالجة هذه الظواهر الاجتماعية هذه، إن كانت فعلًا تحترم نفسها، وعليها أن تدير مراكز أبحاث تستخلص الأسباب وراء هذه الممارسات الشعبوية، وبالتالي تتمكن من حلّها بطرق علمية.
"السحر والشعوذة تجارة رابحة"
أما في الشق المالي، فتعتقد الحضيري أنه طالما هناك زبائن يتهافتون على التنجيم والسحر ستبقى هذه الظاهرة "تجارة رابحة"، ويمكن قياسها بأي منتج يلقى قبولًا في الأسواق.
وتضيف: "لو لم يكن هناك مردود مادي ما كنّا لاحظنا هذا الانتشار الذي نراه".
وتختم أن هناك أناسًا مصابين باليأس ويعيشون وسط تخبط وصراع ذاتي، فيلجؤون إلى السحر والشعوذة وغيرها، كي يحاولوا بشتى الطرق السيطرة على واقعهم.