فض قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان شراكة الحكم مع المكون المدني، فحل مجلس السيادة والحكومة وفرض حالة الطوارئ.
وبرر البرهان إجراءاته بالتجاذبات السياسية التي أدخلت البلاد في حالة من التشظي على حد تعبيره.
وقد أثارت قرارات البرهان موجة احتجاجات واسعة في الداخل ورفضًا في الخارج، وسط تصاعد ضغوط دولية واقتصادية قد تغير من المسار التي انتهجه البرهان.
"تباين واضح"
أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر في جامعة قطر أحمد أبو شوك أكد أن تباينًا واضحًا كان موجودًا منذ البداية بين المكونين المدني والعسكري، لافتًا إلى أن المشهد السياسي الأخير أفرز سياقات معينة هيأت المشهد بصورة عامة لموضوع الانقلاب العسكري.
وقال أبو شوك في حديث إلى "العربي" من الدوحة: "بدأ الأمر منذ المحاولة الانقلابية الفاشلة في سبتمبر/ أيلول الماضي، التي بدلًا من معالجتها داخل مؤسسات الدولة التي أنشأتها الوثيقة الدستورية، ذهب كل طرف إلى الحاضنة التي يمثلها من دون الوصول إلى حل مشترك".
ولفت إلى أنه منذ تلك اللحظة تعطلت المؤسسات الدستورية وخصوصًا مجلس السيادة ومجلس الشركاء.
وأشار إلى أن تلك التطورات تلاها اعتصام أمام القصر الرئاسي بالخرطوم من قبل قوى الميثاق الوطني، مشددًا على أن كل تلك الأمور أعطت مؤشرات على أن الجيش ليس حريصًا على إتمام الشراكة.
غياب الثقة
بدوره، رأى أستاذ الإعلام في جامعة قطر عبد المطلب صديق أن الانقلاب العسكري هذه المرة حقق كل أهدافه لأنه كان مخططًا له، لافتًا إلى أنه وجد المبررات للإجراءات التي نفذها.
وأوضح صديق في حديث لـ"العربي" من الدوحة أن الانقلاب لم ينجح في الحكم إنما في الإطاحة بالسلطة القائمة.
ورأى أن كل المؤشرات كانت تدل أن المكون العسكري لم يكن يملك النية لتسليم السلطة للمدنيين، لافتًا إلى اتهامات كانت توجه للمدنيين في الوقت ذاته بأنهم لا يرغبون بإجراء انتخابات.
وأشار صديق إلى أن أساس عدم الثقة بين الطرفين نشأ من خلال هذه النقطة.
ضغوط لإعادة الحكومة المدنية
الخبير الاستراتيجي والباحث في مركز الدراسات القومية في الخرطوم أمين إسماعيل مجذوب يعتبر أن الإجراءات الإستثنائية التي اتخذها البرهان والإطاحة بالحكومة المدنية لم تحقق أي نجاح.
وأشار في حديث إلى "العربي" من الخرطوم إلى أن الدليل على فشل هذه الإجراءات هو أن التعامل مع عبد الله حمدوك لا يزال على أنه رئيس وزراء من خلال اتصال وزير الخارجية الأميركي به، ومقابلته من قبل رئيس البعثة الأممية في الخرطوم.
ولفت إلى أن كل هذه المؤشرات تدل على أن المجتمع الدولي لا يزال يعتبر أن الحكومة قائمة وبأنها لا تزال تمثل الفترة الانتقالية.
وأكد أن وقف المساعدات الدولية للسودان يدل على أن هناك ضغوطًا لإعادة الحكومة المدنية برئاسة حمدوك شخصيًا وليس شخصًا آخر.