حذّر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي من خطة لتهجير أهالي غزة، في الوقت الذي تُجبر فيه إسرائيل سكان القطاع على النزوح جنوبًا فيما يُعتبر "تمهيدًا لتهجيرهم إلى دول الجوار".
ففيما يُدفع بأكثر من مليون فلسطيني للنزوح إلى جنوب قطاع غزة، بعد أن قُصفت بيوتهم وأُلقيت عليهم المنشورات التحذيرية، يبدو أنه لا يُراد لهم التوقف هناك، مع وجود خطة أكبر من ذلك قد تصل إلى حد "تهجيرهم".
وكان النائب السابق لوزير الخارجية الإسرائيلي داني أيالون قد أشار إلى ما وصفه بـ"امتداد شاسع، مساحة لا نهاية لها تقريبًا، في صحراء سيناء، على الجانب الآخر من غزة، كما حدث قبل بضع سنوات، مع اللاجئين السوريين الذين فرّوا من مذابح الأسد".
فما هي السيناريوهات المحتملة بشأن الخطة لتهجير أهالي غزة، وما المصير الذي يواجهه المدنيون؟
تهجير قسري لسكان شمال القطاع
يُعد قطاع غزة شريطًا ضيقًا يحدّه من الغرب البحر الأبيض المتوسط، ومن الجنوب الغربي شبه جزيرة سيناء، ومن الشمال والشرق إسرائيل.
ينقسم القطاع إلى خمس مناطق إدارية رئيسية هي: مدينة غزة، ومحافظة شمال غزة، ومحافظة خانيونس، ومحافظة دير البلح، ومحافظة رفح.
والقطاع الفلسطيني المحاصر منذ17 عامًا، ويقطنه 2.2 مليون ساكن، يُدفع 1.1 مليون من سكانه للنزوح إلى جنوبه جراء القصف المتواصل على شمال القطاع.
وقد استخدم الاحتلال كل الوسائل الممكنة "لتشجيع" سكان القطاع على النزوح جنوبًا، فزعم إعادة إمدادات المياه إلى تلك المنطقة، وفتْح طرق مرور محددة واعدًا بـ"تجنب الهجمات" هناك، وهي وعود لم يف بها.
إذًا، نحن أمام سيناريو يتضمّن تهجيرًا قسريًا لسكان شمال القطاع، الذي يمتد لـ19 كم ويُعد الأكثر كثافة سكانية، إلى منطقة طولها 22 كم مكتظة أيضًا بالسكان، ويوجد فيها أكثر من 250 شخصًا لكل 100 متر مربع في العديد من الأماكن.
كما يصل العدد إلى أكثر من 400 شخص لكل 100 متر مربع في مخيم اللاجئين.
والمنطقة تضم عشرات البلدات والأحياء والمخيمات وعدة مدارس تابعة لوكالة الأونروا، التي قالت إنه "لا مكان" لاستقبال مزيد من النازحين بعد عملية نزوح "غير مسبوقة" شهدتها.
إلى ذلك، تنتهي المنطقة المشار إليها عند مخيم رفح المحاذي للحدود المصرية، حيث المنفذ البري الوحيد لسكان قطاع غزة.
وتبرز هنا المعضلة الأكبر والسيناريو الذي رفضته العديد من الدول العربية، وسط الحديث عن خطة لتهجير أهالي غزة. إذ يحاول الاحتلال دفع سكان غزة للنزوح الجماعي إلى مصر، وهو الأمر الذي لم يخفه المسؤولون الإسرائيليون، سواءً بالتلميح أو التصريح.
رفض لخطة لتهجير أهالي غزة
تُعد مصر البلد العربي الوحيد الذي له حدود مع قطاع غزة؛ تبدأ من البحر الأبيض المتوسط وتنتهي عند معبر كرم أبو سالم.
وكان دَفْعُ الفلسطينيين إلى داخل الحدود المصرية في شمال سيناء قد حدث مرتين سابقًا: الأولى في 2005 وعبر خلالها 100 ألف فلسطيني.
أما المرة الثانية فكانت في العام 2008، حين عبَر 750 ألف فلسطيني الجدار الفاصل بين مصر وغزة للحصول على مؤن من الغذاء والوقود. ولم يستمر وجودهم حينها سوى أسبوع قبل أن يعودوا أدراجهم إلى القطاع المحاصر.
لكن منذ سنوات تغيّر المشهد في المنطقة الحدودية، بعد أن أخلت مصر منطقة رفح من 100 ألف من سكانها خلال حربها على التنظيمات المسلحة بين عامَي 2014 و2022.
إلى ذلك، تزايد الضغط على مصر لاستقبال نازحين من غزة. فبعد يوم واحد من بدء العدوان عقد محافظ شمال سيناء اجتماعًا طارئًا، دعا فيه إلى الاستعداد لأي طوارئ، وحصر الإمكانات المتاحة، وكذلك المدارس والوحدات السكنية والأراضي الخالية، لاستخدامها أماكن إيواء للنازحين، حال الحاجة.
ونقل موقع "مدى مصر" عن مسؤول في الديوان العام للمحافظة قوله "إن الاجتماع تضمّن عرض خطة ستطبقها المحافظة حال صدور تعليمات، بنصب خيام في مدينتَي الشيخ زويد ورفح المصرية".
ووسط الحديث عن خطة لتهجير أهالي غزة، يعاني سكان القطاع من هجوم وُصف بأنه "إبادة جماعية"، بينما يُحدَّد مصيرهم من دون مشاورتهم.
ويظل العديد منهم حذرين بل رافضين لفكرة النزوح، خوفًا من "نكبة جديدة" وتكرار سيناريو عام 1948.