تنحصر الانتخابات الأميركية بالنسبة للعالم في تحديد هوية الشخصية التي ستنتقل إلى البيت الأبيض، لكن العديد من الأميركيين يرون بأن المعركة من أجل السيطرة على الكونغرس لا تقل أهمية عن الاقتراع الرئاسي، فيما يبدو هذه المرة بأنها لن تُحسم حتى اللحظة الأخيرة.
وبينما تتسلّط كل الأضواء على السباق الرئاسي مع اقتراب يوم الخامس من الشهر المقبل، ستحدد مئات دوائر الكونغرس في أنحاء البلاد إن كان الرئيس المقبل سيحصل على حكومة موحّدة مكرسة لتطبيق أجندته أم أن سياساته ستصطدم بطريق بيروقراطي مسدود.
"قلعة الديمقراطية"
والكابيتول الأميركي، الذي يعد "قلعة الديمقراطية" والمطل على منتزه "ناشونال مول"، منقسم بين مجلس النواب حيث يجري الاقتراع على جميع مقاعده البالغ عددها 435 ومجلس الشيوخ المكوّن من 100 مقعد، يجري الاقتراع على 34 منها.
ويتولى المجلسان صياغة القوانين والإشراف على باقي فروع الحكومة، لكنهما يحملان أهمية بالغة جدًا بالنسبة للشؤون الدولية إذ يحددان ميزانية الدفاع وينظّمان التجارة والرسوم الجمركية ويخصصان المساعدات للخارج.
في آخر مرة كان المرشح الجمهوري دونالد ترمب في السلطة، منعه الكونغرس من المضي قدمًا في خفض موازنة وزارة الخارجية وإلغاء برنامج "أوباماكير" للتأمين الصحي. ويمكن للنواب بأن يقفوا في طريقه مجددًا إذا عاد إلى المكتب البيضاوي.
وتعد فرص الحزبين الديمقراطي والجمهوري الساعيين للسيطرة على الكونغرس متقاربة للغاية قبل شهر من موعد الانتخابات.
وتبدو السيطرة على مجلس النواب غير محسومة، إذ يرجّح بأن ينتقل مجلس الشيوخ بفارق ضئيل للغاية إلى الجمهوريين، نظرًا إلى خارطة الانتخابات الصعبة التي يواجهها الديمقراطيون.
ويحظي حزب كامالا هاريس الديمقراطي، منافسة ترمب في الانتخابات الرئاسية، بأغلبية في مجلس الشيوخ بمقعد واحد فقط، لكنه يدافع عن حوالي ثلث المقاعد التي يجري الاقتراع عليها.
وبعض هذه المقاعد في ولايات هيمن فيها ترمب مرّتين وخمسة في ولايات متأرجحة حيث لا يخشى الناخبون من تبديل ولاءاتهم لأي الحزبين عندما يحل موعد الانتخابات.
عجز تلقائي
ويبدأ الديمقراطيون في مجلس الشيوخ ليلة الانتخابات بعجز تلقائي بمقعد، إذ لا فرصة لديهم للاحتفاظ بمقعد المعتدل المتقاعد جو مانتشين في غرب فيرجينيا، إحدى الولايات الأشد تأييدًا لترمب.
ويأمل الديمقراطيون بموازنة أي خسائر عبر إطاحة ريك سكوت عن فلوريدا الذي تراجعت صدارته بأربع نقاط، أو تيد كروز المتقدّم بخمس نقاط فقط والذي يواجه خطر إلغاء سيطرة حزبه المتواصلة منذ نحو ثلاثة عقود على تكساس.
ويراهن الديمقراطيون على حشد استفتاء بشأن الإجهاض التأييد لهم في فلوريدا، رغم أن الغضب بشأن القيود التي قادها الجمهوريون على الرعاية الصحية المرتبطة بالإنجاب لم تؤثر على التأييد للحزب في الولاية في انتخابات منتصف المدة الرئاسية عام 2022.
وكانت مناظرة نائب الرئيس الأميركي، تركزت الثلاثاء الفائت على الخلافات السياسية بين الديمقراطي تيم والز والجمهوري جيه.دي فانس.
واشتبك المرشحان بشأن أزمة الشرق الأوسط والهجرة والضرائب والإجهاض وتغيّر المناخ والاقتصاد، فيما شهدت المناظرة قليلًا من الهجمات الشخصية.
صوّر والز، الحاكم الليبرالي لولاية مينيسوتا الذي يبلغ من العمر 60 عامًا، وفانس (40 عامًا)، عضو مجلس الشيوخ الأميركي المحافظ عن ولاية أوهايو، نفسيهما على أنهما ينتميان إلى قلب الغرب الأوسط الأميركي لكن تتعارض وجهات نظرهما بشدة بخصوص مختلف القضايا.
أهمية في السباق الرئاسي
وضمن هذا السياق، قالت كورين فريمان من "ائتلاف المستقبل"، وهي منظمة تدعم الناشطين الشباب في أنحاء البلاد: إن "انتخابات الكونغرس هي بأهمية السباق الرئاسي نظرًا إلى أن الكونغرس يضع ويمرر القوانين التي تؤثر مباشرة على حياة الناس".
وأضافت أن "على العامة بأن ينتبهوا جيدًا نظرًا إلى أن الكونغرس يحدد التوجّه في مسائل رئيسية مثل الرعاية الصحية والتعليم وسياسة المناخ، إذ إن لديه عادة تأثير مباشر أكثر من القرارات الرئاسية".
وبينما تتوقع فريمان بأن ينجح الجمهوريون في السيطرة على مجلس الشيوخ وبأن تكون نتائج المعركة من أجل مجلس النواب متقاربة للغاية، إلا أن "ثلاثية" ديمقراطية تتمثّل بالسيطرة على الكونغرس كاملًا والبيت الأبيض ما زالت ممكنة.
وتعد انتخابات مجلس النواب انعكاسًا أكثر مصداقية للمزاج السياسي السائد في الولايات المتحدة من انتخابات مجلس الشيوخ، إذ يتم تغيير النواب كل عامين بينما لا يجري الاقتراع على مقاعد مجلس الشيوخ إلا كل ست سنوات.
وسحق الديمقراطيون في مجلس الشيوخ الجمهوريين في جمع الأموال وطرحوا ما يكفي من المقاعد للانتخابات لمنح أنفسهم فرصة جيدة لتغيير المعادلة مع سيطرتهم حاليًا على 212 مقعدًا مقابل 220 للجمهوريين، مع وجود ثلاثة مقاعد فارغة.
كما تمكنوا من الترويج للإنجازات التي حققوها في جولات انتخابية أخرى، عبر الإشارة إلى أن الولاية الأخيرة في مجلس النواب بقيادة الجمهوريين والتي تخللتها خلافات داخلية، كانت من بين الأكثر فشلًا والأقل إنتاجًا في تاريخه على مدى 235 عامًا.